في الوقت الذي تغلي فيه باريس بالاحتجاجات الشعبية المشروعة، مازالت الحملة الشعواء المتصاعدة من قبل تركيا ضد السعودية مستعرة، فبعد قضية الصحافي الراحل تبنت الحكومة التركية سياسة غريبة لم تعتدها دول الخليج العربية تقوم على زيادة الضغط الإعلامي من أجل الابتزاز السياسي، وهو ما يعكس حالة من الوهم والتناقضات.

احتفى البعض بتركيا خلال السنوات الأخيرة، واعتبر سياساتها عودة لإحياء الخلافة الإسلامية وأمجادها، لكنه تناسى تناقضاتها، وتناسى علمانيتها التي يحميها الدستور، ويمنعها من القيام بدور رائد في العالم الإسلامي. كما أن سياساتها تتناقض مع دورها الموهوم، فهي تحاول الظهور بتبني قيم العدالة والسلام، لكنها لا تنصف حقوق المسلمين الأكراد على أراضيها. كيف تتبنى قيم السلام وهي التي تحتل أراضي واسعة من سوريا والعراق، وتهيمن على مفاصل الدولة القطرية؟! كيف تتبنى محاربة الإرهاب، ونتذكر جيداً أن قيادات وكوادر داعش عبروا عبر أراضيها للانضمام إلى هذا التنظيم الإرهابي؟!

توقعنا أن تكون السياسة التركية إيجابية ومتفاعلة مع قضايانا، لكن من الواضح أن هناك أجندات خفية بدأت تتكشف منذ فترة، وواضح أن السعودية في دائرة الاستهداف التركي.

من المستغرب أن نرى التضحية التركية بالعلاقات مع دول مجلس التعاون، وتحديداً مع السعودية مقابل تحقيق أجندات ضيقة لا تسمن ولا تغني من جوع. وإذا كان هذا الموقف التركي من السعودية، فعلى أنقرة أن تتذكر جيداً سيناريو واضحاً أمامها قد يتسبب لها ببعض القلق، عندما تصل المسألة إلى اتخاذ موقف اقتصادي مشترك من دول مجلس التعاون بشكل جماعي أو منفرد، نتحدث عن سحب استثمارات خليجية، والتخلي عن أكثر من نصف مليون عقار في الأراضي التركية يملكها خليجيون. ماذا سيكون موقف حكومة أردوغان حينها؟

لا تهمنا الأوضاع الداخلية في تركيا، فهي ليست من شؤوننا، لكن يهمنا الابتزاز السياسي التركي للسعودية بصور متعددة، لأنه ابتزاز سافر وغير مقبول تماماً.

ونحن إذ نرفع شعار «كلنا السعودية»، فإننا نعني فعلاً أننا في البحرين حكومة وشعباً مع السعودية في السراء والضراء، ولن نقف ونصمت إزاء من يهاجم الرياض ومكتسباتها أو سياساتها أو مواقفها أو مصالحها. «كلنا السعودية» شعار دولة، وشعار حكومة، وشعار شعب، وشعار صحيفة.