لايزال البعض يجيز لنفسه ما يحرمه على غيره، وهذا ما نلاحظه جلياً في ردود الأفعال على اختيارات لاعبي المنتخبات الوطنية، ولعل المنتخب الوطني لكرة القدم أبرز مثال على هذه الجدلية.

ففي الوقت الذي يتم فيه استنكار تدخل مجلس إدارة اتحاد الكرة في اختيار اللاعبين نجد أن أصواتاً أخرى من خارج الاتحاد سواء من عامة الجماهير أو حتى من بعض المحسوبين على الإعلام الرياضي ووسائل التواصل الاجتماعي يطالبون بضم أسماء يرون من وجهة نظرهم أنها تستحق التواجد ضمن قائمة المنتخب، وهم بذلك يجيزون لأنفسهم ما كانوا يحرمونه على مجلس إدارة الاتحاد!

اختيار قائمة المنتخب هو من صميم عمل ومسؤولية الجهاز الفني باعتباره الجهاز الذي سيتحمل المسؤولية في حالة الإنجاز أو الإخفاق، وهو المسؤول أمام مجلس الإدارة، وكل ما يطرح خلاف ذلك لا يتجاوز كونه آراء أو وجهات نظر شخصية، بعضها قائم على تحليل فني ومنطقي، وبعضها قائم على أساس عاطفي وانتمائي!

هذه الجدلية ليست بجديدة على وسطنا الرياضي، فنحن عايشناها منذ أواخر الستينات من القرن الماضي وتحديداً منذ أن تعاقد اتحاد الكرة آنذاك مع أول مدرب محترف يقود منتخبنا الوطني، وهو المدرب المصري حمادة الشرقاوي رحمه الله.

في الآونة الأخيرة زادت حدة التعاطي مع قضية غياب حارس مرمى نادي المحرق والمنتخب الوطني السابق السيد محمد جعفر عن قائمة «الأحمر» التي تستعد لخوض نهائيات كأس أمم آسيا التي ستحتضنها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة الشهر المقبل، خاصة بعد تألق السيد في المباريات الثلاث الأخيرة بعد عودته من الإصابة.

الغريب في الأمر أن السيد محمد جعفر قال لموفد قناة البحرين الرياضية بعد تأهل المحرق إلى الدور قبل النهائي بالركلات الترجيحية على حساب المنامة، بأنه لا يتوقع أن يستدعيه التشيكي «سكوب» في المرحلة القادمة وأنه يعتقد بأن أسباب غيابه عن القائمة شخصية وليست فنية!

تصريح يوحي بأن ثمة مشاكل سابقة لاتزال عالقة بين الطرفين وتحتاج إلى تدخل إداري لإذابتها، وللتأكد من أن عملية اختيار اللاعبين تتم وفق معايير فنية وبدنية وسلوكية بعيدة عن أي خلافات شخصية!

نحن نتحدث عن منتحب الوطن لا عن منتخب فلان وعلان من الناس، وأن من يتمتع بمعايير التمثيل الوطني وفق ما يراها الجهاز الفني، هم من يستحقون ارتداء قميص المنتخب، وهم من سيتحملون مسؤولية الإنجاز أو الإخفاق.

محصلة القول، إن منتخبنا الوطني بدأ مرحلة التحضير الأخيرة لنهائيات آسيا بالقائمة التي أعلنها الاتحاد مؤخراً مع بقاء الباب مفتوحاً لمن قد يحتاجه «سكوب» قبل انتهاء فترة التسجيل النهائية، وقد نرى السيد محمد جعفر وعبدالوهاب المالود وراشد الحوطي وهم يعودون لتمثيل الأحمر كما حدث مع المهاجم محمد الرميحي، ولكننا في نهاية الأمر يجب أن نؤمن بمسؤولية المدرب في هذا الجانب ونحترم كل قراراته، وعلينا جميعاً أن نؤازر منتخبنا ونوفر له الأجواء الهادئة في هذه المرحلة التحضيرية الهامة.