لندن - كميل البوشوكة

تسببت قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" في إثارة سجال حاد بين رئيس الوزراء البريطاني السابق العمالي توني بلير، ورئيسة وزراء بريطانيا الحالية المحافظة تيريزا ماي.

ووجه بلير انتقادات حادة لماي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، مؤكدا أن "ماي بحاجة إلى إجراء استفتاء آخر"، واتهم ماي بأنها "تتصرف بعدم مسؤولية"، فيما اتهمته الأخيرة "بالتحريض على إجراء استفتاء ثان حول انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".



وتصادم بلير مع ماي حينما اتهمت الأخيرة الأول بأنه يقوض محادثات الطلاق بين بلادهما والاتحاد الأوروبي، بحديثه الدائم عن ضرورة إجراء استفتاء ثان، موضحة أنه "إهانة للمكتب الذي كان يشغله في السابق"، في إشارة إلى منصب رئيس وزراء بريطانيا، وفقا لقناة "سكاي نيوز" البريطانية.

من جانبه، رفض بلير اتهامات ماي، وقال إنه "يتصرف من أجل المصلحة الوطنية للمملكة المتحدة". وجاء هذا الخلاف في الوقت الذي اضطر فيه اثنان من أقرب مساعدي رئيسة الوزراء إلى إنكار مزاعم بأنهما يخططان لاستفتاء جديد على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

وأضاف بلير أن "وصف مثل هذه الكلام من رئيسة الوزراء حول إهانة المكتب الذي شغلته في السابق هو وصف غريب لما ستكون عليه الفرصة لتوجيه البرلمان لكيفية المضي قدما". وقال زعيم حزب العمال السابق إنه "من الواضح تماما أن الشعب البريطاني وبرلمانه لن يتوحدا وراء صفقة رئيسة الوزراء البريطانية حول "بريكست"، ولهذا أجبرت على سحب التصويت الأسبوع الماضي".

وقالت ماي "إن قيام توني بلير بزيارة بروكسل والعمل على نسف مفاوضاتنا عبر الدعوة إلى إجراء استفتاء ثان، يعتبر إهانة للمركز الذي تسلمه وللشعب الذي خدمه".

وتابعت "لا نستطيع نحن، كما يفعل هو، التخلي عن المسؤولية تجاه هذا القرار". وسبق أن كررت ماي القول مرارا إنها ترفض إجراء استفتاء ثان حول بريكست، الأمر الذي تدعو إليه أحزاب معارضة وقسم من حزب العمال وشخصيات مستقلة.

ورد بلير على كلام تيريزا ماي قائلا إن "الأمر غير المسؤول هو محاولة إقناع النواب عنوة بالموافقة على اتفاق يعتبرونه صراحة سيئا عبر التهديد بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق".

وجاء رد بلير في تغريدة على حساب مؤسسة توني بلير للتحليل التابعة له.

وتؤكد ماي دائما أنها تسعى للتوصل إلى اتفاق جيد للمملكة المتحدة. وقد توصلت إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بعد 17 شهرا من المفاوضات الصعبة، إلا أنها لا تزال ترغب في الحصول على "ضمانات" لإقناع النواب البريطانيين بالموافقة على هذا الاتفاق.

وقالت ماي "لم أتخلف أبدا عن القيام بواجباتي، أي العمل على التقيد بنتيجة الاستفتاء" الذي أجري في يونيو 2016 وصوت خلاله 52 % من البريطانيين مع خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي.

إلا أن بلير المعارض لـ "بريكست"، يعتبر أنه "لا الشعب ولا البرلمان مستعدان للتوحد وراء اتفاق رئيسة الحكومة".

ويدعو بلير إلى قيام البرلمان بالتصويت على خيارات عدة، بينها الاتفاق الذي توصلت إليه ماي مع الاتحاد الأوروبي. وقال في هذا الصدد "في حال عجز النواب عن التفاهم، الأمر المنطقي هو إعطاء الكلمة مجددا للشعب".

وكان بلير يتحدث في لندن بينما كانت تيريزا ماي تلتقي القادة الأوروبيين في بروكسل.

وقالت ماي أيضا "كثيرون يعملون على نسف عملية بريكست للدفاع عن مصالحهم السياسية الخاصة، بدلا من التحرك من أجل الصالح العام".

ونقلت عدة وسائل إعلام بريطانية أن العديد من أعضاء الحكومة وبينهم الرجل الثاني فيها ديفيد ليدينغتون يعملون وراء الكواليس لصالح إجراء استفتاء ثان.

ونفى غايفين بارويل رئيس مكتب تيريزا ماي عبر تويتر هذه الشائعات، في حين طلب ليدينغتون العودة إلى تصريحاته أمام البرلمان الثلاثاء عندما أعلن أن نتيجة الاستفتاء الثاني "ستكون بالتأكيد مصدر انقسامات ولن تؤدي إلى إنهاء الجدل الحالي".

كما تطرق وزير الخارجية جيريمي هانت إلى الانقسامات المحتملة التي قد تحدث في حال إجراء استفتاء ثان وذلك في مقابلة مع الصنداي تايمز.

إلا أنه أعلن من جهة ثانية أنه في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق فإن المملكة المتحدة ستكون قادرة على "الازدهار"، حتى و"لو أننا لن نكون قادرين على التأكيد بأنه لن تكون هناك مطبات".

كما ألمح هانت أنه قد يكون مهتما بتسلم منصب رئاسة الحكومة بعد أن أعلنت تيريزا ماي بأنها ستتخلى عن منصبها قبل الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة في عام 2022.