جلسة مجلس النواب الأولى يوم أمس شهدت تفاعلاً شعبياً على مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضاً عمليات نشر واهتمام من الصحف المختلفة، كونها أول جلسة، إضافة لتطرقها لمواضيع هامة على رأسها موضوع ضريبة القيمة المضافة.

ربما تتنوع انطباعات الناس وهم الناخبون الذين أوصلوا النواب لكراسيهم بأصواتهم تجاه الجلسة الأولى، ما بين غير مستعجل في الحكم منذ البداية، وما بين المنتقد لموقف بعض النواب في التصويت على مقترح تأجيل القيمة المضافة، وهذا حق للجميع من باب حرية التعبير.

انطباعاتنا الأولية التي لن نندفع فيها ولن نستعجل، نبينها بالشكل التالي:

أولاً، يسجل للنائبة الدكتورة معصومة عبدالرحيم موقفها مع إحياء ذكرى شهداء الواجب، وطلبها الوقوف دقيقة حداد على أرواحهم التي بذلوها من أجل الوطن وأهله، وإلحاحها على قيام النواب بهذه الوقفة، وبيانها بوضوح بأنها أبسط وأقل شيء من الاحترام والتقدير الذي يقدمه النواب لهؤلاء الأبطال. بالتالي تستحق الدكتورة معصومة الشكر والتقدير على هذا الموقف.

ثانياً، ما يتعلق بالمشاريع والقوانين التي ورثها المجلس من سابقه، والتي عددها يصل لـ 60 مشروعاً بقانون، وهي التي تحدثنا عنها سابقاً بشأن مصيرها، وهل ستلغى ويتم تصفير عداد المشاريع العالقة، أم سيتم البت فيها؟! وهل سيبني النواب حراكهم على أساس عدم تكديس المشاريع والمقترحات وزيادتها بنسبة غير قابلة للاحتواء والتعامل؟!

هنا عملية إعادة القوانين وتحويلها للجان والجهات المعنية بالتشريع في المجلس، أمر إيجابي، حتى لا ترمى هذه الجهود، وحتى يتم بحثها وتقنينها والخلوص للمفيد واللازم والمستعجل منها. وهذه نقطة ثانية إيجابية تبشر بالخير.

ثالثاً، طلب بعض النواب إلغاء وسحب بعض الشكاوى التي قدمها المجلس السابق ضد أفراد، بسبب انتقادات وآراء قد تكون تجاوزت حدود اللباقة والاحترام، وخرجت عن إطار النقد المهني وتحولت لنقد شخصي. نراه طلباً موفقاً وإيجابياً، إذ مهم أن يبدأ المجلس الجديد عمله بفتح صفحة جديدة مع الناس، لكن هنا نشدد على مسألة هامة جداً يجب أن يدركها النواب، وهي أن ما يجعل الناس تنتقدك يا نائب بقوة وتقسو عليك حتى، هو أداؤك، فكلما كان أداؤك ممثلاً للناس، كان رضاهم هو معيار القياس لأنك تتحدث عن مشاكلهم وهمومهم. دون أن ننسى بأن ممارسة النقد ضروري أن تكون بأسلوب راقٍ يبتعد عن الإساءات وإيراد الألفاظ المسيئة، مؤكدين بأن شعب البحرين في غالبه واعٍ ومثقف ومدرك.

رابعاً، وهو الموضوع الذي حرك الشارع البحريني، وبدأ البعض يبين تخوفه من بدايات المجلس، وانتقد موقف 9 من أعضائه جاء مخالفاً لموقف 31 نائباً آخر طلبوا تأجيل تطبيق قانون القيمة المضافة. وأعقب ذلك خروج المستشار القانوني بأمانة مجلس النواب السيد حسن العلوي بتصريح رسمي يوضح فيه بأنه لم يتم استلام طلب رسمي بهذا الخصوص، وموضحاً بأن الضريبة صدرت بقانون فإنه لا يجوز تعديل قانونها أو وقفه عن طريق «اقتراح برغبة»، الأمر الذي يفهم بأن القانون لا يوقفه إلا قانون.

هنا مهم أن تتضح الصورة بشكل أفضل بشأن آلية استخدام الأدوات الدستورية التي يملكها النواب، ورغم ذلك، مهم تسجيل التقدير لموقف النواب الذين رأوا ضرورة تأجيل التطبيق لبحث الموضوع بشكل أكثر، مع ضرورة معرفة مبررات النواب الآخرين، وكل هذه المسألة أمور تدخل في إطار الممارسة الديمقراطية بشكل إيجابي.

وهنا مجرد اقتراح نورده بشأن القيمة المضافة، باعتبار أن القانون سيطبق كونه مرتبطاً باتفاقية خليجية، وترى فيه الحكومة التزاماً، إذ مطلوب أن يتحرك النواب في اتجاه المطالبة برفع رواتب المواطنين، وضمان الرقابة الصارمة على أية محاولات للتلاعب في أسعار السلع، والإصرار على أن تظل السلع التي أعلن بأنها معفية من الضريبة، أن تظل معفية، أي باستبعاد أية سيناريوهات مستقبلية تدخلها ضمن حزمة السلع المشمولة.

نتمنى لهذا المجلس أن يكون أكثر التصاقاً مع الناس وهمومهم، وأن يكون حامياً لحقوقهم، وأن يعمل لأجل مصلحة الوطن وأهله، وأن يبتعد عن الصدامات والاستعراضات الشخصية، تناقشوا واختلفوا بينكم وأيضاً مع الحكومة، لكن أديروا كل ذلك بطريقة تعزز الممارسة الديمقراطية، وتحقق للناس ما يتطلعون له.