القاهرة – عصام بدوي

رحل الفنان المصري حسن كامي منذ أيام، تاركا أعمالا فنية تخلد ذكراه وهي "أفلام ومسلسلات"، والأهم من ذلك تركه إرثا ثقافيا ضخما يضم أمهات الكتب ونوادر من التراث وكنوز ثقافية ومخطوطات ووثائق تاريخية من عصور مختلفة داخل مكتبته والمسماة بـ "المستشرق" الكائنة بمنطقة وسط القاهرة منذ مئات السنين.

ويرجع تاريخ المكتبة إلى القرن التاسع عشر الميلادي، إذ أسسها خواجة يهودي مصري يدعى "فيلدمان"، وجمع فيها أمهات الكتب عن مصر، لتكون مرجعا لمستشرقي الغرب في حالة البحث عن أي معلومات تخص مصر المحروسة، لذلك سميت بـ"المستشرق"، لكن مع مرور الوقت رحل الخواجة في أعقاب العدوان الثلاثي، تاركا المكتبة إلى أن آلت إلى أسرة الفنان حسن كامي.



وتحتضن "المستشرق" نحو 40 ألف عنوان لتستحق عن جدارة لقب "متحف الكتب"، بين كتب قيمة أصلية ولوحات فنية نادرة، بينها واحدة ضمن ثلاثة فقط حول العالم، ومخطوطات من كتاب "وصف مصر" الأصلي، بينما ظلت أسرة "كامي" تدير المكتبة إلى أن توفي قبل أيام، تاركا حالة من الجدل حول مصير تلك المكتبة، والجهة الفائزة بملكيتها.

وتضم المكتبة نسخة من مجموعة كتاب "بروس عن نهر النيل"، والمكون من خمسة أجزاء، وهى التي كُتبت في القرن الـ18، والتي تعتبر من أروع الكتب التي كتبت عن نهر النيل لاحتوائها على أسرار مجهولة وخطيرة عن نهر النيل، بالإضافة إلى كتب الاستشراق الأولى، والأطالس النادرة الخاصة بمكتبة "هاشيت" الفرنسية، والتي حرقت ودمرت في الحرب العالمية الثانية.

وعقب وفاة حسن كامي في 21 ديسمبر الجاري، دار جدل كبير بشأن ملكيتها بين محاميه الخاص وشقيقته، خصوصاً أن كامي رحل دون أن يترك زوجة أو أولادا، إذ توفيت زوجته نجوى في عام 2012، بعد أعوام من وفاة ابنهما الوحيد شريف.

وقد فجر عمرو رمضان محامي أسرة الفنان حسن كامي، أزمة ملكية المكتبة، وقال إنه "اشترى أسهما بتلك المكتبة من "كامي" قبل رحيله"، موضحا أنها "لها سجل تجارى وبطاقة ضريبية لبيع الكتب وليست متحفا أو بها مخطوطات أثرية".

وذكر المحامي في تصريحات للفضائيات المصرية، أن "من حق أي أحد شراء الكتب التي يفضلها من المكتبة، وأن الفنان الراحل لا يملك أكثر من 1% من أسهم المكتبة، وهناك شركاء آخرون".

وردًا على حديث المحامي، اتهمت أسرة الفنان حسن كامي "المحامي" بالاستيلاء على أملاكه بينها المكتبة، مؤكدين أنهم عندما توجهوا لفيلا كامي، فوجئوا ببلطجية يمنعوهم من دخولها، وأن الفيلا بيعت لعمرو رمضان محامي حسن كامي، الذي أخبرهم أن الراحل حين وفاته لم يكن يمتلك جنيها، فى حين أن سعر الفيلا يصل لـ17 مليون جنيه، وذلك بخلاف مجوهرات زوجته وسيارة "كامي"، على حد قول أسرته.

وأوضحت أسرة الراحل حسن كامي أنه أوصى بتسليم مكتبته إلى وزارة الثقافة بعد وفاته، وباسم زوجته الراحلة نجوى، ومن ثم تحدد الوزارة جهة توجهها سواء إلى مكتبة الإسكندرية أو دار الكتب، للحفاظ على نوادرها.

ودخل على خط حرب التصريحات البرلمان المصري، ليضع حلًا فاصلًا لأزمة المكتبة، حيث صرح النائب يوسف القعيد، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب المصري، أن الكتب واللوحات النادرة التي يمتلكها الفنان الراحل حسن كامي في مكتبته، هي ملك للدولة، وليس ملكاً للفنان وورثته.

وبالفعل وبعد تلك التصريحات، حسمت مكتبة الإسكندرية الاثنين الجدل الدائر حول المكتبة بعد أن وقعت عقد اتفاق مع ورثة الفنان حسن كامي، بشأن شراء مقتنيات مكتبة المستشرق التي كان يملكها الفنان المصري.

وقال الدكتور خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، "تم توقيع عقد اتفاق "وعد بالبيع" مع ورثة الفنان حسن كامي، بموجبه تستطيع مكتبة الإسكندرية الحصول على جميع مقتنيات مكتبة المستشرق من كتب وإصدارات ومطبوعات وخرائط ووثائق، بعد أن تؤول إلى الورثة".

وأعرب الورثة الشرعيون للفنان الراحل، عن "رغبتهم في أن تكون مكتبة المستشرق في خدمة مصر، وأن تصبح مقتنياتها النادرة تحت إدارة مكتبة الإسكندرية".

وكانت السلطات المصرية أغلقت الثلاثاء الماضي مكتبة "المستشرق" التي كان يمتلكها الفنان المصري الراحل حسن كامي، وجاءت هذه الإجراءات تنفيذا لقرار وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم، لحماية مقتنيات مكتبة الفنان الراحل خصوصاً أنها تضم مخطوطات وكتبا ووثائق نادرة.