تداولت مصادر إعلامية عدة خبر أن الجزائر تعكف على إعداد مقترح يخصّ عودة سوريا للجامعة العربية، ليتم طرحه على القمة العربية الثلاثين المرتقب عقدها في مارس المقبل بتونس. جاء ذلك وسط تفاعل عربي لافت مع سوريا وعودة سفارات خليجية وعربية إليها من بينها البحرين، غير أن أغلب المؤشرات تدل على أن ثمة أغراض وغايات أكبر كانت دافعاً للدول العربية لإعادة سفاراتها والدفع نحو استقرار سوريا من جديد.

تتجلى أبرز غايات الدول العربية في عودة استقرار سوريا، وضع حد للتدخلات الإقليمية والدولية بالشأن السوري، لوأد مصالح دول ذات طموح توسعي وجدت فرصتها في غياب العرب عن الساحة السورية فسعت بجشاعة كاشفة الرأس لتحقيق أطماعها وغاياتها وعثت فساداً في الداخل السوري وفي مجريات قضيته، حتى دخلت بقواتها وتمركزت في مواقع عدة بالبلاد عملاً بالمثل الشعبي القائل «سكتنا له دخل بحماره»، وكان لابد أن يكون للدول العربية في هذا السياق موقف واضح لوضع حد لهذا التمادي الصادر من قبل كل من تركيا وإيران على وجه الخصوص، ولعل أبرز ما يؤكد ما ذهبنا إليه هو استشاطة الإخوان المسلمين غضباً على عودة السفارات والدعوات المباشرة وغير المباشرة لإعادة إعمار سوريا واستقرارها، لأن في ذلك وأداً بارزاً للمصالح التركية هناك.

أيضاً يبدو أن الدول العربية ما زالت تتجرع ويلات ما يجري في العراق وتدفع ثمن ترك العراق باهظاً جداً، فكان قرار إعادة سوريا إلى الحضن العربي واحتوائها مجدداً ناتجاً عن خشية الوقوع في نفس الخطأ التي ضيّع العراق حتى اليوم وجعلها ألعوبة في أيدي ملالي إيران، بل وجعلها معقلاً للفساد الإيراني في الديار العربية وفي الخليج، ومنصة أقرب لمواقع أهدافها، فكان لابد من العمل على إعادة استقرار سوريا، يأتي إلى جانب ذلك أهمية حقن الدماء السورية، وحل كثير من أزمات سوريا التي انعكست على المجتمع الإقليمي والدولي عموماً كأزمة اللاجئين في دول عدة.

* اختلاج النبض:

هناك من يشكك في جدوى القرار الذي اتخذته دول عربية بعودة سفاراتها إلى سوريا، وهناك من يتهمها بخذلان القضية لا الدفع نحو حلحلتها على نحو إيجابي، ولكن أولئك المشككين قد باتت غاياتهم معروفة ومبرراتهم مكشوفة بما لا يدع مجالاً للشك. ومن أجل سوريا والسوريين والوحدة العربية وإعادة لمّ شمل العرب، فقد كان هذا القرار الصحيح.