يعاني القطاع العقاري في تركيا من أزمة خانقة وغير مسبوقة تُهدد بإفلاس أعداد كبيرة من المستثمرين فيه، وذلك على الرغم من محاولات الحكومة التركية منذ شهور تنشيط الاقتصاد المحلي ودعم القطاع العقاري، عبر تقديم تسهيلات وامتيازات لمشتري العقارات من الأجانب الذين يأتون بأموالهم من الخارج.

وكانت الحكومة التركية اتخذت قراراً قبل شهور يُتيح لمن يشتري عقاراً تبلغ قيمته ربع مليون دولار أميركي أو أكثر أن يتقدم بطلب الحصول على الجنسية التركية، هذا إلى جانب القانون السابق الذي لا يزال معمولاً به والذي يتيح لأي أجنبي يشتري عقاراً في تركيا مهما بلغت قيمته أن يحصل على الإقامة.



وبالرغم من هذه التسهيلات والقوانين التي تحاول جذب المستثمرين من الخارج وتشجيع المستثمرين في الداخل، إلا أن تقريراً بثته وكالة الصحافة الفرنسية بالإنجليزية ونشرته جريدة "ديلي ميل" البريطانية، استعرض واقعاً مأساوياً للقطاع العقاري في تركيا، مشيراً إلى أن "أعداداً كبيرة من الوحدات العقارية في البلاد لا تزال فارغة ومستثمروها مهددون بالإفلاس"، ومنها على سبيل المثال عقارات تتكون من سلسلة كبيرة من الفلل الفارهة في إحدى المدن الهادئة في شمال غربي تركيا لا تزال بانتظار المشترين الأجانب، حيث إنها جميعاً فارغة وتشكل ما يشبه "قصص الخيال بالنسبة للمستثمرين فيها"، على حد تعبير التقرير.

ويستعرض التقرير أسباباً عدة للركود الذي يضرب القطاع العقاري حالياً في تركيا بعد الطفرة التي شهدها في السابق، مشيراً إلى أن "الفوضى التي تشهدها المنطقة، إضافة الى الهبوط في قطاع الإنشاءات، فضلاً عن المتاعب التي يعاني منها #الاقتصاد_التركي بشكل عام والمخاوف من الانكماش"، كلها عوامل أدت إلى هذا التراجع الحاد في #القطاع_العقاري، وجعلت الكثير من المستثمرين مهددين بالإفلاس.

ويلفت التقرير إلى أنه "بعد مدة طويلة من النمو القوي للاقتصاد التركي، فإنه سجل نمواً بنسبة 1.1%، فقط في الربع الثالث من العام 2018، على أن العديد من الاقتصاديين يتوقعون أن ينزلق الاقتصاد التركي نحو الانكماش خلال العام الحالي 2019".

كما يقول التقرير إن تركيا انزلقت إلى أزمة جديدة في شهر أغسطس الماضي، حيث انهارت عملتها المحلية وسجل التضخم نسباً كبيرة تبعاً لذلك وارتفعت أسعار السلع والمواد الأساسية. وفقدت الليرة التركية أكثر من 28% من قيمتها أمام الدولار الأميركي خلال العام 2018، فيما لا تزال الأسواق في حالة من الشك والقلق حول قدرة الحكومة التركية أن تتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.

ويقول التقرير إن سلسلة الفلل الفاخرة التي لا تجد من يشغلها أو يشتريها والتي أصبح المستثمرون فيها مهددون بالإفلاس تقع في وسط مدينة "مودورنو" شمال غربي تركيا، وهي عبارة عن 732 فيلا مصممة على الطراز الأوروبي، إضافة إلى مركز تسوق، وهي جزء من مشروع عملاق بدأ العمل به في العام 2014.

أما الجهة المطورة لهذا المشروع العملاق فهي شركة "ساروت_غروب" العملاقة والتي طلبت مؤخراً حماية من الدائنين تمهيداً لإعلان إفلاسها، حيث جاء في التقرير أن هذه الشركة العملاقة ليست سوى واحدة من بين مئات الشركات العقارية في تركيا التي طلبت الحماية من الدائنين أو أعلنت إفلاسها بالفعل أو أنها تدرس القيام بذلك نتيجة الركود الكبير في السوق.

وينقل التقرير عن مزهر يلديرين نائب رئيس مجلس إدارة شركة "ساروت غروب" قوله إن طلب الحماية وإعلان الافلاس الذي تقدمت به الشركة سببه أن أعداداً كبيرة من المستثمرين توقفوا عن سداد الأموال المتعلقة بالوحدات العقارية، التي اشتروها في المشروع الذي تبلغ قيمته 200 مليون دولار، لافتا إلى أن شركته أنفقت على المشروع نحو 100 مليون دولار حتى الآن. وتابعت: "بعض عمليات الشراء تم إلغاؤها"، مشيراً الى أن "مستثمرين عرباً اشتروا 351 فيلا من هذا المشروع".

ويتراوح ثمن الفيلا الواحدة بين 400 ألف و500 ألف دولار أميركي، وهي مصممة معمارياً على الطريقة التي يرغب بها المشترون الخليجيون وبما يتناسب مع أذواقهم، ما يعني أن الشركة كانت تستهدف المشترين من دول الخليج والذين باتوا يعزفون هم أيضاً عن الشراء في تركيا.