* السعودية تقود دوراً عربيا في العراق هدفه مصلحة الشعب العراقي

* المسعى السعودي الإيجابي يستند إلى صوت "الأكثرية الصامتة" في العراق

* هناك من يرى اختيار الفياض لـ "الداخلية" نذير شؤم للحكومة العراقية



* سليماني يسعى الى فرض الفياض على الساحة بعد فشله في إعادة المالكي

* الفياض قدم خدمات أمنية كبيرة لطهران خلال عهدي المالكي والعبادي

* الشبهات تحوم حول قيادات السنة بالعراق حول ارتباطاتها الإقليمية الخارجية

* استفتاء الانفصال كان وبالاً على الأكراد وخرجوا منه متعبين وممزقين

وليد صبري

أكد الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان سماحة العلامة السيد د. محمد علي الحسيني إن "العراق أصبح خلال نحو عقد ونصف مضى مثل المركب الذي تتلاعب به أمواج الانقسامات والاختلافات الداخلية وتناقضات النفوذ والتدخلات الخارجية"، مشيراً إلى أن "إيران تقف وراء ضعف وانقسام البيت الشيعي بالعراق على نفسه، وهذا يعود لأسباب ذاتية داخلية وخارجية"، مشدداً على أنه "لا يبدو أن البيت الشيعي قوياً ومتماسكاً بل إنه في وضع غير مريح لم يكن قد شهده منذ انطلاق العملية السياسية".

ولفت العلامة د. الحسيني في تصريحات لـ "الوطن" الى "الدور العربي المشكور في العراق والذي تقوده المملكة العربية السعودية بشكل خاص، والذي من أهم معالمه أنه دور يحرص على مصلحة العراق والشعب العراقي ولا يسعى من أجل الحصول على مكاسب سياسية أو على نفوذ كما الحال مع دول أخرى، بل إنها ترى في عودة العراق إلى الحضن العربي بإمكانه أن يعيد إليه الكثير من أسباب العافية والعودة تدريجيا إلى دوره المعهود، والذي يبعث على التفاؤل كثيرا".

وشدد العلامة الحسيني على أن "هذا المسعى السعودي الإيجابي لم ينطلق من فراغ بل إنه يستند على صوت "الأكثرية الصامتة" في العراق والتي ترى في ان ابتعاد العراق عن العرب هو الذي قاده إلى هذا المنعطف الخطير، فالعرب لم يرغبوا يوما بتمزيق العراق واستغلاله وسلب ونهب خيراته أو جعله قاعدة نفوذ أو موطئ قدم عسكري، والعرب كما شهدت العقود التي سبقت الاحتلال الأمريكي للعراق، كانوا دائماً حضن خير وأمن وأمل للعراق، وهذه الحقيقة ستثبتها الأيام".

وقال إن "العملية السياسية - كما يسمونها في العراق - الجارية والتي تشهد أنماطا من عمليات الشد والتجاذب غير المسبوقة والمعهودة في أية دولة تدعي بأنها ديمقراطية تٶمن بالحرية بمٶسسات المجتمع المدني، تضعنا أمام مشاهد وحالات غريبة من نوعها ولا عجب من عدم وجود صورة واضحة للتحالف والتناسق والتعاون بين الكتل السياسية وإنما الدهشة في عدم وجود صورة واضحة للتناغم والتناسق داخل الكتل السياسية نفسها".

وذكر أنه "عند الحديث عن الأوضاع في العراق وما قد آلت إليه الأمور بعد قرابة 16 عاما على الاحتلال الأمريكي له وسقوط النظام السابق والذي سقطت معه العملية السياسية أيضا، فإن أكثر شيء وضوحا في العراق هو الضبابية في مختلف النواحي، ولا يجب التعجب إزاء ذلك في بلد صار يبدو كمركب تتلاعب به أمواج الانقسامات والاختلافات الداخلية وتناقضات النفوذ والتدخلات الخارجية".

ورأى العلامة د. الحسيني أن "بعض الكتاب العراقيين ومن فرط شعورهم وإحساسهم باليأس والتشاؤم من حالة التشرذم والاختلافات السلبية التي يعانون منها كعراقيين، يربطون حالة الانقسام والاختلاف هذه بأنهم محكومون بها تاريخيا، ولاريب في أن العراق الذي تتجاذبه قوى سياسية متشكلة من الشيعة والسنة والأكراد والتركمان والمسيحيين والإيزيديين واليهود وغيرهم محكوم بدور وتأثير ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وتركيا وروسيا لاحقا، ومن الصعب جداً أن يجد له من قرار واستقرار في خضم هذا المزيج غير المتجانس".

الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان كشف أن "البيت الشيعي في العراق المنقسم على نفسه لأسباب ذاتية وداخلية وخارجية، أثبتت عملية تشكيل حكومة عادل عبدالمهدي، شدة وقوة وظهور هذا الانقسام، على الرغم من أن إيران تبذل كل ما بوسعها لرأب الصدع في البيت الشيعي وجمع الفرقاء تحت سقف واحد شريطة تقديم الطاعة والولاء المطلق لها طبعا، لكن الذي يعمل على نجاحها في مهمتها هي أنها تعمل من أجل ذلك في ضوء ضمان مصالحها ونفوذها في العراق، كما أنها لا تستطيع إخفاء ترجيحها وميلها لطرف على آخر رغم أنها تعمل جاهدة لكي تبدو على مسافة واحدة من الجميع ولكن ما تقوم به وتفعله ليس بذلك الاتجاه أبدا".

وقال إن "الأزمة التي يبدو أن بطلها الظاهري هو المرشح لحقيبة وزارة الداخلية، فالح الفياض، حيث جرت وتجري المحاولات من أجل فرضه كوزير للداخلية، ولكن الدور الخفي المكشوف لطهران ورجلها القوي في العراق، هو قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، الذي يبدو أنه وبعد أن واجه فشلاً سابقاً في عملية إعادة رئيس الوزراء السابق ورئيس ائتلاف "دولة القانون"، نوري المالكي لولاية ثالثة، يريد أن يغطي على ذلك الفشل بفرض الفياض الذي لا مناص من القول بأنه قد قدم خدمات أمنية عميقة وكبيرة وكثيرة لطهران خلال عهد المالكي والعبادي على حد سواء".

وتابع العلامة د. الحسيني أنه "يبدو أن هناك على المستوى الدولي وحتى العراقي من يجد في اختيار الفياض بمثابة نذير شٶم للحكومة المشكلة أو الثقب الذي سيغرق سفينة الحكومة نفسها، مع ملاحظة أن إيران سعت أيضا لإرسال رسائل ذات مغزى من عملية الإقصاء والتهميش غير العادية التي تعرض ويتعرض لها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي والتي يمكن تفسيرها على أنها مرسلة لكل من يراهن على الدور الأمريكي في العراق أو يسعى للالتفات الى الوسط العربي".

وذكر أن "البيت السني المقسم والمشتت بين الإيرانيين والأمريكيين والعرب وتركيا وبين أنفسهم، يبدو أنه أضعف ما يكون، خصوصا وأن هناك تشكيك بالوجوه القيادية فيها والتي صارت الشبهات تحوم حول ارتباطاتها الخارجية والإقليمية".

وأوضح أن "أكثر شيء يلفت النظر في البيت السني أن ساسته يسعون من أجل مكاسب وامتيازات سياسية تماما كمعظم ساسة البيت الشيعي، ولا يبدو البيت الكردي بأفضل حال من الآخرين، خصوصا بعد خروجه متعباً وممزقاً بعد الاستفتاء الذي أجروه وانقلب وبالاً ضدهم حيث إن تلك العملية تشهد شد وتجاذب وإعادة توحيد صفوف وتحالفات من أهم معالمها الاختلافات الحادة بين حزب البارزاني وحزب الطالباني وكيف أن حركة التغيير التي هي في الأساس قد انبثقت عن حزب طالباني فإنها تلقي بكراتها في سلة حزب بارزاني، مع ملاحظة أن الأكراد كما السنة يسعون لنوع من المغازلة والمناورة مع إيران لأنهم يتخوفون من أمريكا التي قد تتخلى عنهم في أية لحظة ولا تستطيع أن تقدم لهم دعماً في الأوقات الحرجة".

وذكر أن "الاستفتاء الكردي وحيدر العبادي نموذجين واضحين بهذا الخصوص، لكن ومع أن إيران قد تبدو في الظاهر الطرف السياسي الإقليمي الأكثر حضوراً وتأثيراً في العراق، لكن لا مناص من الإقرار بأن الجميع بمن فيهم الشيعة أنفسهم لا يثقون بها كثيرا لكونها وكما أسلفنا تؤثر مصلحتها على أي شيء آخر".