يعد الأمن الوطني مطلباً أساسياً لجميع البشر، وهدف تسعى الأمم والشعوب للوصول إليه، كما إنه نعمة من الله، فقال الله سبحانه وتعالى «الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف»، «سورة قريش: الآية: 4». ويمثل الأمن الوطني ركيزة أساسية يتم من خلالها الانطلاق إلى آفاق التنمية والتطور والتعايش والتسامح واللحاق بركب الحضارة الإنسانية. وتعد مؤسسات المجتمع المدني إحدى ركائز المجتمعات الفاعلة، لإسهاماتها في رسم السياسات والخطط العامة على المستويين المحلي والوطني، عبر اقتراح البدائل والتفاوض عليها أو التأثير في السياسات العامة لإدراج هذه البدائل فيها، وتمكين المجتمعات المحلية في بناء القدرات وتنمية المهارات والتدريب بمختلف المجالات التنموية كصياغة البرامج التنموية وتنفيذها وتوسيع المشاركة الشعبية فيها. ولكن يبقي السؤال: ما مدى دور مؤسسات المجتمع المدني في ترسيخ الأمن الوطني ومكافحة الفكر المتطرف، وحماية نفسها من الاختراق أو الاستغلال من قبل منظمات خارجية منحرفة؟

شواهد: نجحت مملكة البحرين في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وحدت من منابر الفتنة عبر التشريعات الناظمة، وضربت بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن والمواطنين.

نعم: لقد انقضى عام 2018 بتراجع الجريمة الإرهابية والحد من تمويله، تماشياً مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، وذلك بالتعاون والتنسيق مع بعض دول الجوار والمجتمع الدولي. كما أن البحرين واجهة الطابور الخامس من شبكات تخابر المتسترين خلف منظمات دولية أو جمعيات سياسية أو حقوقية أو مهنية منحرفة. إن هذا التوصيف لا يشمل مؤسسات المجتمع البحريني القائمة على العمل الرصين ولكن نسلط الضوء على التحديات التي تواجهها البحرين والمجتمع الدولي عبر منظمات منحرفة.

ماذا نواجه اليوم؟

في ظل غياب الرؤية لمؤسسات المجتمع المدني يمكن القول إن هناك تهديداً يواجهنا من قبل شخصيات أو كيانات أو مراكز دراسات تقوم بحرف عمل تلك المؤسسات المتمثل في معالجة قضايا مدنية أو معيشية أو حقوقية إلى أن تكون مصدراً لبث خطاب الكراهية والتشكيك في جهود الدولة أو أن تكون مصداً لجمع المعلومات أو الاختراق، تحت مسميات عمل الدراسات أو بناء الشراكات المدنية.

ولعل بيان الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني الذي أهاب فيه المواطنين بعدم الاستجابة للمكالمات الهاتفية الواردة من أرقام محلية ودولية بشكل وهمي، من أشخاص أو جهات تدعي قيامها باستبيان لتقييم الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في المملكة خير دليل على ذلك.

لا يختلف اثنان على واقع حال مؤسسات المجتمع المدني في البحرين التي تفتقر المقرات المخصصة لها أو المواقع الإلكترونية التي يمكن أن تبرز رؤيتها ورسالتها وأهدافها، هذا بجانب عدم قدرتها على المشاركة في المؤتمرات الإقليمية والدولية إلا من خلال ترتيبات مسبقة قوامها نسبة الرضى أو القرب، أو تدشين أنشطة تواكب رزنامة برامجها وأنشطتها المجتمعية، لعدم قدرتها المالية. ولكل ذلك نرى اقتصار عملها على إصدار بيانات الإشادة أو تلك التي تتماشى ومناسبات الأمم المتحدة.

إلى من يهمه الأمر

السادة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية: في ظل غياب قياس الممارسات والأفعال والأنشطة والسلوكيات التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني لتفعيل الأمن الوطني سيؤدي بالتالي لضعف إسهامها وانحراف عملها عن الأهداف الوطنية. كما إن غياب الرقابة من قبل الجهات والدوائر المعنية لأنشطتها والوقوف على احتياجاتها سيؤدي إلى انحسارها أو سيترك الباب مفتوحاً أمامها للتشدق أو الاصطفاف بحسن أو سوء نية لبروز أهدافها أو نقل نشاطها أو استغلالها من قبل المتربصين بأمن وأمان المجتمع.