إن من أصعب المواقف اليوم هو الحصول على مواقف. ونقصد بالمواقف هنا «مواقف السيارات»، خاصة في مدينتي المنامة العاصمة والمحرق. فالمواقف في هاتين المدينتين تكاد تكون نادرة والحصول عليها بسهولة صار من رابع المستحيلات.

اليوم بإمكان صاحب أي متجر أو منزل أو عمارة أو حتى مستأجر، سواء كان بحرينياً أو أجنيباً، أن يحجز موقفاً أبدياً لسيارته لا يمكن لأي إنسان آخر أن يستفيد منه، حتى ولو كانت السيارة غير موجودة في الموقف المحجوز. للحصول على «بارك» أبدي، ما عليك سوى أن تزرع أمام منزلك ومحيطه عموداً حديداً صغيراً مقيداً بسلسلة حديدية طويلة وقفل كبير. هذه أدوات المخالفة، وهذا كل ما تحتاجه للاستحواذ على كل مواقف السيارات المحيطة بمنزلك من كل الجهات، وفي حال قام أحدهم بقطع العمود الحديدي -حتى لو كانت جهة رسمية كالبلديات- قام بشراء عمود آخر ليثبته هذه المرة بالإسمنت المقوى متحدياً البلديات وتحذيراتها.

نحن نقدر لأصحاب السكن في المناطق المزدحمة حاجتهم الملحة لمواقف ثابتة لسياراتهم الخاصة، وربما نقدر ونتفهم أن يحجز صاحب المنزل أو المتجر موقفاً واحداً لا أكثر قبال منزله أو مقابل «كراجه» خشية مضايقة أحد له وقت الخروج وهذا أمر يمكن أن نتسامح فيه جداً، لكن، أن يقوم المواطن ومن في حكمه بتسوير كافة «الفريج» بالسلاسل والطابوق والبراميل لكي يوقف سياراته وسيارة كافة أفراد أسرته وضيوفه وأهله وأصحابه فهذا ما لا يمكن قبوله.

مع كل الأسف وبسبب ليونة القرارات الرسمية وعدم حزمها الأمور المتعلقة بمخالفة حجز الساحات والأراضي العامة ومواقف السيارات، رأينا العجب العجاب. فقبل فترة وجيزة قمت بزيارة بيت والدي الواقع «بفريج الفاضل» بالمنامة. هناك حصلت ولله الحمد على موقف لسيارتي قبالة باب المنزل مباشرة. بعد قليل طرق أحد الآسيويين باب بيتنا وقال لمن هذه السيارة؟ فأخبروه بأنها تعود لي، فقال هل بالإمكان أن أكلمه؟ تخيلوا حين خرجت لمعرفة ما يريده هذا الآسيوي صدمت صدمة كبيرة، حين طلب مني أن أبْعد سيارتي من قبالة «منزلنا» وأركنها في أي مكان آخر لأنه اعتاد أن يوقف سيارته في ذات المحل كل يوم!!

هكذا تشجع قوانيننا المائعة الأجانب وغيرهم من الاستحواذ على مواقف السيارات المقابلة لمنازلنا، أما في حال لم نمتثل لأوامرهم كما حدث لي في إحدى المرات، فإن مصير سيارتك أن تعطب إطاراتها عمداً أو يقوم «راجو» بالخربشة على أبوابها بالمسمار.

في اعتقادنا الواقعي، لا يكفي أن تقوم البلديات بإزالة السلاسل الحديدية والأعمدة التي زرعها الناس من شوارع المنامة أو المحرق، بل يجب عليها أن تزيل كل الحواجز غير القانونية من الشوارع العامة وتقديم أصاحبها للنيابة العامة في حال قاموا بتكرار المخالفة، وإلا إذا لم تكن البلديات صارمة في هذا الأمر فإننا لن نستغرب أن يطرق علينا في عز نومنا صاحب «البيكب» أو الباص الصغير باب منازلنا ليقول لنا بكل صلافة ووقاحة «شيل سيارتك رفيق».