السلطة هي القوة المؤثرة في صنع القرار ورسم السياسات، وكثيراً ما تلعب المصلحة العامة أو الخاصة لجماعات أو منظمات أو أفراد دوراً هاماً في التأثير في الرأي العام، لذلك كما ذكرت في المقال السابق بأن هناك سلطات كثيرة تصنف أولويتها بحسب قوتها في التأثير في الرأي العام التي بدورها تؤثر في المجتمع وعلى الحكومة.

لذا تلعب الصحافة دوراً هاماً في التأثير في الرأي العام وكما ذكرت آنفاً فالصحافة هي السلطة الرابعة التي تستطيع أن تكون كالطوفان في طرح وحسم بعض القضايا المطروحة في الساحة، تزلزل بتحقيقاتها وبأخبارها مناصب وقيادات وكراسي جمة، لما تملك من قوة وتأثير في الرأي العام تعكس ذلك كقوى ضغط على الحكومات وعلى قادة الرأي، ولكن هناك من يحاول إضعاف السلطة الرابعة وبالأخص الصحافة العربية وتهميش دورها في توعية المجتمع أو «النبش» في قضايا قد يكون الفرد غافل عنها أو لا يعرف حقيقتها، ويحاول البعض زعزعة ثقة المجتمع في الصحافة عندما تدخل المصلحة الخاصة ما بين إظهار الحقائق أو جعل الشعب ينام في غفلة عن بعض القضايا الهامة أو المصائب التي تحاك ضده. تماماً كما قامت بعض القوى تدس سمومها في كيان الإنسان المتمثل في دينه وبالأخص الدين الإسلامي، فقد أخذ بعض في التشكيك في الدين وفي رجال الدين من أجل منحنى سياسي ما جعل الشباب «خاصة» في حالة تخبط وريب من دينه وأصبح على غير هداية يهيم دون هدف أو رسالة تحتضن أفكاره، تماماً كما يحدث مع الصحافة ومحاولة التشكيك في أهميتها وقوتها في المجتمع.

لذلك عندما هيمنت مواقع التواصل الاجتماعي على واقع الاتصال والتواصل بين الشعوب، أصبحت قوة خطيرة تفوق جميع السلطات بعدما أصبح الفرد «المواطن الصحفي» ينقل ويطرح القضايا التي تحتاج أن تفتح ملفاتها لإيحاد حلول إزاءها، وكأنها بذلك تؤكد على أهمية أن تبقى السلطة الرابعة متربعة على عرشها بعدما حاول البعض تهميش دور الصحافي والصحافة لمآرب كثيرة.

الصحافة تلعب دوراً رقابياً قوياً في المجتمع تماماً كما تلعب سلطة السلطات – السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية - الدور الرقابي، ولكن المجتمع بحاجة إلى دور الإعلام والصحافة لتسليط الضوء على ما تقوم به الحكومة والتطرق إلى الملفات الحرجة التي ربما السلطة التشريعية لا تفضل أن تتطرق لها أو لا تريد ذلك، مع أن من حق الفرد العادي الذي تأخذه موجة قادة الرأي وتسيره بحسب أجندتها أن يحاط بقوة مثل قوة الصحافة، حتى يستشعر أن هناك من يقف معه يرشده ويوعيه ويفتح له آفاقاً ربما لم تفتح له من قبل، وهنا يأتي دور الصحافة ليس للتلفيق أو التزوير أو «الفبركة»، وإنما فتح ملفات تحمل فيها المصداقية في تناول القضايا، حتى يكون الصحافي بمثابة المعين في طرح كل ما يمس المواطن والفرد. قوة الشعب هي السلطة التي تنبغي أن تكون، فهو باستطاعته – أي الشعب – أن يوجه السلطة التي تتقاعس عن تناول مشاكله، وعليه أن يتخذ من الصحافة السند والمعين في طرح القضايا، فالسلطة الرابعة تستطيع أن تخلق الاستقرار إذا ما أعطيت أدواتها الرقابية كحق وواجب على المجتمع.