يزداد الحديث يوماً في إثر يوم عن سعي النظام الإيراني إلى «سرقة عروبة اليمن» فما صحة هذا القول؟ طبعاً النظام الإيراني ينفي ويرد بكل بساطة بالقول بأنه لا مصلحة له في اليمن وأنه بعيد تماماً عن الذي يحدث في هذا البلد، وقد يقول أيضاً بأنه لا يعرف أساساً أين تقع هذه الدولة! لكن واقع الحال يؤكد بأن النظام الإيراني هو الداعم الأساس للحوثيين وأن الحوثيين من دون دعم هذا النظام يصيرون سريعاً في خبر كان.

النظام الإيراني أنشأ خلايا إرهابية في اليمن وأثار الصراعات الطائفية وتدخل في شؤون هذا البلد العربي الأصيل وتسبب في زعزعة أمنه واستقراره. هذا النظام وفر للعالم الإحساس بأن مشكلة اليمن ليست بين اليمنيين وإنما بين النظام الإيراني وبعض اليمنيين الذين يريدون سرقة حقه في اليمن وأنه لهذا السبب يدعم الحوثيين «الذين لن ينتبهوا إلى ما يرمي إليه هذا النظام إلا بعد أن تطير الطيور بأرزاقها».

النظام الإيراني أوصل للعالم فكرة أن الحوثيين شيعة وأن اليمنيين السنة يريدون أن يأكلوا حقهم في اليمن وأنه لهذا يجد نفسه مضطراً لدعم الحوثيين والانتصار للشيعة الذين نصب نفسه مسؤولاً عنهم وعن الشيعة في كل العالم! لهذا قام بتزويدهم بالصواريخ الباليستية بعيدة المدى وبكل أنواع الأسلحة وصولاً إلى الطائرات المسيرة ذاتياً والتي مثالها ما حدث أخيراً في الاستعراض العسكري الذي راح ضحيته أكثر من ستة من الضباط والجنود بينهم قادة كبار.

النظام الإيراني هرب الأسلحة إلى الحوثيين، وأرسل خبراءه إليهم ليبينوا لهم طرق استخدام تلك الأسلحة، وليس بعيداً أن عناصر من الحرس الثوري الإيراني موجودون حالياً في صنعاء ومدن يمنية أخرى ويقومون بمهمة تدريب الميليشيات.

منطقاً وواقعاً فإن كل ما قد يخطر على البال قام ويقوم به هذا النظام المختطف لثورة الشعب الإيراني، فهو يعتبر اليمن من مسؤولياته، وليس بعيداً أن يسمع العالم عبارة «يمن مال مو» مثلما سمع كثيراً عبارة «بحرين مال مو»، لهذا فإن القول بأن النظام الإيراني يقوم بسرقة عروبة اليمن قول صحيح بنسبة مائة في المائة ومن يقول بعكسه عليه أن يثبت بأن هذا النظام منشغل عن اليمن.

لمن لا يعرف العقلية الفارسية ومرامي النظام الإيراني أقول إن هذا النظام يعمل على استعادة الإمبراطورية الفارسية وعلى أن تكون طهران مركز المنطقة وتكون دول المنطقة كلها تابعة له، وهو من أجل تحقيق هذه الغاية يفعل كل شيء بما في ذلك الكذب والقول بأنه لا علاقة له بما يجري في اليمن ولا علاقة تربطه بالحوثيين وأن كل الذي يسمعه العالم ويراه في هذا الخصوص غير صحيح ومن ادعاء الدول التي تتخذ منه موقفاً وخصوصاً السعودية، وهو نفسه الذي قاله رداً على «الاتهامات» الموجهة له بشأن البحرين وبشأن دعمه لأولئك الذين أوهموا أنفسهم بأنهم قادرون على تسلم السلطة وأن الأمر لا يحتاج إلا إلى صبر ساعة.

النظام الإيراني كذب بشأن البحرين التي ظل يدعم «ثواره» فيها مالياً وإعلامياً وبكل السبل والإمكانات، وكذب بشأن سوريا التي ظل ينفي طويلاً وجود الحرس الثوري فيها حتى اضطر إلى الاعتراف بوجودهم هناك، وكذب بشأن العراق الذي صار يحكمه الملالي مثلما يحكمون سوريا، وكذب بشأن كل شيء كي يتمكن من السيطرة على كل شيء وأصدر لنفسه فتوى بأن كل ذلك كذب أبيض لا يؤثم عليه.

إن نظاماً مارس كل هذا الكذب لن يتوانى عن الكذب بشأن علاقته بالحوثيين ودعمه لهم ووجوده في اليمن وسعيه إلى سرقة عروبة هذا البلد، فالكذب ديدن هذا النظام وأداته التي لا يمكنه أن يعيش من دونها.