السياحة، قال عنها الاقتصادي بالفطرة والاجتماعي، ومحب البحرين الأستاذ المرحوم صالح شهاب، وهو رجل معروف بوطنيته، وعاشق لوطنه الكويت، أنها – مع أنه جاء في وقت مبكر – من أسباب نهضة البلدان الخليجية اقتصادياً وتنويع مصادر الدخل، لتقليص اعتماد الدول الخليجية على البترول كمصدر أساسي لميزانية كل دولة.

هذا الرجل أطلق دعوة نهضوية في الاقتصاد الكويتي، ألا وهي صناعة بلا مداخن، ويعني بها السياحة.

وفعلاً لاقت دعوته قبولاً لدى الحكومة الكويتية ورجال المال والأعمال الكويتيين، إلى جانب جميع أفراد الشعب الكويتي الذين يؤمنون بتنمية مواردهم الوطنية ولاقت قبولاً شعبياً ونجح أيما نجاح، ونشطت المساعي الخيرة، في تشجيع التجار الكويتيين على الاستثمار بهذا الجانب، والذي يمثل تنمية مستدامة، ورصعت الكويت بأبراج وعمارات ضخمة، تشرئب بأعناقها في الفضاء، هذه الأبراج والعمارات هي فنادق، ليست لسكن الزوار فقط والسواح، بل بيوت وقصور لعقد الاجتماعات الخليجية والقارية والدولية، وأيضاً أقنعت دولنا الخليجية بأن المؤتمرات الداخلية والعالمية ستجد واحة غناء، تغنيهم عن السفر إلى جنيف وغيرها من المدن الأوروبية فقط لعقد المؤتمرات الاقتصادية والعلمية وغيرها، وتوفر مبالغ ضخمة كانت ولازالت تصب في قنوات غيرها، تمدها بالأموال لخلق فرص عمل لأهل تلك الدول الحاضنة لمثل تلك المؤتمرات. رحم الله الأستاذ صالح شهاب الذي قرع جرس إيقاظ لنا، بأن في دولنا الخليجية والعربية أيضاً ما يتوافر من واحات تجذب إليها هواة عقد المؤتمرات على تنوعها ومستواها في أوروبا فقط؟!!!

شدني إعلان أو تقرير صادر عن هيئة البحرين للسياحة والمعارض يشير إلى ارتفاع السياحة الوافدة خلال العام 2018، حيث وصل عدد الزوار الى 12 مليون زائر أنفقوا 1.669 مليار دينار، متوقعاً أن يبلغ عددهم 14.6 مليون زائر بحلول العام 2022، وبمعدل إنفاق 1.993 مليار دينار، شكراً للشاب البحريني الطموح الذي يرأس هذه الهيئة، وإلى مزيد، حيث نقل التقرير إلينا أن نسبة مساهمة القطاع السياحي ستلامس 6.5% في الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2018، ليرتفع إلى 8.3% بحلول العام 2022.

لأترك الأرقام المحاسبية لأهلها، لكنني أتألم كثيراً عندما أرى هذا العدد الضخم من أبناء وعائلات بلادنا الذين يشدون الرحال لقضاء أقصر عطلة، وهي عطلة الربيع التي قد تتجاوز الشهر إلى الخارج، مع أن ما يتوافر في فنادقنا من وسائل الاستجمام والراحة والتكييف، وأسواق هذه الفنادق المتعددة الجنسيات، ما يدعونا إلى قضاء إجازاتنا في وطننا – السياحة المحلية – وتوفير مبالغ كبيرة من مصروفات السياحة الخارجية، والتي من أهمها أسعار التذاكر والتنقل من مكان سياحي إلى آخر باستعمال كل منا سيارته، والاطمئنان على أهلنا وبيوتنا ولو الإقامة فيها لمدة ساعتين في اليوم، ثم نعود إلى الفندق الذي نسكن فيه، كل حسب مقدرته المالية، ويستطيع كل منا التسوق وتناول وجبات الطعام في أي فندق، فالمطاعم والأسواق والتسوق فيها كلها مفتوحة لساكني الفندق أو السواح من الداخل والخارج.

منذ مدة، كنت في زيارة لدولة عربية شقيقة مشهورة بعوامل جذب سياحي لا يضاهى، ومن عادتي اذا سكنت في فندق استطلع ما يكتب على باب حجرة السكن من الداخل، أو يوضع في أحد جواوير الطاولة من تنبيهات ومعلومات وإرشادات، ووقع بصري على مذكرة من تلك المذكرات مفادها أن السائح الوطني يدفع نصف قيمة المبيت في الليلة، تلك اللفتة الكبرى وحق المواطن بالاستمتاع وأهله في هذه الفنادق، وما يتوفر في الدولة من أماكن سياحية تاريخية ومعارض عصرية، تجبر المواطن على قضاء عطلته القصيرة والمتوسطة المدى في بلاده وبين أهله، والتعرف على المتاحف والبيوت التاريخية التي توليها الجهة المسؤولة كل اهتمام، والوطن الآن أحوج ما يكون لكل دينار يصرف في الداخل فهو مساهمة في الدخل المحلي، ومن الواجب توجيه الشكر والامتنان لمن وضع اللبنة الأولى لتنشيط الاقتصاد ما قبل الاستقلال ومن بعد، صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، سائلاً المولى لسموه دوام الصحة والعافية وطول العمر ومواصلة بناء الوطن لخير المواطنين.

* مؤسس نادي اللؤلؤ وعضو بلدي سابق وناشط اجتماعي