لعل الوصف الأمثل للكلمة التي ألقاها وزير شؤون الإعلام علي بن محمد الرميحي في حفل افتتاح المؤتمر العام السادس لاتحاد الصحافة الخليجية الذي عقد الأحد الماضي في المنامة هو أنها «خارطة طريق» لو التزمت بها الصحافة الخليجية لتمكنت من خدمة العمل الصحافي الخليجي وخدمة الدول التي تنتمي إليها بشكل أفضل ولأسهمت بشكل فاعل في تطوير المجتمعات الخليجية كافة.

أول بنود تلك الخارطة هي العمل على «الارتقاء بالأداء المهني للمؤسسات الصحافية الخليجية، واحترامها للتشريعات الوطنية والثوابت الأخوية الخليجية والثوابت الإعلامية الحقوقية العربية والدولية»، وثانيها أن الارتقاء بالعمل الإعلامي الخليجي يوجب التحرك على مسارين أساسيين، الأول «إيجاد آليات عملية وعصرية للتعاون والتنسيق المشترك بين المؤسسات الصحافية الخليجية في مجالات التدريب ورفع الكفاءة المهنية وتبادل الخبرات الفنية والتقنية ونقل الاخبار ونشرها وتداولها بدقة وسرعة ومصداقية، وإنشاء مرصد خليجي لرصد أية تجاوزات أو مخالفات مهنية والرد عليها بوسائل فاعلة»، والثاني يتمثل في «مد جسور التواصل مع المنظمات والاتحادات الإقليمية والدولية المتخصصة في المجال الصحافي والإعلامي عبر استحداث لجان فاعلة في مجالات السياسة وحقوق الإنسان والعلاقات الدولية، والتحرك بشكل مواز مع القنوات الإعلامية الرسمية، إنطلاقاً من الشراكة في إبراز المنجزات التنموية والحضارية في دول المجلس وشعوبها، وتوضيح الحقائق والتصدي لأي حملات إعلامية مضادة تستهدف أي من دول المجلس». أما البند الثالث فهو الانتباه إلى أن «ما تواجهه دولنا الخليجية وأمتنا العربية والإسلامية من تحديات داخلية وتهديدات إقليمية ودولية تستهدف زعزعة أمنها واستقرارها وإشاعة الفرقة بين شعوبها والتدخل في شؤونها الداخلية» وأن هذا «يفرض علينا النهوض بدور المؤسسات الصحافية والإعلامية الخليجية، وأداء رسالتها السامية على أسس من المسؤولية والشفافية والأمانة والموضوعية».

في كلمته التي قال عنها رؤساء التحرير الذين شاركوا في المؤتمر بأنها أكثر من مهمة وينبغي «تفصيصها»، حسب تعبير بعضهم، دعا الوزير الرميحي اتحاد الصحافة الخليجية والمؤسسات الإعلامية إلى «تحمل مسؤولياتهم المهنية والأخلاقية والقومية في ترسيخ الانتماء والولاء الوطني وحماية المجتمعات الخليجية وصيانة وحدتها وتماسكها وأمنها القومي وهويتها الوطنية والدينية، ونشر قيم التسامح والتعايش بين جميع الأديان والحضارات والثقافات، ومكافحة التطرف والإرهاب ونبذ أي دعوات للفرقة أو التحريض على الكراهية والطائفية أو الدينية والعنصرية او العداوة أو المساس بكرامة الأشخاص الخاصة أو سمعتهم»، دون أن يعني هذا أن الصحافة الخليجية تفتقر إلى كل هذه الأمور أو تعمل خارج هذا الإطار، حيث القصد هو تنظيم الجهود وزيادة الحرص على تحقيق كل هذه الأمور مجتمعة، فما تمر به المنطقة من أحداث وتطورات، وما تتعرض له دول مجلس التعاون الخليجي من اعتداءات وتدخلات في شؤونها الداخلية يتطلب من الصحافة الخليجية التوقف لمراجعة ما تقوم به والتأكد من أنه يسهم في درء الأخطار عن بلداننا الخليجية. لكن، وبما أن هذا العمل لا تستطيع الصحف الخليجية القيام به وحدها خصوصا في هذه المرحلة التي تعاني منها معظم المؤسسات الصحافية أو ربما كلها من صعوبات مالية أدت إلى استغنائها حتى عن بعض من لا ينبغي التفريط في خبراتهم، لذا فإن على حكومات دول المجلس أن تولي موضوع الصحافة أهمية أكبر وتدعم هذه المؤسسات لتتمكن من الإسهام بشكل أفضل في تعزيز التعاون والوحدة بين الدول الخليجية، ومساندة اتحاد الصحافة الخليجية وتبني أنشطته وفعالياته كونه الإطار الذي يجمع المؤسسات الصحافية الخليجية ويمكن العمل من خلاله بسهولة ويسر.

مسؤولية دعم المؤسسات الصحافية الخليجية واتحاد الصحافة الخليجية تمتد إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون التي بإمكانها مساعدة الصحافة الخليجية على تنفيذ كل ما جاء في «خارطة الطريق» التي بينتها كلمة الوزير الرميحي.