رفع الدعم في البحرين أصبح ككرة الثلج التي لم تتوقف عن التدحرج والنمو. فأصبحت حياتنا فجأة محاطة بسلسلة من الضرائب وارتفاع رسوم الخدمات. فكل يوم يصحو المواطن على كابوس شبح رفع الدعم عن خدمة، وكان آخرها رفع الرسوم الصحية عن الوافدين للعاملين في المملكة من 3 دينار إلى 7 دينار، علماً بأن هذا الرسم لا يشمل الأدوية والعقاقير ولا يشمل الفحوصات المخبرية والأشعة.

ناهيكم عن أن قرار وزارة الصحة لم يستثن خدم المنازل ومن في حكمهم من قائمة «الوافدين»!! وبطبيعة الحال اذا مرضت «الخادمة» فإن صاحب المنزل «المواطن» سيضطر إلى دفع هذه الرسوم وشراء الأدوية.

وها هي كرة الثلج تطحن المواطن وهي تتفاقم!!

وفي ظل ضعف الرقابة على السوق فهل ستظهر لنا سوق سوداء للدواء والتشافي؟!

إن المواطن هو المتضرر الأول لأي زيادة في الخدمات، فأي زيادة سيتحملها صاحب العمل «الكفيل»، وستزيد تلقائياً من قيمة الخدمة المقدمة، وهذا شيء طبيعي، فبعد ارتفاع رسوم الكهرباء، والبلدية، وارتفاع تصريح العمل، ورسوم التجارة، والصحة، وغيرها، سيصحب ذلك في أي خدمة أو سلعة زيادة في السعر.

وهذا ما يجب أن تنتبه له الجهة المختصة بإدارة ملف التقشف، فزيادة الرسوم الخدمية على أصحاب العمل لن يضر السوق التجارية في البحرين وحسب، بل ستضر المواطن الذي يعتبر المستهلك للخدمات والسلع.

نسمع كثيراً تطمينات غير منطقية بأن الأسعار ستكون ثابتة، وأن التضخم سيكون طفيفاً لن يشعر به المواطن، ولكن هذا الكلام غير منطقي، ولا يصدقه أي مواطن واعٍ وعاقل، فكيف سنرتجي ثبات الأسعار في ظل رفع الدعم عن الخدمات ورفع أسعارها.

المواطن البحريني سيكون بين كماشة ارتفاع الأسعار الناتج عن زيادة الرسوم على أصحاب العمل وبين تقليص رزقه، والمتمثل في وقف العلاوة السنوية والترقيات وساعات العمل الإضافية.

وعلى الرغم من أنني لم أحصل على ساعات عمل إضافية منذ ما يربو على عشر سنوات ولا أؤمن بوجوب الاعتماد على مكافأة العمل الإضافي، لأنها غير ثابتة، إلا أنني أعرف الكثير ممن يعتمدون في حياتهم ومعيشتهم على هذا المورد غير المستقر. قد يقفز لي نفر ويقول هذا خطؤهم ولكني سأقف مدافعة وأقول «هذا حقهم المكتسب».

لست ضد أن «نفطم» الرضيع من الحليب، ولكن في أول المطاف يجب أن نتأكد من أنه نبت للطفل أسنان يستطيع أن يأكل بها لكي نأخذ الخطوة التالية لنضمن ألا يموت الرضيع جوعاً. وهذا بالضبط هو وضع المواطن البحريني الذي لم يتم تأهيله بعد على الاعتماد على العيش بأسلوب التقشف.

أكرر أنني لست ضد سياسة التقشف، وأعرف أن التقشف ضرورة واقعية لا جدال فيها، ولكن الموضوع يحتاج إلى توضيح للرأي العام ويحتاج كذلك إلى خطوات جادة نحو إيجاد حلول جذرية لما نعانيه اليوم.

أمامنا مستقبل غير واضح المعالم، يجب أن يكون فيه تنويع الدخل هو الحل؟ فما هي خططنا؟ وهل نحن نملك أن نبني بنية تحتية تتناسب مع الخطط الجديدة لتنويع مصادر الدخل؟

معظم الدول التي أوجدت حلولاً لأزماتها الاقتصادية ارتكزت على موارد جديدة ومصادر جديدة لتنويع الدخل. فما هي خطط البحرين في هذا المجال؟

وزير الطاقة السعودي خالد الفالح كشف في مؤتمر «دافوس» عن نية المملكة العربية السعودية تصدير الطاقة المتجددة مع حلول 2020، وغيرها من خطط تنوع الدخل، فماذا عنا نحن؟ ما هي خططنا للخمس سنوات القادمة؟

هل ستعتمد البحرين على الضرائب فقط لكي «يمشي البلم» أم أن هناك حراكاً غير معلن لخطط تسعى نحو تنوع الدخل؟

أفيدونا يرحمكم الله.