اعتدنا كلما ضاقت بالبلاد الشدائد على حكمة استثنائية من رجل حكيم حريص على مكتسبات شعبه، يلامس تطلعاتهم، ويحافظ على الدولة وسيادتها، فتلك المسؤولية اضطلع بها بجدارة واقتدار في مختلف الظروف، في وقت الرخاء والشدائد.

هذا ما عرفناه عن عاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه الذي حرص ومازال على رعاية شؤون شعبه، وصون حقوقهم ومكتسباتهم المعيشية المختلفة. لذلك لم يكن غريباً على جلالته إصدار التوجيهات الملكية السامية بضرورة التشاور بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في كل ما يخص مكتسبات المواطنين وشؤون معيشتهم مع الظروف الاستثنائية المالية التي نمر بها. ونشكر جلالته على حكمته ومبادرته وقراره المهم.

تلك التوجيهات جاءت لتكرّس دولة القانون والمؤسسات، وتحافظ على التعاون المنصوص عليه دستورياً بين الحكومة والبرلمان. وتنهي لغطاً واسعاً انشغل به الرأي العام المحلي بعد أن صدر تعميماً حكومياً يمس الزيادة السنوية لموظفي القطاع العام.

مرّت علينا تجربة قاسية خلال أيام قليلة، علمتنا الكثير، وأعطتنا دروساً مهمة، فنحن في وقت الشدائد وليس الرخاء، وهو ما يتطلب تضافر الجهود المختلفة من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة بحكمة ورويّة، وهو ليس وقتاً للمزايدات وتقاذف المسؤوليات.

ثلاث رسائل نوجهها هنا؛ للحكومة التي يجب أن تتولى مسؤوليتها وتقوم بمراجعة السياسة العامة لترشيد النفقات، وأن تكون مكتسبات المواطنين في آخر سلم المراجعة. ورسالة أخرى لأعضاء السلطة التشريعية الذين يجب عليهم الاضطلاع بمسؤولية التنسيق مع الحكومة من أجل إيجاد الحلول الناجعة ودعم التوجهات العامة لضبط النفقات، فهذه مسؤولية عمل وليست فرصة للاستعراضات. أما الرسالة الثالثة فهي للمواطنين الذين عليهم تفهم الظروف الاستثنائية التي تمر بها الدولة ووضعها المالي، ويكونون شركاء في مواجهة التحديات بدون لغط واستياء عام، فالمسؤولية جماعية على كافة الأطراف.

تلك الأطراف الثلاثة لابد أن تكون شريكة في تجاوز الدولة لأوضاعها وظروفها، فهذه الظروف تعيشها معنا دولنا الخليجية الشقيقة، ولابد من الشراكة لخوض التحدي، وتجاوزه سريعاً بمسؤولية وطنية.

ولنتذكر أن الشدائد امتحان للشعوب والدول، وهي وقت الحفاظ على وحدتنا الوطنية لمواجهة التحديات، والمضي نحو المستقبل.