عباس المغني
فيضانات جنوب أفريقيا تزعزع استقرار أسعار الحمضيات في البحرين
حذر خبراء اقتصاديون من ارتفاع أسعار الحمضيات كالبرتقال والليمون واليوسفي في أسواق المملكة بعد شهر بسبب تداعيات الفيضانات المدمرة في جنوب أفريقيا أحد أهم موردي الحمضيات إلى البحرين
وأعلنت حكومة جنوب أفريقيا، منطقة تقع شرق البلاد بوصفها منكوبة بالكوارث إثر تعرضها لفيضانات شديدة خلال الأسبوع الماضي، أسفرت عن مقتل ما يقرب من 443 شخصاً وألحقت أضراراً جسيمة بالموانئ والطرق والمزارع والمنازل ومباني الشركات.
ووفق إدارة شؤون جمارك البحرين فإن جنوب أفريقيا تعتبر مورداً رئيساً لبعض أصناف الفواكه خصوصاً الحمضيات، إذ وردت إلى المملكة خلال العام الماضي 5.4 ملايين كيلوغرام من البرتقال، و4.5 ملايين كيلوغرام من الليمون، و2.6 مليون كيلوغرام من اليوسفي، و1.8 مليون كيلوغرام من الكمثرى، و1.3 مليون كيلوغرام من التفاح، إلى جانب العديد من الأصناف كالعنب والرمان واليقطين وغيرها.
وأكد خبراء الاقتصاد أن حجم التأثيرات سيعتمد على نسبة واردات البحرين من جنوب أفريقيا خلال الأشهر المقبلة.
وأكدت الإحصائيات الشهرية لإدارة شؤون الجمارك لعام 2021، أن نسبة استيراد البحرين الليمون من جنوب أفريقيا من إجمالي الواردات بلغت 49.62% في مايو، و63.14% في يونيو، و65.54% في يوليو. أما واردات البرتقال فبلغت 7.8% في مايو، و15.25% في يونيو، و48.57% في يوليو، بينما اليوسفي بلغ 32.39% في مايو، و69.47% في يونيو، و94.77% في يوليو.
وبلغت نسبة واردات الكمثرى من جنوب افريقيا نحو 93.69% في مايو، و90.56% في يونيو، و79.84% في يوليو، بينما واردات التفاح بلغت 17.66% في مايو، و13.43% في ويونيو، و14.68% في يوليو.
ويرى الخبراء أن نسبة اعتماد البحرين في توفير هذه المنتجات خلال الأشهر المقبلة، مرتفع جداً، والأسعار ستشهد ارتفاعاً بحجم النقص وضعف القدرة على إيجاد بدائل.
وقال الخبير الاقتصادي جعفر الصائغ: «وقع معظم الدمار في ديربان بإقليم كوازولو ناتال، التي تعد ثالث أكبر مدينة في جنوب أفريقيا من حيث عدد السكان، وهذا سيؤثر على الإنتاج وقلة المعروض وخدمات الشحن وغيرها».
وأضاف: «من الطبيعي الأسعار ستشهد ارتفاعاً بعد شهر أو شهر ونصف، عندما ينفذ المخزون في البحرين، حيث إن الكميات الجديدة ستكون أقل من حيث الحجم وبأسعار أعلى بسبب تضرر البنية التحتية في منطقة تعتمد عليها البحرين في تلبية احتياجاتها».
وتابع: «درجة ارتفاع الأسعار ستعتمد على مدى قدرة الموردين البحرينيين على إيجاد حلول وبدائل لتعويض أي نقص محتمل».
واستطرد: «الضرر في جنوب أفريقيا سيسبب ضغطاً على الأسعار لدى الدول المنتجة الأخرى، لأن الدول التي تعتمد على جنوب أفريقيا ستساهم في رفع الطلب على الدول المنتجة، وبالتالي يرتفع الطلب مقابل المعروض مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار حسب آلية السوق في تحديد الأسعار».
وأوضح قائلاً: «على سبيل المثال، البحرين لا تستورد القمح من أوركرانيا أو روسيا، ولكن عندما حدثت الحرب بين البلدين، ارتفعت أسعار القمح عالمياً واستوردت البحرين القمح من أستراليا بسعر مرتفع، لأن المستوردين من أوكرانيا وروسيا غيروا وجهة الاستيراد إلى الدول المنتجة كأستراليا مما أدى لارتفاع الأسعار، وهذا ينطبق على جنوب أفريقيا، إذا كان إنتاج جنوب أفريقيا كبيراً على مستوى العالم سيكون التأثير على الأسعار بنفس وزن إنتاجها عالمياً.
ورأى أن ارتفاع الأسعار سيكون مؤقتاً وسيزول بزوال أضرار الفيضانات وعودة جنوب أفريقيا إلى وضعها الطبيعي، داعياً إلى تنويع مصادر الاستيراد، لتقليل المخاطر من الكوارث الطبيعية والحروب وغيرها، وضمان توافر المنتجات في الأسواق المحلية طوال العالم.
من جهته، قال مدير المبيعات في شركة فاكهة الشربتلي عباس اسماعيل: «الفيضانات وقعت في منطقة ديربان بجنوب أفريقيا، وأكثر واردات البحرين من الفواكه تأتي عبر ميناء ديربان، والميناء تضرر، ولكن هناك موانئ أخرى بعيدة عن الفيضانات».
وأضاف: «الفيضانات حدثت قبل أسبوع، ولا نستطيع إطلاق أحكام، قبل الإلمام بكل التفاصيل، ومدى قدرة المنتجين على توفير المنتجات وشحنها عبر موانئ أخرى وإن كانت بعيدة».
وتابع: «الاتجاه لمصادرأخرى، يعتبر تحدياً كبيراً، لأن إنتاج الفواكه موسمي، وموسم الفاكهة يختلف من دولة لاخرى حسب موقعها الجفرافي على الكرة الأرضية، فموسم الليمون بدأ في جنوب افريقيا، ولا يمكن تعويضه بالليمون التركي لأن موسمه شارف على نهاياته».
واستطرد: «تجار الفواكه والخضار يبذلون جهوداً كبيرة لأنهم يعتمدون على شبكة لوجستية عالمية لتوفير احتياجات السوق المحلي طوال العام، فإذا انتهى موسم فاكهة من دولة، وما يزيد التحدي أن الفواكه والخضار الطازج لا يمكن تخزينه لفترات طويلة».
من جهته، قال تاجر الخضار والفواكه رضا البستاني: «كل تجار الخضار والفاكه يبحثون عن حلول لتقليل تأثيرات الفيضانات في جنوب افريقيا على توافر السلع في سوق البحرين».
وأضاف: «الفيضانات حدثت قبل اسبوع، والتجار يجرون اتصالات مع المنتجين، ونأمل أن نتمكن من تجاوز التداعيات بأقل التاثيرات».
من جهته، قال الخبير الاقتصادي أكبر جعفري: «التأثيرات على الاسعار سنشهدها بعد شهر أو أقل من شهر، لأن توقعت شحنات ولو لأسبوع يعني ان هناك نقص سيحدث، ما يؤدي الى ارتفاع الاسعار».
وأضاف: «الاسعار سترتفع ولن تنتظر انفاذ الكميات الموجودة في المخازن، ووصول شحنات جديدة، الاسعار تعتمد على آلية السوق الحر عرض وطلب، متى حدث نقص في المعروض ارتفعت الاسعار»، مؤكداً أن تداعيات الفيضانات في جنوب أفريقيا ستؤثر علينا بالتأكيد وسنرى التبعات، اطراب في العملية اللوجستية، وتباطئ في التموين وارتفاع في الأسعار.
وتابع: «التركيز على مصدر معين لتأمين احتياجات البلد هو بمثابة وجود قابلية لتهديد مستمر، سواء لوكوارث طبيعية أو حروب أو قرارات سياسية في البلدان المنتجة».
واستطرد «الحل في تنويع مصادر الاستيراد، والرجوع الى مصادرنا التقليدية حيث كنا نستورد من سوريا ولبنان وايران والعراق على مر العصور». وتركيز مصادر معينة سيكون عملية قابلة لتهديد مستمر، اذا لم تكن فيضانات ستكون اشياء ثانية علينا ان ننوع المصادر، وبالذات الحمضيات عل المدى المتوسط نرجع مصادرنا التقليدية سوريا لبنان العراق ايران، كنا نستورد منهم على مر العصور».
يذكر أن أحوال الطقس تسببت في حدوث فيضانات على الساحل الشرقي لجنوب أفريقيا بعد هطول ما يزيد عن 300 ملم من الأمطار على مدار 24 ساعة في 11 أبريل أودت بحياة 443 شخصا، وفق حصيلة جديدة، فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين.
سقط معظم الضحايا في الساحل الشرقي في منطقة دوربان، المدينة الساحلية التي تعد 3.5 ملايين نسمة والواقعة ضمن نطاق محافظة كوازولو-ناتال المطلة على المحيط الهندي والتي تشهد منذ نهاية الأسبوع الماضي هطول أمطار غزيرة تسببت في فيضانات وانزلاقات تربة مميتة.
ووقع معظم الدمار في ديربان بإقليم كوازولو ناتال، التي تعد ثالث أكبر مدينة في البلاد من حيث عدد السكان. وتضرر ميناء ديربان الذي يعتبر الاكثر ازدحاما في جنوب افريقيا، والاكثر ازدحاما في القارة كما انه واحد من اكثر 10 موانئ ازدحاما في العالم.
ويزعم الرئيس سيريل رامافوزا، أن الكارثة «جزء من التغير المناخي»، لكن بعض السكان ألقوا باللوم على هشاشة البنية التحتية.