وليد صبري

* الدولة اللبنانية أمام امتحان جديد في ضرورة تسليم المتهمين للعدالة الدولية

* السعودية: لبنان يعاني من الممارسات الإرهابية لميليشيا مدعومة من إيران



* الأمم المتحدة: أفكار غوتيريش مع ضحايا هجوم 14 فبراير وأسرهم

* أمريكا: الحكم علامة بارزة طال انتظارها في تحقيق العدالة لشعب لبنان

* الحريري: "حزب الله" جهة مسؤولة عن تنظيم الجريمة والتاريخ لن يرحم


تلقى "حزب الله" اللبناني -المصنف على قوائم الإرهاب بحرينياً وعربياً وأوروبياً وأمريكياً- ضربة قاصمة، بعدما أمر قضاة الاستئناف في محكمة دولية خاصة بلبنان، أمس الأول الخميس، بإدانة رجلين آخرين بالقيام بدور في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 2005، وألغوا بذلك حكماً سابقاً بالبراءة.

ويضع الحكم الجديد الدولة اللبنانية أمام امتحان جديد، فيما يضيق الخناق شيئاً فشيئاً على الحزب، خاصة بعد ثبوت تورط 3 أعضاء في الحزب الإرهابي في تلك العملية الإرهابية الغادرة التي أججت التوتر في لبنان على مدار أكثر من 17 عاماً.

وأصبح "حزب الله" مداناً بشكل مباشر أمام الدولة اللبنانية وأمام المجتمع الدولي، خاصة وأنه يرفض تسليمهم بل ويستمر في تأمين الحصانات السياسية والحزبية لهم.

وتزداد الضغوط على الحزب كونه جهة إدانة وجهة مسؤولة عن تنظيم الجريمة وتنفيذها والجهة التي لا يمكن أن تتهرب من مسؤولية تسليم المدانين وتنفيذ العقوبة بحقهم، لذلك فهما أمام أمرين أحلاهما مر، إما التبرؤ من مرتكبي الجريمة الإرهابية، أو الاستمرار في دعمهم أمام المجتمع الدولي.

وأعلنت رئيسة المحكمة الخاصة بلبنان إيفانا هردليشكوفا أن "غرفة الاستئناف قررت بالإجماع الحكم على حسن مرعي، وحسين عنيسي، بالسجن المؤبد، وهي أقصى عقوبة ينص عليها النظام الأساسي للمحكمة وقواعدها".

وقالت هردليشكوفا، "عندما وقعت أقصى عقوبة ممكنة على حسن حبيب مرعي وحسين حسن عنيسي، "لم يرهب الهجوم ضحاياه المباشرين فحسب، بل أرهب الشعب اللبناني بوجه عام".

وذكرت أن الرجلين كانا "يدركان تماماً أن الاعتداء المخطط له في وسط بيروت سيقتل رفيق الحريري" وآخرين.

وأشارت إلى أنهما تصرّفا مع سبق الإصرار وتمت إدانتهما بجرائم "شديدة الخطورة" و"شنيعة تماماً" أدت إلى "إغراق الشعب اللبناني في حالة من الرعب".

والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، هي جنائية ذات طابع دولي، أقرها مجلس الأمن الدولي عام 2009، للتحقيق ومحاكمة المتهمين باغتيال رفيق الحريري و21 آخرين.

وأنشئت المحكمة بموجب قرار صدر عن مجلس الأمن في 2009 لمحاكمة الضالعين في الانفجار الضخم، ومقرها لايدسندام قرب لاهاي.

وتشير التقارير إلى أنه من غير المرجح أن يُسجن الرجلان لأن "حزب الله" رفض مراراً تسليم المتهمين أو حتى الاعتراف بالمحكمة التي حاكمت المتهمين غيابياً.

وكانت غرفة الاستئناف في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دانت في 10 مارس الماضي، حسن مرعي وحسين عنيسي. وفي الاستئناف أدينا بالتآمر لارتكاب عمل إرهابي والتواطؤ في القتل المتعمد، حيث ألغت دائرة الاستئناف حكماً سابقاً ببراءة المتهمين وأدانتهما بعدة تهم بالقتل والإرهاب.

وفي عام 2020 أدانت محكمة أدنى درجة العضو في "حزب الله" سليم جميل عياش بالضلوع في الجريمة، وحُكم على عياش أيضاً بالسجن مدى الحياة.

ولا يزال الرجلان طليقين رغم محاكمتهما وإدانتهما غيابياً من قبل المحكمة الخاصة بلبنان التي تدعمها الأمم المتحدة في لاهاي.

وتوالت ردود الأفعال الخليجية والعربية والدولية على قرار المحكمة، حيث أعربت وزارة الخارجية عن ترحيب مملكة البحرين بالحكم الصادر بالإجماع عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بإدانة عضوين بميليشيا حزب الله الإرهابي بالاشتراك في الهجوم الإرهابي الذي وقع ببيروت في فبراير 2005 وتسبب في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق الشهيد رفيق الحريري، رحمه الله، ومقتل 21 شخصاً وجرح 226 آخرين، وأدخل لبنان في أزمات سياسية وأمنية.

وأكدت الوزارة دعوة مملكة البحرين للمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في مساندة الشعب اللبناني الشقيق، وتلبية تطلعاته في الأمن والاستقرار والرخاء، وتنفيذ القرارات الدولية بالقبض على الجناة وتقديمهم إلى العدالة، ووضع حد لأنشطة "حزب الله الإرهابي" المدعوم من إيران، ووقف تحكمه في المشهد السياسي واستغلاله لأراضي الدولة في دعم وتدريب الميليشيات الإرهابية المزعزعة للأمن والاستقرار في الدول العربية، وأهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في المحافظة على أمن الدولة واستقرارها وسيادتها، واستعادة دورها الحيوي في محيطها العربي والدولي.

من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إلى احترام حكم المحكمة الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.

جاء ذلك في بيان أصدره فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام، وصل الأناضول نسخة منه.

وتعليقاً على ذلك، ذكر حق، أن الأمين العام أحيط علماً بحكم المحكمة الخاصة بلبنان، والذي حكم فيه على مرعي وعنيسي بالسجن المؤبد، عن هجوم 14 فبراير 2005 في بيروت، والذي أسفر عن مقتل رفيق الحريري و21 شخصاً معه وإصابة 226 آخرين.

وأضاف أن "أفكار الأمين العام مع ضحايا هجوم 14 فبراير وأسرهم، حيث لا يزال مرعي، وعنيسي، طليقين".

وتابع حق، "يشير الأمين العام إلى استقلالية ونزاهة المحكمة الخاصة بلبنان، ويدعو الجميع إلى احترام قرارها، كما يعرب عن تقديره العميق لتفاني وعمل القضاة والموظفين المشاركين بالقضية على مر السنين".

بدورها، أعربت وزارة الخارجية عن الترحيب بالحكم الصادر بالإجماع عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بحق عميلين تابعين لميليشيا حزب الله الإرهابية، لدورهما في الهجوم الإرهابي الذي تسبب في مقتل اثنين وعشرين شخصاً، من بينهم رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وجرح 226 شخصاً.

وبحسب بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس"، دعت المملكة المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته تجاه لبنان وشعبه الشقيق، الذي يعاني من الممارسات الإرهابية العبثية للمليشيا المدعومة من إيران، والعمل على تطبيق القرارات الدولية الخاصة بلبنان، وتتبع الجناة الذين أسهموا عمداً في إزهاق أرواح الأبرياء، ما تسبب في فوضى غير مسبوقة في هذا البلد الشقيق، والقبض عليهم إحقاقاً للعدالة، ونزع فتيل الأزمات التي يعيشها لبنان وشعبه خلال العقود القليلة الماضية بسبب ممارساتهم الإرهابية.

كما رحب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، بالحكم الصادر بالإجماع عن المحكمة الخاصة بلبنان بحق العميلين للحزب المصنف إرهابيا حسن مرعي وحسين العنيسي بالسجن المؤبد.

وقال برايس: "يمثل هذا الحكم علامة بارزة طال انتظارها في السعي لتحقيق العدالة لشعب لبنان".

وجاء الحكم على عميلي حزب الله لدورهما في الهجوم الإرهابي الذي قتل اثنين وعشرين شخصاً من بينهم رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، وجرح 226 شخصاً.

من جانبه، علق رئيس الوزراء اللبناني السابق، وزعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، نجل المغدور، رفيق الحريري على القرار بمطالبته بتسليم المدانين بجريمة اغتيال والده، والذين صدر بحقهم حكم المحكمة الدولية بالسجن المؤبد مشيراً إلى أن "التاريخ لن يرحم".

وقال الحريري في تغريدتين نشرهما عبر صفحته الرسمية على موقع "تويتر"، "بعد إدانة سليم عياش بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، فرضت غرفة الاستئناف في المحكمة الدولية بالإجماع عقوبة السجن المؤبد على عنصرين آخرين من حزب الله هما حسن مرعي وحسين عنيسي".

وتابع قائلاً: "العقوبة هي الأشد المنصوص عليها في النظام الأساسي والقواعد المعتمدة في المحكمة، لكنها الأوضح لجهة إدانة "حزب الله" كجهة مسؤولة عن تنظيم الجريمة وتنفيذها والجهة التي لا يمكن أن تتهرب من مسؤولية تسليم المدانين وتنفيذ العقوبة بحقهم. فالتاريخ لن يرحم".

وقتل الحريري في 14 فبراير 2005، الذي كان رئيساً لوزراء لبنان قبل استقالته في أكتوبر 2004، عندما فجّر انتحاري شاحنة مليئة بالمتفجرات أثناء مرور موكبه المصفّح. وخلّف الهجوم 22 قتيلاً و226 جريحاً.