سكاي نيوز عربية

يبدو أن آمال موسم الصيف المزدهر التي عاشها لبنان انتهت بمهدها، فدولارات السياح والمغتربين اللبنانيين "الصعبة" التي كان ينتظر منها أن تفرمل ولو مؤقتا انهيار الوضع الاقتصادي لم تفلح بذلك، بل حصل العكس.

فقد بدأت أعراض الانهيار "تزداد شدة" مع إعلان مصرف لبنان المركزي أن احتياطاته من العملات الأجنبية تراجعت إلى ما دون الـ10 مليار دولار، مسجلة 9.72 مليار في نهاية شهر أغسطس 2022.



لماذا تراجعت الاحتياطات؟

حسبما كشف الخبير المصرفي نسيب غبريل في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن تراجع احتياطات لبنان من العملات الأجنبية يعكس الضغوط على المصرف المركزي، والطلبات التي لا تعد ولا تحصى لتأمين الأموال الصعبة لتغطية عملية استيراد المحروقات والقمح وبعض الأدوية.

يأتي هذا التراجع أيضا بعد تطبيق التعاميم التي سهلت على المودعين سحب دولارات نقدية من حساباتهم المصرفية.

ويكشف غبريل أن احتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية تراجعت بواقع 3 مليارات و100 مليون دولار منذ بداية عام 2022 وحتى نهاية شهر أغسطس، وذلك رغم الإجراءات التي يتخذها المصرف لإيجاد مصادر لتغذية احتياطاته بالعملات الصعبة.

نزيف مستمر

وتوقع غبريل استمرار نزيف العملات الصعبة من الاحتياطات في ظل توقف شبه كامل للمصادر التقليدية التي كانت تغذيها، مثل تدفق الودائع إلى القطاع المصرفي وعمليات إصدار سندات "اليوروبوند" والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ويرى غبريل أنه رغم تراجع الاحتياطات إلى مستوى منخفض، فإن مصرف لبنان لن يوقف حاليا تدخله في السوق عبر منصة "صيرفة" التي تحدد سعر صرف الدولار، بل إن ما سيقوم به هو الحد من ذلك عبر وضع سقوف لعمليات بيع الدولارات عبر المنصة.

وبدأ بالفعل بتطبيق ذلك عبر تخفيض نسبة الدولارات المخصصة لتمويل عملية استيراد البنزين إلى 20 بالمئة فقط، في حين أنه على المستوردين تأمين نسبة الـ80 بالمئة من السوق الموازية.

وقال النائب الأسبق لحاكم مصرف لبنان غسان عياش، إن تراجع حجم احتياطات العملات الأجنبية للبنان إلى ما دون الـ10 مليارات دولار، يعني أن مصرف لبنان بات في المرحلة الأخيرة للدعم، مشيرا إلى أنه لم يعد هناك وقت طويل قبل اضطرار المصرف للتوقف عن كل أشكال الدعم الذي يقدمه.

واستغرب عياش، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، قول البعض إن تراجع الاحتياطات ما دون الـ10 مليارات دولار يعني أن مصرف لبنان تجاوز الخط الأحمر، لافتا إلى أن "تجاوز الخط الأحمر بدأ منذ عام 2015 عندما استنفد المصرف جميع احتياطاته الخاصة، وبدأ بعدها باستخدام ودائع المصارف لديه، أي أموال المودعين".

مشكلة لا مثيل لها

وبحسب عياش، فإن المطلوبات في مصرف لبنان أكثر من الموجودات، و"بالتالي نحن أمام مشكلة نقدية ومصرفية لا شبيه لها"، داعيا إلى التركيز على خطة اقتصادية متوسطة الأمد بالتوافق مع صندوق النقد الدولي للخروج من الازمة، وردّ قسم كبير من الودائع وإجبار الطبقة السياسية على الالتزام ببرنامج حقيقي للإصلاح.

واعتبر الخبير المصرفي أن "الغاية من هذه العملية الشاملة هي إعادة الحياة إلى الاقتصاد اللبناني لكي يخرج من أزمته القاتلة"، حسب تعبيره.