* السيسي: مصر ملتزمة بالتعاون مع أثيوبيا

* ديسالين يرحب بالبنك الدولي طرفاً ثالثاً في محادثات سد النهضة

* مصر وأثيوبيا تتعهدان بألا يقوض خلاف سد النهضة علاقات البلدين



* السيسي يكلف مدير مكتبه بتسيير أعمال جهاز المخابرات العامة

القاهرة - عصام بدوي، وكالات

أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي ميريام ديسيلين، عن قلق مصر من تعطل الدراسات الفنية عن تأثير بناء سد النهضة على دولتي المصب مصر والسودان، فيما تعهد السيسي بألا يكون من شأن خلافات سد النهضة تقويض العلاقات مع أديس ابابا، بينما طرح السيسي لديسيلين خلال المؤتمر اقتراح مشاركة البنك الدولي في اجتماعات اللجنة الوطنية الثلاثية المعنية بسد النهضة كطرف فني محايد للبت في الخلافات الفنية بين الدول الثلاث.

من جانبه، أكد المسؤول الإثيوبي، أن بلاده تدرس الاقتراح المصري، وأنه سيتم عقد قمة ثلاثية قريباً بين مصر وأثيوبيا والسودان، لاستكمال التباحث حول تطورات الملف.

واستقبل الرئيس المصري، الخميس، بقصر الاتحادية رئيس وزراء أثيوبيا، الذي يقوم بزيارته الرسمية الأولى لمصر، لرئاسة الجانب الأثيوبي في اجتماع الدورة السادسة للجنة العليا المشتركة، التي عقدت للمرة الأولى على مستوى قيادتي البلدين.

وصرح السفير بسام راضي المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية أن الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الأثيوبي، عقدا في البداية لقاءً منفرداً، ثم قاما برئاسة اجتماع اللجنة العليا المصرية الأثيوبية في حضور وفدي البلدين.

وقد رحب الرئيس خلال المباحثات برئيس الوزراء الإثيوبي والوفد المرافق له، مشيدًا بعقد أعمال اللجنة العليا المشتركة بالقاهرة للمرة الأولى على مستوى قيادتي البلدين، وما يمثله ذلك من رسالة واضحة بشأن عزم الجانبين على تجاوز أية عقبات، قد تعتري مسار تطوير العلاقات الثنائية.

وأضاف المُتحدث الرسمي، أن رئيس الوزراء الإثيوبي أعرب من جانبه عن حرص بلاده والتزامها بتعزيز التعاون مع مصر في مختلف المجالات، مشيراً إلى الروابط التاريخية التي تجمع الشعبين المصري والإثيوبي، وأهمية العمل على تطوير التعاون الثنائي بين البلدين في شتي القطاعات.

كما أكد رئيس وزراء أثيوبيا عزم بلاده على تفعيل الأطر التعاقدية القائمة، والعمل على استكشاف أفاق جديدة للتعاون والتفاعل بين البلدين، أخذاً في الاعتبار ما يتمتعان به من إمكانات وقدرات كبيرة، تتيح لهما تحقيق المصالح المشتركة للشعبين في مجالات التعاون المختلفة.

وذكر السفير بسام راضي، أنه تم خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة وضع خارطة طريق لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات متعددة، مثل التجارة، والصناعة، والاستثمار، والصحة، والتعليم، فضلاً عن متابعة تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين في هذه المجالات.

وقد أكد الرئيس، خلال الاجتماع تطلع مصر لزيادة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع أثيوبيا، وتوفير المناخ اللازم لتعزيز فرص التعاون بين القطاع الخاص في البلدين، أخذاً في الاعتبار اهتمام القطاع الخاص المصري بزيادة حجم استثماراته في إثيوبيا، والتي تبلغ في الوقت الراهن نحو 750 مليون دولار.

كما تمت مناقشة مقترح إنشاء منطقة صناعية مصرية في أثيوبيا، بهدف جذب مزيد من الاستثمارات المصرية في قطاعات متعددة بالسوق الأثيوبية للمساهمة في زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.

وقد شهد الاجتماع، التباحث أيضاً حول عدد من القضايا الإقليمية والإفريقية، من بينها سبل تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف، والتشاور إزاء أمن البحر الأحمر، فضلاً عن مواصلة التنسيق القائم بين البلدين بشأن ملفات السلم والأمن بمنطقة القرن الإفريقي وعلى صعيد القارة الإفريقية بوجه عام.

وفيما يتعلق بملف المفاوضات الفنية الخاصة بسد النهضة، أعرب الرئيس خلال المباحثات عن قلق مصر إزاء الجمود الحالي الذي يشهده المسار الفني للمفاوضات، مشيراً إلى الاقتراح الذي طرحته مصر لمشاركة البنك الدولي كطرف فني في اللجنة الوطنية الثلاثية، لتسهيل المناقشات والتوصل لحل للنقاط الخلافية واتخاذ قرار بشأنها، وذلك بما للبنك الدولي من خبرات ومصداقية لدى الدول الثلاث.

وقد أكد رئيس الوزراء الإثيوبي على عدم إقدام بلاده على أية إجراءات تضر بمصالح الشعب المصري، مؤكداً أن الهدف من بناء سد النهضة هو تحقيق التنمية للشعب الأثيوبي.

كما أعرب عن تقديره للمقترح المصري بشأن إشراك طرف ثالث كوسيط في المفاوضات الفنية، منوهاً إلى اهتمام بلاده بدراسة تحديد الطرف الثالث وآلية وتوقيت تدخله بالمفاوضات.

وأضاف رئيس وزراء إثيوبيا وجود آفاق واسعة للتعاون بين دول حوض النيل بوجه عام، مؤكداً على المصير المشترك لجميع دول الحوض، وحرص بلاده التام وتفهمها لمصالح مصر المائية واحترامها لالتزاماتها تجاهها.

وأوضح المتحدث الرسمي، أن الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي شهدا عقب ختام المباحثات مراسم التوقيع على مذكرتي تفاهم في مجال التعاون الصناعي، والتشاور السياسي والدبلوماسي، فضلاً عن محضر أعمال اللجنة الوزارية، كما عقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً.

ورداً على استفسارات الصحفيين حول التطورات الخاصة بمسار المفاوضات الفنية الخاصة بسد النهضة، أكد الرئيس أن الطرح المصري بإشراك البنك الدولي في اللجنة الوطنية الثلاثية يأتي سعياً لتجاوز العقبات التي تواجه هذا المسار، لاسيما في ضوء ما يعتري مسار المفاوضات من تأخير، ولتفادي اتخاذ إجراءات أحادية على الأرض بشأن ملء خزان السد قبل الانتهاء من الدراسات الفنية.

كما طمأن الحضور بشأن مسار المفاوضات مع الجانب الأثيوبي الخاص بهذا الملف، مؤكداً أن موضوع المياه محل اهتمام بالغ من المواطنين في مصر أخذاً في الاعتبار اعتمادها شبه الكلي على النيل.

من جانبه، أكد المسؤول الأثيوبي، أن بلاده تدرس الاقتراح المصري، وأنه سيتم عقد قمة ثلاثية قريباً بين مصر وأثيوبيا والسودان، لاستكمال التباحث حول تطورات هذا الملف، مجدداً تأكيده حرص بلاده على عدم الإضرار بمصالح مصر، بل العمل على تحقيق التعاون والتكامل بما يُحقق التنمية والرخاء للشعبين الشقيقين.

كما تناول الرئيس ورئيس وزراء أثيوبيا خلال المؤتمر الصحافي، أفاق التعاون الاقتصادي والتجاري الواسعة بين البلدين، وحرص الجانبين على تعزيزها وتطويرها وتفعيل مختلف أطر التعاون القائمة خلال الفترة القادمة

ويقوم رئيس الوزراء الأثيوبي بزيارة تستمر 3 أيام لمصر لبحث التعاون الثنائي والمشاركة في اجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين الذي يعقد على المستوى الرئاسي لأول مرة.

وقال السيسي إن "أهمية هذه الزيارة وانعقاد اللجنة المشتركة للمرة الأولى على مستوى قيادتي البلدين (..) إشارة واضحة لشعوبنا وللعالم أجمع على ما لدينا من إرادة سياسية وعزم على تجاوز أية عقبات قد تكتنف تطوير العلاقات بين البلدين".

وتتخوف القاهرة من أن يؤدي بناء سد النهضة الاثيوبي الضخم إلى انخفاض تدفق مياه النيل الذي يوفر نحو 90 % من احتياجات مصر إلى المياه.

وتصاعد التوتر بين أطراف أزمة سد النهضة خلال الشهرين الماضيين خصوصاً بعد اعلان وزير الري المصري محمد عبد العاطي في نوفمبر الماضي فشل مفاوضات اللجنة الفنية الثلاثية المشتركة بين مصر والسودان وأثيوبيا حول نتائج التقرير الفني المبدئي الذي يتناول التبعات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للسد على دول المصب.

وأكد السيسي ضرورة أن تعمل "الأطراف الثلاثة في أسرع وقت ممكن على تجاوز حالة الجمود الحالية لضمان استكمال الدراسات المطلوبة، باعتبارها الشرط الذي حدده اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015، للبدء في ملء الخزان وتحديد أسلوب تشغيله سنوياً".

وكان قادة الدول الثلاث وقعوا في مارس 2015 اتفاق مبادئ يلزمهم التوصل إلى توافق من خلال التعاون فيما يتعلق بالسد.

من جهته قال ديسيلين "اتفقنا ألا يكون النهر العظيم مصدراً للتنافس أو انعدام الثقة أو النزاع".

وأشارت تقارير إعلامية إلى احتمال أن تلجأ مصر لعمل عسكري إذا تأكد تأثير السد على حصتها من مياه النهر. لكن السيسي قال إن بلاده لن تخوض حرباً ضد أثيوبيا أو السودان.

من جهة أخرى، قال التلفزيون المصري الخميس إن الرئيس السيسي كلف مدير مكتبه عباس كامل بتسيير أعمال جهاز المخابرات العامة لحين تعيين رئيس جديد للجهاز.

ويشير ذلك إلى إقالة رئيس المخابرات العامة اللواء خالد فوزي.

وشغل كامل الذي كلف بتسيير جهاز المخابرات العامة منصب مدير مكتب السيسي عندما كان وزيراً للدفاع في حكومة الرئيس السابق محمد مرسي الذي أعلن الجيش عزله في 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه الذي استمر عاما. ثم شغل كامل منصب مدير مكتب السيسي منذ انتخابه رئيساً في 2014.

ولم يعلن السيسي إلى الآن اعتزامه السعي لفترة ثانية وأخيرة في المنصب في الانتخابات التي ستجرى في مارس المقبل. لكن يرجح على نطاق واسع أن يعلن ترشحه في الأيام القادمة.