* تظاهرة حاشدة في تل أبيب تطالب باستقالة نتنياهو على خلفية اتهامات بالرشوة

* النائب العام الإسرائيلي يؤكد أنه سيعمل بكل استقلالية في "قضايا فساد نتنياهو"

* رئيس الوزراء الإسرائيلي يزور البيت الأبيض 5 مارس المقبل



غزة - عزالدين أبوعيشة، وكالات

باتت الملفات المستورة لفساد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ظاهرة للعلن، مكشوفة الملامح للجميع، والتي أدت إلى تظاهر مئات الإسرائيليين وسط تل أبيب للمطالبة باستقالته وتقديمه إلى المحاكمة على خلفية توصيات الشرطة الإسرائيلية باتهامه بتلقي رشوة وبالغش وبخيانة الأمانة. وفي تعليقه على الأزمة التي يواجهها نتنياهو، توقع الخبير في الشؤون الإسرائيلية والمحلل السياسي أكرم عطا الله في تصريحات لـ"الوطن" أن "يعلن نتنياهو الحرب على عدة جبهات منها غزة والشمال، والجنوب، أو إتمام صفقة القرن المعروفة إعلامياً باسم "صفقة أبوديس"، لكي يخرج من أزمة الفساد، وبذلك يمكن أن يعتبره الإسرائيليون أنه ملك حقق لدولة الاحتلال الكثير من الإنجازات".

وفي وقت سابق، كشف رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية معلومات عما يسمى بـ"صفقة القرن"، موضحاً أن "الولايات المتحدة عرضت على الفلسطينيين اتخاذ بلدة أبوديس، التي تقع على مشارف القدس، عاصمة لدولتهم المستقبلية، والتخلي عن القدس الشرقية"، مشيراً إلى أن "العرض يتضمن أيضاً تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق، وإقامة كيان سياسي في غزة، ووضع جسر بين أبوديس والقدس يعبر عليه المسلمون للصلاة في المسجد الأقصى".

وأعادت الاتهامات التي أوصت الشرطة الإسرائيلية بتوجيهها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي في قضايا فساد تشمل تلقي هدايا فاخرة، تسليط الأضواء على تصرفات عائلته التي تناولتها وسائل الإعلام بإسهاب.

والاتهامات الجديدة هي الأكثر جدية ضد نتنياهو خلال حكمه المديد ولكنها تأتي بعد سلسلة من القصص التي استحوذت اهتمام الإعلام والجمهور من بينها، عض كلب العائلة عضواً في الكنيست، وادعاءات عن تزوير زوجته سارة فواتير تتعلق بمصاريف المنزل، وتسجيل صوت ابنه في حالة سكر وهو يتفاخر بخدمات والده لرجل أعمال بعد خروجه من نادٍ للتعري.

ويعد بنيامين نتنياهو الأكثر عنفاً ودموية بحق الشعب الفلسطيني، وهو رئيس حزب "الليكود" اليميني المتطرف في اسرائيل، وتولى منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية لثلاث فترات، وفي فترة حكمه خاض الجيش الإسرائيلي عدوانين على قطاع غزّة عام 2012 وعام 2014.

ومن الجدير بالذكر أنّ الشرطة الإسرائيلية قدّمت توصيات إلى النائب العام بمحاكمة نتنياهو في ثلاث قضايا فساد، ولا تلزم توصية الشرطة رئيس الوزراء بالتنحي عن السلطة، لكن النائب العام من يملك القرار النهائي بتوجيه اتهامات رسمية، وقرار تقديم لائحة اتهام ضده قد يطول لعام تقريباً بعد تدقيق وتمحيص.

وبحسب القانون الإسرائيلي فإنّ القانون الأساسي لا يلزم رئيس الحكومة بالاستقالة في حال تقديم لائحة اتهام ضده، وإنما يجبر على ذلك في حال إدانته أو حجب الكنيست الثقة عنه أو الاستقالة بمحض إرادته.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية والمحلل السياسي أكرم عطا الله قال إنّ "الشرطة وجدت أدلة تتيح لها التوصية بضرورة أن ينظر في اتهام نتنياهو بالرشوة في قضيتين، والتحقيق معه بشكل مباشر وعلني".

وأضاف في تصريح خاص لـ"الوطن"، "تتمثل القضية الأولى ضدّ نتنياهو والمعروفة بـ"الملف 1000" بشبهة الانتفاع من أثرياء مثل جيمس باكر الملياردير الأسترالي، وأرنون ميلكان المنتج الإسرائيلي الهوليودي".

وبيّن عطا الله أنّ "الرشوة عبارة عن سيجار وخمور "زجاجات شمبانيا"، كانت تطلبها زوجته، إضافة لتسهيل بعض ملفات للأثرياء وتقديم تسهيلات لهم بحكم سلطته في رئاسة الوزراء، وهو ما يعتبر خروجاً عن القانون الإسرائيلي".

وتابع عطا الله "القضية الثانية "الملف 2000" والمتعلقة في صفقة سرية مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" والتي تعد أكبر الصحف وأكثرها انتشاراً في الوسط الإسرائيلي، وتأتي هذه الصفقة حتى يحصل نتنياهو على تغطية إعلامية مميّزة في حملته الانتخابية، مقابل التضييق على صحيفة "إسرائيل اليوم"".

وأوضح عطا الله أنّ "ذلك يعد إنجاز صفقة لصالحه، وهو مجرم في القانون الإسرائيلي لكل شخص يعمل في الحكومة"، مؤكّداً أنّ "هاتين القضيتين مثبتتان على نتنياهو بالتسجيلات والشهود ومعطي الرشوة".

وأردف عطا الله بالقول "قضية 4000 المتعلقة بعقد صفقة مع مالك شركة بيزك للاتصالات والإنترنت الإسرائيلي، وموقع والا العبري للدفاع عن نتنياهو من شبهة الفساد المثبتة ضده، مقابل تمرير قضايا تخدم مالك شركة بيزك".

وأشار إلى أنّ "قضية 4000" لم تقدم بها توصية إلى النائب العام، مثل قضيتي 1000 و2000 التي وصلت ملفاتها للنائب العام الإسرائيلي".

وتوقع عطا الله ألا يقدم نتنياهو استقالته قريباً، وأنّه متمسك بقوّة في السلطة، إلى جانب دعم ائتلافه له، كما تظهر نتائج الاستطلاع الذي أعدته قناة عبرية أنّ شعبية نتنياهو مازالت قوية في الأوساط الشعبية.

وأوضح عطا الله أنّه لا يوجد ما يمنع نتنياهو من إكمال ولايته في الحكومة الإسرائيلية، إلا إذا خرجت مظاهرات حاشدة في الشارع الإسرائيلي تجبره على الاستقالة، أو ينسحب شركائه من الائتلاف معه، أو يوجه له النائب العام أصبع الاتهام مباشرة.

وحول السيناريو المتوقع فعله لخروج نتنياهو من أزمة الفساد، توقع عطا الله إعلان حرب على عدة جبهات منها غزة والشمال، والجنوب، أو إتمام صفقة القرن وبذلك يكون "هو ملكًا حقق لإسرائيل الكثير من الإنجازات.

وقد أكّد نتنياهو أنّه متمسك بمنصبه ولن يستقيل بالرغم من توصية رسمية قدمتها الشرطة إلى القضاء لتوجيه تهم له بالفساد والاحتيال واستغلال الثقة.

وقد احتشد محتجون إسرائيليون في تل أبيب لدعوة نتنياهو للاستقالة بعدما أوصت الشرطة بتوجيه الاتهام له بالرشوة في قضيتي فساد.

وقالت الشرطة إنها وجدت أدلة كافية لتوجيه الاتهام لنتنياهو مما يضع رئيس الوزراء، في فترة حكمه الرابعة، أمام أحد أكبر التحديات التي يواجهها خلال هيمنته المستمرة منذ فترة طويلة على الساحة السياسية في إسرائيل.

وينفي نتنياهو "68 عاماً" ارتكاب أي مخالفات في القضيتين وقال إن تحقيقات الشرطة لن تسفر عن شيء. والأمر متروك الآن للمدعي العام لتحديد ما إذا كان سيوجه اتهامات لنتنياهو.

ونظم زهاء ألفي شخص مظاهرة في أحد ميادين تل أبيب ورفعوا لافتات كُتب على بعضها "ليرحل المحتالون" و"رئيس الوزراء المجرم".

وطالب المتظاهرون من النائب العام التسريع بتقديم لائحة الاتهام لإجبار نتنياهو على الاستقالة.

وقالت افرات شيشتر "50 عاماً" التي حملت لافتة كتب عليها "ماذا تبقى لأطفالنا"، "شاركت في العديد من المظاهرات ضد الفساد للسبب نفسه الذي كتبته على اللافتة".

وأضافت شيشتر "إننا نناضل من أجل مستقبل هذا البلد ومن أجل أطفالنا"، مشيرة إلى أن "ما حدث في السنوات الأخيرة يدمر مستقبلنا، والجميع هنا يريدون أن يرحل نتنياهو".

وقال ايشاي هداس أحد المتظاهرين "إن بإمكانهم تقديم لائحة اتهام ضده غداً أو اليوم، ونحن لن نقف متفرجين، لأن قرارهم قد يستغرق أشهراً".

وأضاف أن "النائب العام حصل على وقائع، وهي وقائع خطيرة".

وتابع "نريده أن يستقيل أو أن يترك عمله حتى يُنظر بالتوصية بتقديم لائحة اتهام بحقه".

وأكد النائب العام الإسرائيلي افيخاي مندلبليت أنه سيتخذ قراره بكل استقلالية بشأن اتهام أو عدم اتهام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالفساد، مشيداً بعمل الشرطة.

وقال افيخاي مندلبليت "لا أعرف بالتأكيد ما سيكون عليه قراري النهائي، لكني أعرف أنه سيتخذ وفق الأدلة والقانون فقط"، مؤكداً أن "لا أحد فوق القانون".

وقال مندلبليت في محاضرة في جامعة تل أبيب نقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية "إن تحقيقات الشرطة كانت مهنية وحكيمة وأنا أرفض أي ادعاءات بأن المحققين عملوا من منطلق اعتبارات غريبة كما يدعى البعض".

ونفى أي علاقات متوترة بينه وبين الشرطة وقال "على العكس هناك تعاون وتواصل ممتاز مع جهاز الشرطة".

لكنه أشار إلى تباين في الآراء بين كل جهاز وجهاز في أثناء العمل على نفس الملف. وحول تقديم لائحة اتهام أم لا، قال "أنوي فحص كل البراهين والبيانات بشكل دقيق ومن ثم سيتم التوصل إلى قرار دون أي تأخير".

ومندلبليت كان مدير مكتب نتنياهو الذي عينه بعد ذلك في منصب النائب العام في فبراير 2016.

ولا يوجد في القانون ما يلزم رئيس الوزراء بالاستقالة على خلفية مثل هذه القضية ما لم تدنه محكمة. وتبدو الحكومة الائتلافية التي يقودها نتنياهو مستقرة في الوقت الراهن بعدما قال شركاء رئيسيون في الحكومة إنهم سينتظرون قرار المدعي العام.

وأظهر استطلاع رأي أن نحو نصف الناخبين الإسرائيليين يصدقون الشرطة أكثر من نتنياهو.

وأوضح الاستطلاع الذي نشرته قناة "ريشيت" التلفزيونية الإسرائيلية أن 49% ممن جرى استطلاعهم يثقون في رواية الشرطة في أن نتنياهو تصرف بشكل غير مناسب. وقال 25% إنهم يصدقون نتنياهو. وقال 26% إنهم لا يعرفون من يصدقون.

وقال 49% إنه يجب أن يبقى في السلطة في حين قال 43% إن عليه أن يتنحى.

وقد يستغرق الأمر شهوراً قبل أن يتخذ المدعي العام قراراً بشأن توجيه الاتهام لنتنياهو.

ويتولى نتنياهو الذي لا ينافسه أي خصم واضح على الساحة السياسية حالياً، السلطة منذ أكثر من 11 عاماً، وقد يقترب من ديفيد بن غوريون مؤسس دولة الاحتلال اسرائيل الذي بقي في الحكم 13 عاماً. إذا استمرت الولاية التشريعية الحالية حتى نهايتها في نوفمبر 2019.

وبموجب الإجراءات الإسرائيلية، أصبح القرار بشأن توجيه الاتهام رسمياً إلى نتنياهو مرتبطاً بالنائب العام. وفي تصريحاته، لم يحدد مندلبليت مهلة. وقال خبراء قانونيون إن قراره قد يستغرق أشهراً.

واستجوبت الشرطة نتنياهو 7 مرات بعدما جمعت أدلة كافية لاتهامه.

ودفعت توصيات الشرطة البعض إلى المقارنة مع سلف نتنياهو ومنافسه القديم رئيس الوزراء إيهود أولمرت الذي تولى منصبه منذ عام 2006 حتى عام 2009، وأطلق سراحه في يوليو 2017 بعد أن قضى عاماً وأربعة أشهر في السجن بتهم فساد.

من جهة ثانية، أعلن مسؤول في الإدارة الأمريكية أن رئيس الوزراء الأسرائيلي سيزور البيت الأبيض 5 مارس المقبل.

وتأتى الدعوة وسط مطالب باستقالة نتنياهو منذ أن أوصت الشرطة بتوجيه الاتهام إليه في قضايا فساد.

ويلقى نتنياهو تأييداً قوياً لدى الرئيس دونالد ترامب، مع اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر 2017 ما أثار غضب الفلسطينيين ورفض المجتمع الدولي.

إلا أن الإدارة الأمريكية نفت في وقت سابق الشهر الحالي أن يكون نتنياهو بحث مع واشنطن خطة لضم المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

وكان المتحدث باسم البيت الأبيض جوش رافل الذي يعمل مع جاريد كوشنر صهر ترامب المكلف النزاع الفلسطيني الإسرائيلي أكد أن تصريحات نتنياهو بهذا الخصوص "مغلوطة".

وقال "إن الولايات المتحدة وإسرائيل لم تناقشا مثل هذا الاقتراح وأن الرئيس مازال يركز على مبادرته للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين".