* انهيار في صفوف المعارضة أمام الهجوم الدموي لجيش الأسد

دمشق - رامي الخطيب، وكالات

تسبب القصف الجوي والمدفعي الذي تشنه قوات الرئيس بشار الأسد بكثافة على الغوطة الشرقية بمقتل واصابة المئات في تصعيد اعتبرت الأمم المتحدة أنه "يخرج الوضع الانساني عن السيطرة"، داعية الى وقف فوري له.



ويبدي المجتمع الدولي قلقا بالغا ازاء تعرض الغوطة الشرقية، المعقل الاخير لفصائل المعارضة في ريف دمشق، لوابل من قنابل النظام السوري، الا انه يعجز عن تبني موقف موحد يضع حدا للقصف الذي يطال المدنيين.

ودانت المعارضة السورية الهجوم الذي تشنه قوات الأسد في الغوطة واعتبرته "حمام دم" و"جريمة حرب"، مشيرة إلى انها قد تنسحب من مفاوضات السلام التي ترعاها الامم المتحدة احتجاجاً على ذلك.

من جانبه، قال نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض في المعارضة إنه من الواضح أن حكومة دمشق لديها "صفر اهتمام في الانخراط" في حوار.

ورغم الحصار المحكم والقصف الكثيف الذي تعرضت له الغوطة خلال سنوات النزاع، تتمسك الفصائل المعارضة بالدفاع عن المنطقة التي تعد آخر معاقلها قرب دمشق، لكنها قد لا تصمد في مواجهة الهجوم الاخير الدامي من قوات النظام.

ويشن نظام الأسد وحلفاؤه هجوماً شرساً على الغوطة بكافة أنواع الأسلحة بعد أن حشد آلافاً مؤلفة من قواته النظامية وقواته الرديفة، فيما لمحت روسيا إلى تكرار النموذج الحلبي في الغوطة وسط أجواء كارثية تخيم على المنطقة إذ سقط خلال الـ 48 ساعة الماضية مئات القتلى والجرحى من المدنيين، ودمر القصف عددا من المشافي القليلة، فيما قام الدفاع المدني بتوزيع ما تبقى من الكمامات على الأهالي تحسباً لضربة كيماوية قد يشنها نظام الأسد على المنطقة على غرار تلك التي حدثت منذ سنوات.

وتبقى فرص صمود المعارضة ضعيفة خاصة أن المنطقة تخضع للحصار، فيما من المتوقع أن تنفد مستودعات الذخيرة خلال الاسابيع المقبلة، حيث لا يوجد تكافؤ في القوة بين الطرفين خاصة اذا دخلت روسيا على الخط وزجت بأسراب الطيران الحديث و صواريخ ''الكروز" الذكية إضافة إلى سلاح الغازات السامة وقطع طرق الإمداد للمواد التموينية القادمة من أماكن سيطرة نظام الأسد في دمشق.

وتطالب فصائل المعارضة في الغوطة، القوات المؤيدة لها في المحافظات الأخرى بالعمل على فتح الجبهات لتخفيف الضغط عليها ومحاولة فتح طريق إمداد إليها عبر المنطقة الجنوبية التي تسيطر المعارضة على أجزاء واسعة منها وهو ما يبدو أمراً بعيد المنال حالياً، خاصة وأن فصائل ادلب تتنازع فيما بينها لاسيما بعد اندماج قوات ''احرار الشام'' مع قوات ''نور الدين زنكي'' في فصيل واحد ودخول هذا الفصيل في مناوشات مع ''هيئة تحرير الشام'' وسط إرهاصات اقتتال تلوح في الأفق.

أما الجبهة الجنوبية في درعا والقنيطرة فهي ساكنة وسط شح الدعم القادم من الدول الداعمة وعدم رغبة هذه الدول بالتصعيد مع النظام عدا أنها مستنزفة في قتالها مع جيش خالد بن الوليد المتشدد في حوض اليرموك في أقصى جنوب غرب سوريا.

ويمكن تقييم الوضع على أنه عجز عسكري للمعارضة على الارض وسط تخاذل دولي يواجه باشعال جبهات مواقع التواصل الاجتماعي.

وأطلق ناشطون معارضون لنظام الأسد حملة على مواقع التواصل تحت عنوان ''انقذوا الغوطة'' في محاولة أخيرة للفت أنظار العالم إلى هول المأساة هناك مستغلين الصور المؤلمة القادمة من الغوطة وارتفاع عدد الضحايا المدنيين وبينهم نساء وأطفال، فيما قامت بعض الفعاليات الثورية بجمع تبرعات مالية وإرسالها إلى هناك. وتقف القوى الكبرى عاجزة بسبب انقساماتها، مشرعة الأبواب امام عمليات النظام السوري.

وتتقاسم فصائل إسلامية عدة السيطرة على أكثر من مئة كيلومتر مربع من الغوطة الشرقية، بعدما تمكنت قوات النظام من قضم مساحات واسعة منها تدريجياً. ومن ابرز تلك الفصائل جيش الإسلام وفيلق الرحمن اللذان يشاركان في مفاوضات السلام في جنيف.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تغيب المظاهر العسكرية عن مناطق سيطرة الفصيلين، وينتشر عناصرهما على خطوط التماس مع قوات النظام. وتتواجد غالبية مقراتهما في أماكن سرية وأنفاق تحت الأرض.

المحامي محمود محي الدين من سكان دوماً أكبر مدن الغوطه الشرقيه كتب يقول "صدقاً لا أبالغ إذا وصفت ما يحدث: طيران حربي من جميع التشكيلات والمطارات والأنواع.. ومدفعية ثقيلة وراجمات صواريخ، بالإضافة إلى صواريخ أرض - أرض.. وحتى الصواريخ المظلية، وطائرات حوامة ورشاشات للأفراد والسيارات المارة.. واحتراق منازل وأبنية، وتدمير البنية التحتية، وحرق المشافي والمساجد والمدارس.. الشهداء في الشوارع، والجرحى على الدور.. نترك من يوشك على الموت، ونهتم بالذي إصابته متوسطة، أو بتر أطراف..".