العين الاخبارية

بين الحين والآخر، يثير تنظيم الإخوان في مصر ضجيجا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأبواقه الإعلامية، بادعاء قرب التصالح مع الدولة المصرية.

وخلال الفترة الأخيرة تداولت رسائل عديدة من شباب الإخوان وقادة التنظيم الدولي تسعى لطرح "مصالحة الإخوان" مع الدولة المصرية، والزعم بدراسة الأخيرة للأمر، فيما رأى مراقبون أنها مجرد أمنيات زائفة تستهدف غسل سمعة الإخوان من جرائم العنف والإرهاب.

ويرى مراقبون أن "دعوات وأمنيات الإخوان في المصالحة تبقى حبيسة أحاديث افتراضية لأعضاء التنظيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الموالية لهم دون أي أثر أو صدى على الأرض في مصر، في وقت تواجه تلك الدعوات بتجاهل شعبي".

ونفى مصدر أمني مصري، وجود رسائل صادرة عن نزلاء السجون تروج لها الجماعة الإرهابية بشأن المصالحة مع القاهرة من خلال الأبواق الإعلامية الموالية لها.

كما نفى صحة الادعاءات المغلوطة التى وردت بإحدى القنوات الموالية لجماعة الإخوان الإرهابية بشأن الأوضاع بالسجون المصرية وأعداد المحتجزين بها.

وقال الباحث المصري عمرو فاروق، لـ"العين الإخبارية" إن "رسالة شباب الإخوان التي يجرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن بيان لعدد من قيادات التنظيم التي تناشد بعض الأطراف الدولية للتدخل كوسيط هي محاولة للقفز على التقاربات الإقليمية والجيوسياسية لاسيما التركية والقطرية مع الجانب المصري، كما تفضح الانتهازية السياسية للإخوان".

وأشار "فاروق" وهو باحث في شؤون الحركات الإسلامية، إلى أن "رسالة شباب الإخوان التي ترغب في التصالح مع الدولة المصرية، كشفت حجم الخلافات المشتعلة بين القواعد التنظيمية، والقيادات التاريخية في سجن العقرب جنوبي القاهرة".

ونوه إلى أن "حالة الفشل التي تحيط بالجماعة وقواعدها التنظيمية، جعلها في مقام الخضوع والرغبة في إيجاد أي طريقة تسعى من خلالها لتحقيق المصالحة السياسية، كونها كفيلة بغسل سمعتها من جرائم العنف والقتل والدماء، ومن خطابها الذي ينطوي على أدبيات التكفير والتطرف".

وشدد الباحث المصري على أن "مبادرة شباب الإخوان في السجون لا يمكن أن تطرح في إطار المقايضة السياسية، كما أنها لا قيمة لها خاصة أنهم سجناء جنائيين، وليسوا معتقلين سياسيين كما يشيعون، إذ أن غالبيتهم متورطين في قضايا عنف مسلح، وصدر ضدهم أحكاما قضائية نهائية".

وأوضح فاروق، أن" تواجد شباب الإخوان داخل السجون قانوني ولا يمكن الطعن عليه، ولا يمكن أن يتم طرح الإفراج عنهم في إطار المقايضة السياسية، لا سيما أن الجماعة وقادتها لم يقدموا شيئا، بل يسعون للتحقيق المصلحة الخاصة بهم فقط، دون النظر إلى الدماء التي سالت، ولم ينظروا إلى ذوي الشهداء سواء من المدنيين أو رجال الجيش والشرطة أو من رجال القضاء المصري.

وأكد فاروق، أن "رسائل شباب الإخوان التي تسربت على مدار السنوات الماضية من داخل السجون، جميعها يطرح فكرة المصالحة وليس فكرة المراجعة لأدبيات الإخوان الفكرية، التي وضع أساسها حسن البنا وسيد قطب، وتم ترجمتها في عدة دراسات فكرية شرعنة للعنف واستخدام السلاح، عقب 30 يونيو/حزيران 2013".

وحول توقيت طرح الإخوان لطلب المصالحة، قال إن التوقيت له دلالة ضمنية في ملف العلاقات المصرية مع الولايات المتحدة، التي تمارس ضغوطا على القاهرة بشأن حقوق الإنسان في تلك المرحلة الشائكة.

وأردف: "يحاول اللوبي الإخواني بالولايات المتحدة استثمار ملف حقوق الإنسان ضمن أوراق التفاوض السياسي، من أجل خلق مساحة اجتماعية وشعبية لقيادات لجماعة تمكنها من العودة للمشهد فيما بعد".

وشهدت الفترة التي أعقبت تنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن في مطلع العام الجاري، تحركات كثيفة من جانب قيادات الإخوان في الولايات المتحدة، من أجل فتح قنوات جديدة للتواصل والتعاون مع الإدارة الأمريكية، في ظل دعوات متكررة من الجماعة للتصالح مع الدولة المصرية.

وفي هذا الصدد، رفضت محكمة أمريكية في وقت سابق، دعوى تعويض تقدم بها الإخواني الهارب من مصر محمد سلطان، ضد رئيس وزراء مصر الأسبق.

وأوضحت المحكمة الأمريكية - في حيثياتها - أن القرار جاء بناء على الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها رئيس الوزراء الأسبق، بموجب منصبه بالبنك الدولي".

وذكرت المحكمة أن الدعوى تفتقر إلى الاختصاصية بسبب منصب الببلاوي وقتئذ.

وهو الحكم الذي اعتبره خبراء سياسيون "صفعة قوية جديدة تلقاها التنظيم الإرهابي"، لكنهم أكدوا أن الجماعة ستحاول أن تناور من جديد بإعادة رفع دعاوى قضائية ضد مسؤولين مصريين؛ من أجل البحث عن موطئ قدم للتواجد والظهور فى الساحة السياسية والإعلامية.

ويرفض الشارع المصري المصالحة مع جماعة الإخوان بشكل قاطع، مرتكزاً على مبدأ "لا مصالحة على دماء الشهداء".

يشار إلى أن "تنظيمات إرهابية متعددة خرجت من رحم تنظيم الإخوان خلال السنوات الثلاث الماضية، عملت جميعها تحت مظلة ما أصبح يعرف في الأدبيات التنظيمية للجماعة الإرهابية بـ"اللجان النوعية".

وفي وقت سابق، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على أنه "لا تصالح مع من يريدون هدم مصر ويؤذون شعبها"، في إشارة إلى ما أشيع عن التصالح مع تنظيم الإخوان.

وقال السيسي، خلال فعاليات الندوة التثقيفية للقوات المسلحة المصرية، إنه: "مقدرش (لا أستطيع) التصالح مع من يريد هدم بلادي وإيذاء شعبي وأولادي، لو اختلف معي اختلاف على قدر الاختلاف أهلا وسهلا، لكن إذا كنت تريد أن تدمر وتخرب وتقتل كيف أصالحك؟".

وسبق ذلك أن أكد السيسي، أن تنظيم الإخوان لن يكون له دور في المشهد خلال فترة وجوده في السلطة، مؤكدا أن الشعب المصري لن يقبل بعودتهم "لأن فكر الإخوان غير قابل للحياة ويتصادم معها".