"لا أتلقى أوامر من خلف الحدود".. تحذير جديد أطلقه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الأربعاء، من أجل المطالبة بتشكيل حكومة "أغلبية وطنية" في العراق.

تحذيرات الصدر، جاءت نتيجة تصعيد كتل عراقية، معظمها تمتلك ميليشيات مسلحة مقربة من طهران، ووضعها عراقيل أمام تشكيل الحكومة والاعتراض على نتيجة الانتخابات.



وقال الصدر، بعد لقائه بعدد من المرشحين المستقلين الفائزين في الانتخابات الأخيرة، إن "الحل الوحيد لإنقاذ العراق" يتمثل بتشكيل حكومة أغلبية، مضيفا: "لن أشترك في حكومة ائتلاف أو حكومة توافقية، الذهاب للمعارضة أفضل لنا".

وتابع زعيم التيار الصدري "هناك من يتعدى على المستقلين من أجل إسقاطهم وإخراجهم من الانتخابات على حساب وصول بعض المتحزبين وخصوصا الطرف الذي يعتبر نفسه خاسرا"، مؤكدا أن بعض الجهات السياسية "لا تتورع حتى عن القتل" لتحقيق ذلك.

أسباب تقدم الصدر

فاز التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر بأكثر من 70 مقعدا من أصل 329 مقعدا نيابيا في البرلمان العراقي، وذلك لعدة عوامل بعضها موضوعية وأخرى ذاتية، بحسب محللين عراقيين.

وهنا يقول عضو الجمعية العراقية للعلوم السياسية محمد معزز الحديثي إن التيار الصدري يتمتع بشعبية كبيرة في الداخل العراقي ساعدته كثيرًا في تحقيق انتصار وفوز كبير.

وأضاف عضو الجمعية العراقية للعلوم السياسية، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هناك عامل أساسي ساعد في تحقيق هذا الفوز للتيار الصدري، وهو تغيير قانون الانتخابات والاعتماد على الدوائر الانتخابية المتعددة.

وتابع: "النظام الانتخابي المتعدد الدوائر في العادة يبرِز القوى الأكثر شعبية، وفي الوقت نفسه يهمِّش القوى الأقل شعبية، حتى وإن كان الفارق ضئيلا بين الطرفين".

وما حدث في تلك الانتخابات ونتائجها يثبت أن النظام الانتخابي المتعددة الدوائر أفضل كثيرًا وأن التيار الصدري يتمتع بالفعل بشعبية كبيرة.

وأشاد الحديثي بالتنسيق والتنظيم الذي ظهر جليًا من جانب التيار الصدري في الانتخابات والذي عزز من شعبية الصدر وأدى أيضًا إلى جني الثمار بحصد 73 مقعدًا.

هل سينجح الصدر؟

أصبح السؤال الأبرز على الساحة العراقية الآن، وهنا يقول عضو الجمعية العراقية للعلوم السياسية، إن رغم تحقيق الكتلة الصدرية انتصارًا، لكنها لا تستطيع أن تمتلك الحق الدستوري لتشكيل الكتلة الأكثر عددا، إلا عندما تتحالف مع كتل أخرى ككتلة (تقدم) بقيادة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، والكتلة الكردية برئاسة الزعيم الكردي مسعود البارزاني والكتل الأخرى التي تنضم لهاتين الكتلتين.

وبحسب الدستور العراقي لا بد أن يعقد البرلمان الجديد جلسته الأولى بعد 15 يوماً من التصديق النهائي على النتائج كي ينتخب رئيسا له ثم في خلال شهر بعدها ينتخب رئيساً للجمهورية يُكلف الكتلة الأكبر، التيار الصدري، بتشكيل الحكومة المقبلة في خلال 30 يوما.

وما يزيد من الأزمة الحالية وتعتبر عائقًا أمام الصدر هي الميليشيات المسلحة التابعة لإيران، حيث دعا الصدر الأسبوع الماضي تلك الفصائل إلى حل نفسها إن أرادت الانضمام لحكومته المقبلة.

ويقيم مناصرون للفصائل اعتصاما أمام بوابات الخضراء منذ نحو 3 أسابيع، احتجاجا على نتائج الانتخابات التشريعية، كما وقعت خلال الأسبوعين الماضيين صدامات بين المعتصمين التابعين لتلك الفصائل، وقوات الأمن إثر تصديها لمحاولاتهم اقتحام المنطقة الخضراء حيث المقرات الحكومية وسفارات أجنبية منها السفارة الأميركية.

وهنا يقول عبدالكريم الوزان المحلل السياسي العراقي وعميد كلية الإعلام جامعة منيسوتا الأميركية، إن الأحزاب الموالية لإيران ستحاول أن تصعد الصراع الداخلي إلي صراع إقليمي بضرب المصالح الأميركية، متوقعًا فترة صعبة من الصدام.

وأوضح الوزان، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن القوى الخاسرة تسعى بطرق متنوعة لتغيير النتائج لصالحها، من تقديم الشكاوى إلى المحكمة الاتحادية، والطعون إلى مفوضية الانتخابات، إلى تنظيم التظاهرات والاعتصامات، والتهديد بتقويض السلم الأهلي.

توافق أم تصعيد؟

في السياق أشار عميد كلية الإعلام جامعة منيسوتا الأميركية، إلى موقف الصدر الذي يسعى إلى مغادرة الاصطفافات الطائفية والمناطقية السابقة، وهذا موقف وطني يُسجَّل له، مؤكدا أن الصدر يتمتع بشعبية كبيرة وبدأ في التناغم مع الخط الأميركي وخط رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وهو خروج العراق من الهيمنة الإيرانية.

وأضاف الوزان، أن القوى التي تعتبر نفسها خاسرة في الانتخابات الأخيرة، أو التي لم تحصل على الصدارة التي تؤهلها للتفاوض على المناصب المهمة، الجالِبة للمال والنفوذ، وهي قوى مسلحة تدعمها دولة أخرى تصر على رفض النتائج، فالانتخابات بالنسبة لها إما أن تأتي بها إلى الحكومة أو أنها "مزورة بالكامل.

وخسارة الانتخابات لتلك الفصائل يعد كارثة سياسية لأذرع إيران لأنه يحول خسارتها الانتخابية إلى خسارة سياسية وفقدان النفوذ والهيمنة على مقدرات الشعب العراقي.