محرر الشؤون المحلية


الصايغ: خروج أموال المتسولين للخارج استنزاف لأموال البلد

جعفري: معظم المتسولين في البحرين أجانب

خليفة: التسول يحول الاقتصاد من منتج إلى خامل بدرجة كبيرة


أرحمة: الحبس سنة وغرامة 100 دينار للمتسول أو المتشرد

السعدون: التسول حرام شرعاً ويشوه المجتمع



صور


ازدادت بالآونة الأخيرة ظاهرة التسول في أسواق وشوارع البحرين، وأكد اقتصاديون بهذا الشأن أن رواد هذه الظاهرة يعكسون صورة غير حضارية وهم في المجمل أجانب ويعملون على استنزاف أموال البلد إلى خارج البحرين، فيما أشار مواطنون إلى أن هذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير لدى الآسيويين وبينوا أن مجملهم غير محتاجين، فيما أكد شيخ دين أن هذه الظاهرة حرام ولا تحل إلا بضوابط، بينما أشار قانوني إلى أن القانون يعاقب من يمارس هذه الظاهرة وقد تصل إلى الحبس.

اقتصاديون: ٪80 من المتسولين أجانب

يؤكد خبراء اقتصاديون أن معظم المتسولين في البحرين هم أجانب، وبينوا أن هناك أشخاصاً يقفون وراء هؤلاء الأجانب المتسولين، مشيرين إلى أن خروج أموال المتسولين إلى الخارج هو نزيف لأموال البلد، وأشاروا إلى أن البحرين من أغنى الدول ولا حاجة لأي شخص لأن يتسول.

وقال الخبير الاقتصادي د. جعفر الصايغ هناك متسولون يقومون بإرسال الأموال التي جمعوها إلى الخارج، وهذا نزيف لأموال البلد، وبين أن التسول يبعد الناس عن سوق العمل. وأضاف قائلاً: «80% من المتسولين هم أجانب في الدول الخليجية وهذه الأموال التي تجمع تخرج خارج البلد، ويفترض على المتسولين الذهاب إلى الجمعيات الخيرية الموجودة في مناطقهم وتسجيل أسمائهم، ولكن المشكلة أن هناك أجانب لا يوجد لديهم مكان معين ولا منطقة معينة، فأي أجنبي يعتبر نفسه فقيراً بالنسبة للمواطنين كونه أجنبياً فيعتبر نفسه فقيراً فيبرأ نفسه باللجوء إلى التسول».

وتابع قائلاً: «يجب وضع نظام يضع حداً لظاهرة التسول التي تعد ظاهرة غير حضارية مشيراً إلى أن التشتت العائلي وعدم الاستقرار الاجتماعي يجعل الأطفال والشباب يذهبون إلى التسول لأنه لا يجد المال من العائلة نفسها، فيحصل على مصدر آخر للمال عن طريق التسول مما يبعد يبعد الكثير من الشباب عن سوق العمل».

وأكد الخبير الاقتصادي أكبر جعفري أن مجمل المتسولين في البحرين هم من الأجانب، وبين أن البحرين ليست من الدول التي ينتشر فيها الفقر، وأكد أنها من أغنى الدول في العالم، وبين أن هناك فئة تقف وراء المتسولين الأجانب.

وقال: «الظاهرة مزعجة لنا كبحرينيين، فهناك أطراف تدعم هؤلاء المتسولين الذين يقفون عند التقاطعات والأسواق، ويجب محاسبة من قام بجلبهم للبحرين ومن قام بكفالتهم، وأن يتم إبعاد هؤلاء عن البلد».

وتابع قائلاً: «المبالغ التي ترسل خارج البلد من قبل الأجانب المتسولين زهيدة ولا تؤثر على اقتصاد البحرين كون اقتصاد البحرين وصل الناتج المحلي فيه لـ 34 مليار دولار، ودخل الفرد فيه تعدى الـ 50 ألف دولار، فيعتبر من الفئة الأولى والثانية عالمياً».

وزاد قائلاً: «البحرين ليست من الدول التي ينتشر فيها الفقر، ولكن هناك من يريد أن يتحايل على المجتمع، وهذه تصرفات شخصية، فالجهات المعنية كوزارة العمل والتنمية الاجتماعية لم تقصر وتدعم الجميع، فلا حاجة لأي شخص أن يتسول، فالبحرين دولة غنية».

أما المحلل الاقتصادي عارف خليفة فقال: «تأثير التسول على الاقتصاد تأثيره سلبي جداً من خلال تسببه بزيادة رقعة البطالة واستنزاف أموال الآخرين بغير وجه حق وكلما اتسعت رقعة التسول ازدادت المخاطر الاقتصادية في المجتمعات وحولت الاقتصاد إلى اقتصاد هزيل حتى مع مفهوم الاقتصاد البشري أو الإنساني والذي لا يسمح لهذه الظاهرة مهما كانت الظروف المحيطة بالأفراد والمجتمعات».

وتابع قائلاً: «التسول يحول الاقتصاد من منتج إلى خامل بدرجة كبيرة، حيث إنه كلما زادت نسبة التسول من قبل الأجنبي وخصوصاً بين الفئة الشابة والقادرة على الانخراط في سوق العمل أو القادرة على الإنتاج في أي من القطاعات سيكون هناك آثار سيئة على الاقتصاد بجميع جوانبه وكلما انتشر مفهوم التسول بين الأجانب كلما انتشرت مفاهيم البطالة وعدم الإنتاج ويكون النتيجة الحتمية أن نري أرقاماً ضعيفة لمقومات الاقتصاد بكل نظرياته».

وأضاف قائلاً: «يؤثر التسول على الناتج المحلي الإجمالي بدرجة متفاوتة فانخفاض السلع والخدمات المتداولة بين المنتج والمستهلك نتيجة قلة الاستهلاك وقلة الإنتاج يؤثر على الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع نسبة البطالة حيث إن التسول يعد من أسهل الطرق للحصول على المال فهو لا يحتاج لجهد بدني أو عقلي أو مهني وهذا يؤدي إلى الاتكالية وعدم بذل الجهد وعليه يؤدي إلى ضياع وإهدار طاقات الشباب والتي ينبغي الاستفادة منها لتنمية وتطوير المجتمع وزيادة الناتج المحلي. كما يؤدي إلى تعطيل الكثير من الأعمال التي يؤثر توقفها على سير العملية الإنتاجية سواء للسلع أو الخدمات».

وزاد قائلاً: «المتسول الأجنبي أو من يتخذ التسول مصدر رزق له بغير وجه حق لا تتوقع أنه سيضخ الأموال في السوق المحلية وسيرسل الأموال إلى بلده وللعلم اكثر التجارب ولربما الإحصائيات تشير إلى أن من يمتهن حرفة التسول عادة يكون بخيلاً ويكدس الأموال بدون أي هدف فلذلك نحن دائماً نحث على عدم إعطاء المساعدات المالية وإنما منح المساعدات العينية التي تلبى الحاجات الأساسية للمتسول إذا كان فعلاً مضطراً لذلك، مع تحفظنا طبعاً على موضوع التسول ككل».

مواطنون: معظم المتسولين سيدات

ويؤكد مواطنون أن ظاهرة التسول انتشرت في البحرين بشكل كبير، وبينوا أن مجمل المتسولين غير محتاجين، وأن معظمهم من الآسيويين.

ويقول قاسم محمد: «نلاحظ أن ظاهرة التسول انتشرت بشكل كبير جداً وبأشكال مختلفة ومتنوعة فالبعض منهم يسوي نفسه يبيع الماء، والبعض الآخر يصرخ أمام مطعم بأنه جائع وبعدها يأتي لطلب المساعدة والبعض الآخر يدعي بأنه مريض ويحتاج إلى عملية وغيرها من مثل هذه الأساليب، والبعض أيضاً يأتي جوار ورش التصليح ويدعى بأن سيارته متعطلة وليس له مدخول مالي وغيره لكي يقوم بإصلاحها، وهذي المواقف جميعاً التي ذكرتها مرت علي أنا شخصياً».

وأضاف قائلاً: «أسباب الظاهرة متعددة منها أولاً إنه لا يوجد هناك قانون رادع أو واضح لهذه الظاهرة، وثانياً هناك تجاوب من المجتمع مع هذه الفئة، وثالثاً مماطلة بعض الجمعيات الخيرية في عملية مساعدة المحتاجين بشكل مبالغ حيث تحيل ملفاتهم إلى لجان داخل الجمعية واللجان تراجعهم وتتأخر على المحتاجين في الدعم المادي، وهناك ناس فعلاً محتاجين تحتاج للمساعدة».

وتابع قائلاً: «أكثر الناس التي تقوم بفعل هذه الظاهرة هم النساء، وأنا أعطيهم بحسب تقديري للحالة فإن تواجدت معه أو معها أوراق ثبوتية معتمدة بأنها محتاجة أعطيها بلا شك، حسب الرزق الذي مكتوب له». أما عن أكثر المناطق التي يتواجد فيها هؤلاء قال: «في مجمع الواحة في مدينة المحرق داخل مواقف السيارات وأيضاً مدينة حمد بسوق واقف بجوار المطاعم، وأيضاً بمدينة جدحفص بجوار محلات الذهب».

فيما قال المواطن محمد حميدان: «أغلب المتسولين كذابون، ولكن توجد فئة محتاجة بالفعل تعرضت لإنهاء عملها والإفلاس خصوصاً في جائحة كورونا».

وأضاف قائلاً: «أكثر فئة حالياً تمارس التسول هي الفئة الآسيوية.. وأنا لا أقوم بإعطائهم الأموال، فهناك أناس محتاجون أحوج للمال منهم، والمحتاج الحقيقي لديه عزة نفس تجعله لا يمد يده للناس».

فيما قالت هيا الدوسري: «ظاهرة التسول انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وارى البعض غير محتاج من ناحية المظهر، كالثياب وغيره، ولكن الله العالم، وأكثر الجنسيات التي تقوم بفعل هذه الظاهرة هم الجالية الآسيوية، وبعض الجاليات العربية، وأكثر المناطق التي ينتشر بها المتسولون الجانب هي بوكواره بالرفاع والمنامة وتوبلي».

وتابعت قائلة: «حالياً أغلب المتسولات يقومون بتغطية وجوههم بالنقاب، ففي إحدى المرات أعطيت منقبة ديناراً، فقالت أريد خمسة دينار!، فقالت لها أختي هذا الموجود، وفي إحدى المرات في سوق واقف، جاءتني منقبة وطرقت علي نافذة السيارة فأعطيتها 500 فلس، فقالت أبنائي لهم مدة لم يأكلوا فاعطيني 10 دنانير بدلاً من 500 فلس! فاعتذرت لها».

شيخ دين: التسول حرام

وحول رأى الدين في هذه الظاهرة، يقول الشيخ زياد السعدون إن الأصل في التسول أنه حرام وبين أنه لا تحل المسألة إلا لما أجاز له رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسألة بضوابط، ولذلك فالأصل في هذه الظاهرة أنها محرمة ولا تجوز. وأضاف: «لا تجوز إلا كما جاء في حديث مسند للإمام أحمد وصحيح مسلم ما يعرف بحديث قبيصة أن أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فيها فقال أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه، لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال سداداً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتاً يأكلها صاحبها سحتاً».

وتابع قائلاً: «هذا الحديث يبين أن التسول سحت ومال حرام ولا يجوز أخذه إلا ما استثنى النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة هؤلاء، فغير هؤلاء الثلاثة لا يحل لهم المسألة، فالحكم بالإسلام أن التسول حرام».

وزاد قائلاً: «إنه أمر محرم وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً تقشعر منه الأبدان: فيقول من سأل الناس أموالهم تكثرا، فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر. رواه مسلم، أي هو عنده وليس بفقير، ولكنه يسأل الناس ليزيد من أمواله فإنما هو يسأل جمراً وهو يأتي بهذا المال كأنه يأخذ جمراً والجمر هو أن الله سيسأله يوم القيامة وسيحاسبه ويعذبه على التسول وكذلك روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مايزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحمٍ.، أي هذا الذي يستكثر عقوبته عند الله شديدة.

وتابع قائلاً: «فالمتسول يشوه صورة المجتمع بأن المجتمع فيه فقر مع العلم أنهم غير محتاجين وليسوا فقراء، ويقطعون سبيل المعروف لما نعرف أن هناك نصاباً وهذا محتال وذاك محتال فنخاف من كل من يمد أيده فيمتنع الناس من إعطاء الصدقات وإعطاء من يطلب مالاً ولذلك قطعوا سبيل المعروف».

وأضاف قائلاً: «المتسولون حرموا من يستحق الصدقة، فإن هذا المتسول في حال أخذ الصدقة فإنه حرم غيره الذي هو على حق الذي يكون مستحقاً للصدقة، وكذلك من الآثار السلبية أن الصدقة توضع في غير موضعها، فالمفروض أن الصدقات تعين الفقراء والمساكين والمحتاجين، فحينما يأتي هذا المتسول الذي يقتات على أموال الناس ويحرم الفقراء منها، فهذا يتسبب بنشر الفقر بين الناس، لأنه أخذ حق الفقير وتسبب في استمرار الفقر».

وزاد قائلاً: «لابد من التعاون مع الجهات المختصة في وزارة الداخلية ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية للقضاء على هذه الظاهرة حتى يعرف المجتمع لمن يعطي وكذلك المال بدلاً من أن يذهب لهؤلاء المحتالين فيذهب لأصحابه الذين يستحقون وأن تقع الصدقة في مكانها الصحيح وكي يتخلص المجتمع من آفة وظاهرة سلبية لا تليق بالمجتمع المسلم».

قانوني: الحبس والغرامة عقوبة التسول

يقول المحامي أرحمة خليفة بأن بحسب قانون رقم 5 لسنة 2007 بشأن مكافحة التسول والتشرد، ففي المرة الأولى كل من وجد متسولاً أو متشرداً يتم تسليمه إلى دار مخصصة لرعاية المتسولين «الرعاية الاجتماعية» لإجراء الفحص الطبي والنفسي وإعداد تقرير عن حالته مع تقرير إعانة مالية شهرية له أو تأهيله لعمل مناسب بالتنسيق مع وزارة العمل وذلك في مدة لا تتجاوز 10 أيام من تاريخ تسليمه الدار. وأضاف قائلاً: «وإذا كان المتسول يعيش ضمن أسرة ترعاه فيتم تسليمه إلى أسرته وأخذ التعهد اللازم على المسؤول قانوناً عنه بعدم ممارسة المتسول مرة أخرى وإلا عوقب المسؤول بغرامة لا تتجاوز 100 دينار، وإذا كان المتسول أو المتشرد أجنبياً يتم عرض أمره للنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإبعاده عن البلاد».

وتابع «في حال تكرار الفعل يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ديناراً ولا تتجاوز 100 دينار أو بإحدى العقوبتين كل من عاد إلى ممارسة التسول أو التشرد بعد شموله بالرعاية الاجتماعية وكان صحيح البنية أو لديه مصدر رزق، وإذا كان المتسول أو المتشرد غير صحيح البنية أو ليس له مصدر للرزق تكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ديناراً ولا تتجاوز 50 ديناراً».

وأضاف: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 ديناراً ولا تتجاوز 100 دينار أو بإحدى العقوبتين من استخدم حدثاً أو سلمه للغير بغرض التسول، ومن حرض شخصاً على التسول أو دفع به للتشرد، وإذا كان المحرض ولياً أو وصياً على الحدث أو مكلفاً بملاحظته أو رعايته تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر».