أكد محامون، أن مواد القانون الحالية الخاصة بحماية الخصوصية في التصوير العرضي ونشر الصور، بحاجة لتشريع خاص، يتعامل مع حقي التصوير والنشر وكذلك حدود تصوير الشخصيات العامة، لافتين إلى محاولات تشريعية سابقة لم تخرج من أدراج المجلس التشريعي.

وذكر المحامي عبدالرحمن غنيم، أنه في ظل التطور السريع في السنوات الماضية لتقنية المعلومات وأجهزة الهواتف المحمولة واستخدامها في التصوير، وفي نشر هذه الصور عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي "السوشيل ميديا"، بات من الضرورة إلقاء الضوء على مدى مشروعية هذا العمل وما إذا كانت هناك قوانين تجرم هذا الفعل لما له من خطورة بالمساس واختراق الحياة الخاصة وما يمس شخصية الإنسان ومدى الحماية و دستوريته وقانونيته.

ولفت إلى أن الدستور، حمى الحياة الخاصة وجعل لها حرمة مصونة لا تمس حيث نصت المادة (19/أ) منه على أنه "حرية شخصية مكفولة وفق للقانون"، كما أكد أن قانون العقوبات لم يخلُ من مواد التجريم التي تعاقب اختلاس حرمة الحياة الخاصة بكل فعل يمس هذه الحياة أو لمجرد التهديد بإيذائها، حيث نصت المادة 290 على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز 50 ديناراً من تسبب عمداً في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات السلكية أو اللاسلكية، كما نصت المادة 363 في فقرتها الثانية على أن "تكون العقوبة الحبس إذا كان التهديد بارتكاب جناية ضد النفس أو المال أو بإفشاء أو نسبة أمور خادشه للشرف".



وأشار غنيم كذلك إلى ما نصت عليه المادة 370 من قانون العقوبات على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وبالغرامة التي لا تجاوز 50 ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين من نشر بإحدى طرق العلانية أخباراً أو صوراً أو تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد ولو كانت صحيحة إذا كان من شأن نشرها الإساءة إليهم".

ولفت، إلى أن تلك النصوص توضح أن التشريعات أضفت الحماية القانونية على كل من يتعرض لشخص ما ذكراً كان أو أنثى بالتقاط صورة لهُ بغير في مكان عام أو خاص، كما عاقب القانون على كل من يهدد غيره باستعمال هذه الصور.

إلا أنه استدرك قائلاً: "إن ذلك الفعل لا يجرم إذا كان في التقاط الصورة موافقة من المجني عليه ورضائه بذلك، حيث إن هذه الصورة، تم التقاطها بموافقة صاحبها، كما تنتفي الجريمة إذا ما أثبت المتهم حسن نيته عند الالتقاط للصورة وأنه لم يقصد بالتقاطها شخص المجني عليه وأن تواجده في الصورة كان تواجداً عرضياً وبذلك ينتفي القصد الجنائي لديه وبذلك لا يكون للجريمة ركناً من أركانها موجوداً لعدم توافر أحد أركانها وهو أمر يقدره قاضي المحكمة المختصة".

ونادى غنيم، المشرع لأن يفرد نصاً تجريمياً خاصاً ليعاقب به كل من استخدم وسيلة من وسائل تقنية المعلومات اعتدى بها على غيره فيما يتعلق بشخصه دون رضاه بالتصوير الفوتوغرافي والحركي "الفيديو"، أو بأي وسيلة وشكل يعبر عن شخص المجني عليه ويكون طرفاً.

وشدد على إذا ما تم نشر هذه الصورة بأي وسيلة من وسائل تقنية المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها بشكل يتحقق فيه العلانية.

رئيسة لجنة المرأة العربية في اتحاد المحامين العرب المحامية هدى المهزع، أشارت إلى محاولات تشريعية سابقة لإفراد نص تشريعي خاص بالتصوير، حيث أحالت الحكومة مرسوماً بقانونٍ إلى مجلس النواب في عام 2019 يقضي بتشديد عقوبات انتهاك خصوصية الأفراد.

وتطرق إلى عقوبات خاصة بمن يلتقط أو ينقل صورة أو فيلماً لشخصٍ بشكل مباشر أو في وضعٍ غير لائق أو في مكان خاص، وقام بنشره بإحدى طرق العلانية أو بأي وسيلة كانت.

وأشارت المهزع، إلى افتراض الرضا في قضية التصوير، وهو ما نوه إليه المرسوم وقتها، فإذا تم التصوير بعلم ذوي الشأن دون اعتراضهم في حينها فإن رضا هؤلاء يكون مفترضاً، ولا يجوز رفع الدعوى أو اتخاذ إجراءات التحقيق الابتدائي عن الجرائم المنصوص عليها في مرسوم القانون إلّا بناءً على شكوى من المجني عليه أو أحد ورثته، وذلك دون إخلال بالحقوق العينية التي للغير حسن النيّة.

وأكدت رئيسة لجنة المرأة العربية، أن التشريعات البحرينية تجاوزت هذا الفكر، حيث استطالت الحماية القانونية للطفل، مشيرة إلى قانون العدالة الإصلاحية الذي دخل حيز التنفيذ في أغسطس الماضي، وتحديداً نص المادة 61 التي وضعت عقوبة الغرامة على كل من نشر أو أذاع - بأي من أجهزة الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية أو بأية وسيلة من وسائل الاتصال الحديثة - أية معلومات أو بيانات أو رسوم أو صور تتعلق بهوية الطفل بدون إذن من محكمة العدالة الإصلاحية للطفل المختصة أو النيابة المتخصصة للطفل أو اللجنة القضائية للطفولة - بحسب الأحوال - حال عرض أمره على الجهات المعنية بالأطفال المعرضين للخطر أو المخالفين للقانون.

لكن المحامية فوزية جناحي، اختلفت في الرأي بشأن الرضا الضمني، مؤكدة أن الإذن الممنوح من الشخص بالتصوير لا يتضمن الإذن بنشر الصورة لكون الحق في هذه الصورة هو حق مطلق قاصر على الشخص المراد تصويره وهو يحتاج إلى رضا صريح منه بنشر الصورة واستغلالها، وهو ما تستبعد معه قرينة الموافقة الضمنية بنشرها، ومن ثم فيجب أن يفسر الإذن الضمنى للأشخاص الذين يتم تصويرهم تفسيرًا ضيقًا بواسطة المحاكم مع الأخذ في هذا الخصوص بالإذن الصريح بالتصوير ونشر الصورة وتوزيعها واستغلالها دون غيره، لكون هذا الإذن الصريح يتعلق بنطاق استقلال كل فرد ببعض قراراته الهامة التي تكون بالنظر إلى خصائصها وآثارها أكثر اتصالاً بمصيره وأكثر تأثيراً في أوضاع حياته التي اختار أنماطها.

وذكرت جناحي، أن إعمال هذا المبدأ هو تطبيق صريح لنص المادة 28 من القانون المدني، التي قررت حق التعويض عن التعسف في استعمال الحقوق، للتأكيد على حق الشخص الذي اعتديَ على حقه في صورته الشخصية، وأثبت أنه قد أصابه ضرر من جراء ذلك في مطالبة من ارتكب هذا الخطأ بالتعويض عن هذه الأضرار، فالحق في الصورة الشخصية يشمل حق الشخص في أن يرفض التصوير وحقه في أن يراقب الاستغلال لصورته، ومفاد النص في قانون حماية حقوق الملكية الفكرية يدل على أن من عمل أو التقط أي صورة لشخص آخر بأي شكل من الأشكال أياً كانت الطريقة التي عُملت بها سواء كانت صورة فوتوغرافية أو متحركة فلا يجوز له نشر أصلها أو توزيعها أو عرضها أو أي نسخ منها دون إذن من التقطت له الصورة.

ولفتت جناحي إلى استثناء المشرع لحالة واحدة وهى إذا كان ما عُملت أو التقطت له هذه الصورة هو شخص ذو صفة رسمية أو عامة أو يتمتع بشهرة محلية أو عالمية أو سمحت بهذا النشر السلطات العامة المختصة خدمة للصالح العام وبشرط ألا يترتب على عرض هذه الصورة في هذه الحالة الأخيرة أي مساس بشرف هذا الشخص أو بسمعته أو اعتباره.

وأوضحت، أن العصر الذي نعيشه يثبت أن الإنترنت ليس له حدود ولا قيادة قانونية، وبعبارة أخرى ليس له "شخصية قانونية" معنوية تمثله في مواجهة المستعلمين له أو في مواجهة الغير لأنه عبارة عن "اتحاد فيدرالي للشبكات" في مجموعها يغطي تقريباً كل الكرة الأرضية، وكان مما لا شك فيه أن بحث الحماية القانونية ضد هذه الأخطار لا يكون إلا من خلال القانون والذي تطور في هذا المجال بوضع القواعد القانونية التي تحمي اعتداء أي شخص على الحياة الخاصة لآخرين من خلال الإنترنت، إذ أصبحت الحياة الخاصة في غالبية دول العالم قيمة أساسية تستحق الحماية.