بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين

زيارة الملك إلى كازاخستان بـ 2014 أعطت دفعة كبيرة لتطوير التعاون المشترك

الزيارة التاريخية للملك هيأت الفرصة لتعزيز علاقات كازاخستان مع دول الخليج



البحرين من أبرز الشركاء المهمين لكازاخستان في الشرق الأوسط

تطابق مواقف البحرين وكازاخستان تجاه القضايا الإقليمية والعالمية

البحرين وكازاخستان يتعاونان بشكل وثيق في إطار الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى

تعاون كبير بين مركز حمد للتعايش ومركز نازارباييف للحوار بين الأديان والحضارات

كازاخستان استفادت بخبرة البحرين الكبيرة في الصيرفة عند إنشاء مركز أستانا المالي

تعزيز التعاون البرلماني بين البلدين بالسنوات الأخيرة عبر زيارات الوفود البرلمانية


محمد نصرالدين

وصف سفير جمهورية كازاخستان لدى مملكة البحرين بيريك آرين، العلاقات التي تربط بلاده بمملكة البحرين بالصداقة القوية والوطيدة، مثمناً موقف البحرين كونها من أوائل الدول العربية التي اعترفت باستقلال كازاخستان، وأقامت معها علاقات دبلوماسية في الثامن والعشرين من مايو عام 1992.

وقال السفير بيريك آرين في حديث صحفي خص به «الوطن» بمناسبة مرور 30 عاماً على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين مملكة البحرين وجمهورية كازاخستان، إن الحدث الأبرز في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين كان الزيارة الرسمية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين المعظم إلى كازاخستان في عام 2014، والتي مثلت حدثاً تاريخياً في العلاقات الثنائية، وأعطت دفعة كبيرة لتطوير التعاون المشترك، وهيأت الفرصة لتوسيع علاقات كازاخستان مع دول الخليج العربية. مشيراً إلى أنه خلال الزيارة الهامة لجلالة الملك المعظم، تم البحث والاتفاق على مجموعة واسعة من قضايا التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية.

وحول تطور العلاقات الدبلوماسية على مدار الثلاثين عاماً الماضية، قال إن العلاقات بين البلدين بدأت ببرتوكول دبلوماسي وما يسمى بتبادل «المذكرات الشفوية»، ثم أخذت تتطور تدريجياً في جميع مجالات التعاون. وبفضل الدعم المتبادل، والإرادة السياسية القوية لقادة البلدين، أقيمت علاقات الثقة والصداقة والأخوة بين كازاخستان والبحرين.

وأشار إلى أنه في عام 1997، قام رئيس جمهورية كازاخستان الأسبق نور سلطان نزارباييف بزيارته الرسمية الأولى إلى البحرين، والتي أرست الأساس للتعاون متبادل المنفعة بين البلدين، حيث استقبل الأمير الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه الوفد الكازاخي بترحاب بالغ، وجرى خلال الزيارة التأكيد على تطوير التعاون الشامل بين البلدين، وأسفرت المفاوضات عن توقيع اتفاقيات للتعاون الثنائي أعطت دفعة هامة للعلاقات بين البحرين وكازاخستان.

وحول طبيعة التنسيق والتعاون بين البلدين بشأن القضايا الإقليمية والدولية وفي المحافل والمنظمات الدولية، قال إن مملكة البحرين من أبرز شركائنا المهمين في الشرق الأوسط، وفي هذه الآونة تتشابه وتتطابق مواقف البحرين وكازاخستان إلى حد كبير تجاه القضايا والتحديات الإقليمية والعالمية، وخاصة في قضايا عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، والحفاظ على سيادة الدول وسلامة أراضيها، وتتعاون كل من البحرين وكازاخستان بشكل وثيق في إطار منظمة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي ومؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا وغيرها من الهيئات والمنظمات الدولية.

وثمن السفير بهذا الصدد دعم مملكة البحرين بشكل عام مبادرة كازاخستان لتحويل مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا إلى منظمة دولية كاملة في مجال الأمن الآسيوي (CICA)، وإنشاء منظمة أمن غذائي إسلامية مقرها في العاصمة الكازاخية نور سلطان في إطار منظمة التعاون الإسلامي.

وقال: «إن البحرين وكازاخستان تتعاونان في الوقت الراهن بنجاح من خلال مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا، حيث يشارك ممثلو مملكة البحرين بفاعلية في اجتماعات مجموعة العمل وقمم مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا، ويقدمون مساهمات كبيرة في محتوى المنتدى وإعداد الوثائق النهائية».

وأشار إلى أن بلاده تخطط في أكتوبر من هذا العام، كجزء من رئاستها لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا، لعقد قمة مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا السادسة في نور سلطان.

وأشار إلى أنه في أكتوبر عام 2021، تلقت العلاقات البحرينية الكازاخية دفعة إضافية خلال زيارة وزير خارجية مملكة البحرين عبداللطيف الزياني، إلى نور سلطان، حيث ترأس الوفد البحريني في الاجتماع السادس لوزراء خارجية مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا، كما شارك في أعمال أول اجتماع لمنصة الحوار «آسيا الوسطى - مجلس التعاون لدول الخليج العربية».

وبالإضافة إلى الجوانب الدولية، قال السفير بيريك آرين، «إن البلدين يجمعهما وجهات نظر متقاربة فيما يتعلق بقضايا الوئام بين الأديان والطوائف، حيث يشارك ممثلو المملكة في أعمال مؤتمر الأديان العالمية والتقليدية. ومن أجل زيادة التعاون في قضايا تعزيز الحوار بين الطوائف والتسامح الديني، يتم في الوقت الحالي التعاون بين المركز العالمي للتعايش السلمي للملك حمد ومركز نازارباييف لتطوير الحوار بين الأديان والحضارات. وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أنه في إطار هذا التعاون تم توجيه الدعوة مؤخراً إلى مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي لحضور المؤتمر السابع لزعماء أتباع الأديان العالمية والتقليدية والمقرر عقده في العاصمة نور سلطان منتصف شهر سبتمبر المقبل، والذي يقام تحت شعار «دور زعماء الأديان العالمية والتقليدية في التنمية الاجتماعية والروحية للبشرية في فترة ما بعد الجائحة» حيث انطلق هذا المؤتمر في كازاخستان لأول مرة في سبتمبر 2003، وتكمن أهميته في تعزيز القيم التي من شأنها فتح آفاق واسعة نحو فهم مشكلة التطرف والإرهاب، وإثراء الحوار بين الأديان المختلفة في العالم، وتحقيق فهم أعمق للأديان، ونشر ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر، للمساهمة في وقف النزاعات والصراعات المسلحة والعرقية والطائفية».

وفيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، قال السفير بيريك آرين «إن الإدارات والوزارات في البحرين وكازاخستان يتعاونون فيما بينهم في شتى مجالات الأعمال»، مشيراً إلى أنه في إطار الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال زيارة ملك البحرين المعظم إلى كازاخستان عام 2014، عقدت بالمنامة فعاليات منتدى الأعمال البحريني الكازاخستاني بالتعاون بين غرفة تجارة وصناعة البحرين والوكالة الوطنية لجمهورية كازاخستان للصادرات والاستثمار KAZNEX INVEST حيث شارك في المنتدى الشركات البحرينية الرائدة في مجالات البتروكيماويات، والبناء، والزراعة، والفندقة، والتمويل، والاستثمار، وأسفر المنتدى عن توقيع مذكرات تفاهم اقتصادية بين الجانبين.

ولفت إلى أن مملكة البحرين هي على الدوام محل إعجاب واهتمام من كازاخستان بوصف المملكة مركزاً مالياً رئيساً في الشرق الأدنى والأوسط، مشيراً إلى أن بلاده استفادت بخبرة البحرين الكبيرة في مجال الصيرفة والتمويل الإسلامي عند إنشاء مركز أستانا المالي الدولي في كازاخستان، والذي بات يعد المركز المالي في آسيا الوسطى، ويجمع التدفقات المالية من أنحاء العالم.

وقال: «إنه في الوقت الراهن، يتعاون مركز أستانا المالي الدولي بنشاط مع مصرف البحرين المركزي، ومعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية «BIBF»، وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية «أيوفي»، والسوق المالية الإسلامية الدولية «IIFM» بالبحرين. ويعمل العديد من الخبراء الدوليين الرائدين في المجلس المركزي لمركز أستانا المالي الدولي طبقاً لمبادئ التمويل الإسلامي، ومن ضمنهم ممثلو المملكة عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ عصام إسحاق، ورئيس قسم التطوير المهني في «أيوفي» فرحان نور».

وعبر السفير بيريك آرين عن تطلع بلاده إلى زيادة وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع مملكة البحرين في ظل ما يتمتع به البلدان من مقومات كبيرة تتيح رفع هذه العلاقات الاقتصادية إلى آفاق هائلة، منوهاً بأن مملكة البحرين تمكنت وفي ظل البرنامج الاستراتيجي «الرؤية الاقتصادية 2030» من تدشين مشاريع ضخمة وهائلة وحققت قفزة كبيرة في التنمية الاقتصادية، وأصبحت أكبر مركز مالي في منطقة الشرق الأوسط، وبالمقابل فإن جمهورية كازاخستان في الوقت الحالي دولة راسخة وتنافسية ومتطورة ديناميكياً وتتطلع إلى المستقبل. وتعد من بين أكثر 50 اقتصاداً تنافسياً في العالم. وعلى مدى الثلاثين عاماً الماضية، تم جذب أكثر من 370 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى كازاخستان، وهو ما يمثل أكثر من 70٪ من إجمالي تدفق الاستثمار إلى منطقة آسيا الوسطى، وساهمت هذه النجاحات في التنمية الاقتصادية في نمو رفاهية مواطني جمهورية كازاخستان، حيث زاد حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال العقود الماضية من الاستقلال 24 مرة.

وحول التعاون البرلماني، قال السفير: «إن البلدين الصديقين، بجانب تعاونهما في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، يحرصان على تعزيز التعاون البرلماني من خلال زيارات الوفود البرلمانية المتبادلة» مشيراً إلى أنه في الفترة من 26 -27 أبريل 2017، قامت مجموعة من نواب مجلس الشيوخ بجمهورية كازاخستان، بدعوة من البرلمان البحريني، بزيارة البحرين للمشاركة في اجتماع الجمعية البرلمانية الآسيوية. وفي الفترة من 23- 24 من سبتمبر 2019، قامت رئيسة مجلس النواب فوزية زينل بزيارتها الأولى إلى العاصمة الكازاخية نور سلطان، وشاركت خلالها كرئيسة للوفد البحريني في الاجتماع الرابع لرؤساء برلمانات البلدان الأوراسية. وعقدت خلال الزيارة اجتماعات ثنائية للوفد البحريني مع قيادة غرفتي برلمان جمهورية كازاخستان.

وحول التعاون في المجال التعليمي والتربوي قال: «إنه جرى الانتهاء في سبتمبر 2021 من بناء وتشغيل المدرسة الثانوية رقم 91 في كازاخستان، في العاصمة نور سلطان بسعة 1200 مقعد دراسي، والتي قامت بتمويلها المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، وفي الوقت الراهن، يدرس في هذه المؤسسة التعليمية 1200 طالب من كازاخستان، وبجانب المواد الأساسية، يدرسون تاريخ وثقافة البحرين والعالم العربي بشكل عام، وتقوم المدرسة بتدريس اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، ونحن ممتنون لمملكة البحرين على هذه البادرة الخيرية التي تمثل بالتأكيد رمزاً للصداقة بين البلدين والشعبين الصديقين».

وحول التعاون في المجال البيئي، عبر السفير بيريك آرين عن دعم بلاده للاستراتيجية الوطنية للبيئة في مملكة البحرين ومبادرات العمل المناخي التي تنتهجها المملكة، وقال: «إن بلاده تدعم إنجازات البحرين في هذا المجال، وترحب كذلك بجهود البحرين في حل المشكلات البيئية في الشرق الأوسط والعالم، وتعلق أهمية كبيرة على زيادة تعزيز التعاون في هذا المجال والتعاون الشامل بين البلدين عموماً». وأضاف سفير جمهورية كازاخستان، إنه عند استعراض نتائج 30 عاماً من العلاقات بين البحرين وكازاخستان إجمالاً، لابد من التأكيد على أنه رغم البعد الجغرافي، فإن البحرين وكازاخستان كبلدين صديقين يتعاونان بنجاح في الكثير من المجالات، وهناك تطلع من الجانبين إلى زيادة تعزيز التعاون متبادل المنفعة، وذلك استناداً لما تم تأسيسه خلال العقود الثلاثة الماضية من قاعدة تعاقدية وقانونية متينة للعلاقات الثنائية، وتوسع الزيارات المتبادلة والفعاليات المشتركة بين هيئات ومؤسسات البلدين. ولفت السفير إلى أنه لدى شعبي البلدين قيماً مشتركة ووجهات نظر حول المستقبل والرغبة في التطوير وتقديم الدعم الودي المتبادل، وقال إنه لأمر غاية في الرمزية أن تحتفل كل من مملكة البحرين وجمهورية كازخستان بعيد استقلاهما في 16 ديسمبر من كل عام، وبهذه المناسبة يتبادل قادة البلدين سنوياً برقيات التهنئة والتمنيات بالازدهار والتقدم. وأعرب سفير جمهورية كازاخستان لدى مملكة البحرين في ختام حديثه بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وكازاخستان، عن تمنياته لقيادة مملكة البحرين وشعبها الصديق بالمزيد من التقدم والرفاه والازدهار، معرباً عن ثقته بأن العلاقات البحرينية الكازاخية القائمة على أواصر الصداقة والاحترام المتبادل ستستمر في التعمق من أجل ازدهاروتقدم البلدين.