محرر الشؤون المحلية




النعيمي: آل ثاني استعانوا بمرتزقة من فارس للعدوان على رعايا الدولة الخليفية بالإقليم

قبائل البحرين دافعوا عن الزبارة تحت راية الدولة الخليفية


الجبر والنعيم الماجد كانوا يسكنون شرق الزبارة ويقيمون العرضة


عاش رعايا الدولة في إقليم الزبارة بأمن وسلام ردحاً طويلاً من الزمن في ظل حكم الدولة الخليفية ورعايتها، واستمر الوضع كذلك حتى تسلّطت عليهم الأطماع السياسية والنفطية وضيّقت عليهم وحاصرتهم، بل وحاربتهم.

مبارك النعيمي أحد رعايا البحرين الذين هجروا قسراً من الزبارة يصف لنا حياته هناك قبل العدوان ويقول: «حياتنا هناك كانت برّية من أم الما حلوان إلى اللشا، هذا في بر الزبارة، والزبارة التي كانت على الشاطئ كانت تدخل السفن فيها من البحر إلى القلعة، وذلك عبر نهر محفور من البحر إلى القلعة، وفي الشمال يبنون بالطين والحصى».

ويضيف: «آل ثاني كانوا يسكنون الدوحة، بلادهم الدوحة، البرّ ليس لهم، البرّ للقبائل التابعة للخليفة، أهل البحرين، رواتبهم ومعاشاتهم ومؤنهم تتكفل بها الدولة الخليفية، تأتي من المحرق، ولم يكونوا يذهبون إلى الدوحة».

ويقول: «كنت أعيش مع حسن بن صياح النعيمي، هو أكبر مني بالسن، وأتذكر لعبنا مع أطفال من آل جبر في حلوان، وجميع الأطفال كانوا يلعبون بعضهم مع بعض لعبة «الهول»، وكنا نضع فيها نيشاناً إلى الشرق وآخر إلى الغرب، واللاعبون يكونون في الوسط، واللعب كان جماعياً مثل لعبة كرة القدم».

ويضيف: «كنا نذهب إلى العرضة، التي كانت تقيمها الجبر والنعيم الماجد، فهم أهل عرضة، وكانوا يسكنون شرق الزبارة، والعرضة تستمر إلى المغرب، ثم كنا نعود إلى مناطقنا. ومن الأشعار التي كنا ننشدها وهي شيلات حرب: «ألا يا طير صادوك في الغرايب ولا أقدار لو كنت حذر يا طير ما كانوا صادوك» وهذه مقولة في الطيور، وفي العرضة كنت أحرص على المشاركة منذ صغري، كانوا يملكون «طفق مقمع» وهي بندقية يتم وضع البارود بها بشكل يدوي، ثم يقومون بتثبيت البارود داخل البندقية عبر عصا مخصصة لحشر البارود، ثم يرزفون بها «يرقصون» ويقومون بالتثوير على الأرض، فترى الغبار الناتج عن البارود يغطي المكان، ولم يكونوا يستخدمون «الرصاص» بل البارود فقط».

مبارك النعيمي، كان أيضاً شاهداً على العدوان على أهل البحرين في إقليم الزبارة ويقول عن ذلك: «سمعنا أخبار أن هناك مشاكل بين القبائل العربية التابعة للدولة الخليفية وآل ثاني، ولكن آل ثاني استعانوا بإيران».

وهو ما تؤكده الوثائق البريطانية التي تبين أن بعض المرتزقة الذين استعان بهم شيخ الدوحة للعدوان على أهل البحرين في إقليم الزبارة تم استجلابهم من إيران.

ويضيف النعيمي: «أحضروا جيش من فارس للمشاركة في الحرب ضد القبائل، حيث لم يكونوا يملكون جيشاً، وكانت المعركة بعد أن تحدد موعدها وكانت الطريقة المتبعة في تلك الفترة لتحديد موعد الحرب حضور ممثل من هذا الطرف إلى الآخر ليبلغه بمكان ووقت الحرب».

وقد وقعت الحرب الأخيرة عند قلعة الثغب، ويقول مبارك النعيمي: «الثغب هي روضة كبيرة، وقد شهدت وقوع الحرب، وبدأت القبائل العربية بعرضة الحرب»، موضحاً «كنا نذهب لهم ونحن أطفال، ونشاهدهم وهم «يرزفون» رقصات الحرب، وبعد ذلك بعدة أيام بدأت الحرب، جميع القبائل شاركت في الحرب من النعيم والكعبان والكبسة والرمثان وغيرهم، جميعهم شاركوا في الحرب».

وسبق أن استعرض مبارك النعيمي في الحلقة السابقة من سلسلة «الوطن» الوثائقية «البحرين والزبارة دولة واحدة وشعب واحد» الحياة التي كان رعايا البحرين يعيشونها في الزبارة قبل العدوان وقال: «كانت حياتنا هناك تعتمد على البرّ وكنا نملك الأغنام والركاب من إبل وخيل، وكنا نرتحل من منطقة إلى أخرى، دون الالتزام بموقع واحد، فكنا ننتقل من منطقة أم الماء ولقد سكنا فيها هناك، ومن ثم ننتقل إلى النعمان، ثم أم قبرين، ثم الخريمة وكانت كل روضة فيها عين، وننتظر هطول المطر، وإذا جاء الغيث من المطر تمتلئ العيون، ونستغل عيون الماء صيفاً، هكذا كانت طبيعة الحياة، كنا نبحث عن المطر والكلأ من الأعشاب في الرياض لدوابنا ونذهب لها».

وأضاف: «رأينا القبائل في الشمال يبنون باستخدام الطين والحصى، وكانت البئر الموجودة بالقلعة تقع بالقرب من الحائط الغربي للقلعة، ولقد شربت من البئر الماء، والذي كان مراً مثل العلقم، وبين البرج الشرقي والبرج الغربي، وكان هناك سلّم من الأسفل يأخذونا إلى الأسطح». ويوضح: «أما الآخرون، فكانوا يسكنون في الدوحة فهم بلادهم الدوحة، والبرّ لم يكن لهم، فالبرّ للقبائل التابعة للبحرين التي تدين بولائها لحكام الدولة الخليفية، وكان حكام الدولة الخليفية يوفرون لتلك القبائل التموين اللازم «الماجلة» ويصرفون لهم الرواتب والمعاشات، فحكام الدولة الخليفية كانوا المسؤولين عن جميع القبائل في الزبارة».

ويستذكر النعيمي بالقول: «كان حكام الدولة الخليفية يرسلون الرواتب لرعاياهم في الزبارة إلى منطقة أبوظلوف التي تضم الدكاكين، فكانت الرواتب تصل من المحرق وتوضع عند الدكاكين ويأتي كل شخص لاستلام سهمه كما يستلم زاده وتموينه، وهذا الأمر كان يجري كل شهر، تصل الرواتب والتموين من حكام الدولة الخليفية إلى الزبارة ويتسلّمها الرعايا ولم يكونوا يذهبون إلى الدوحة».