تولي مملكة البحرين أهمية بالغة لتوفير الخدمات الصحية وتعزيز الوعي الصحي، وتُعد في طليعة الدول التي حققت منجزات كبيرة على صعيد التنمية المستدامة وإيلاء الأهمية القصوى لصحة وسلامة الجميع وتحقيق التغطية الصحية الشاملة لجميع السكان.

ويحظى القطاع الصحي في المملكة بدعم لا محدود ورعاية كبيرة من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وبمؤازرة كريمة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.



وبمناسبة اليوم العالمي لمرض فقر الدم المنجلي، الذي يصادف في التاسع عشر من يونيو من كل عام، فإن حكومة مملكة البحرين تفخر بتحقيق منجزات كبيرة ومشاريع متميزة ساهمت بتوفير حزمة من الخدمات الشاملة لمرضى (السكلر)، وحققت تقدماً كبيراً في السيطرة على المرض من خلال خطة وطنية واسعة النطاق ارتكزت على توفير البنية الصحية المتقدمة وتوفير أفضل الخدمات لهذه الفئة من المرضى.

ومع الطفرة الكبيرة في إنشاء البنية التحتية للمنظومة الصحية بمملكة البحرين في ثمانينيات القرن الماضي، بدأت الرعاية الصحية لمرضى السكلر، وتحديداً في العام 1984، حيث قامت الحكومة الموقرة بتبني ملف فقر الدم المنجلي (السكلر) ووضع خطة وطنية شاملة لبناء أسس للوقاية من انتشار المرض وتوفير خطط علاجية، كون هذا المرض من الأمراض الأكثر انتشاراً بالمنطقة.

وشكلت رعاية مرضى السكلر أولوية على خارطة أجندة القطاع الصحي في مملكة البحرين، وعلى مدى 35 عاماً من مشوار تطوير الرعاية الصحية لمرضى السكلر، قام الفريق المعني برعاية المرضى ببحث عن أبرز المحطات في هذا المشوار، والتي كان لها دور بارز في تحسين جودة حياة المرضى، حيث تمت مراجعة 182 مشروعاً صحياً تم تطبيقها خلال الأعوام المنصرمة.

وفي هذا الصدد أشارت المستشفيات الحكومية إلى الخطط والمشاريع المعدة للتعامل مع هذا المرض؛ ففي عام 1984 تم إنشاء وحدة أمراض الدم الوراثية بمجمع السلمانية الطبي وإطلاق برنامج مكافحة الأمراض الوراثية، والذي يتضمن عدد من الخطط الوقائية التي تسهم في الحد من هذا المرض.

واستمرت الجهود في هذه البرامج وتحديداً في عام 1993، حيث تم إطلاق برنامج فحص قبل الزواج لمكافحة والحد من الزيادة في عدد حالات المصابين أو الحاملين لهذا المرض، وشملت هذه الفترة بناء قاعدة بيانات لحصر عدد المواليد المصابين من خلال برنامج فحص المواليد وكذلك برنامج فحص الطلبة.

وبالتزامن مع الجهود الوقائية عملت العديد من اللجان الطبية لرسم الخطط التوضيحية العلاجية حسب الأسس والمعايير العلمية العالمية؛ ففي عام 2012 تم إنشاء اول عيادة لعلاج آلام المزمنة، وشهد العام 2013 تعزيز التواصل بين الفريق الطبي والمرضى عن طريق توفير منصة إلكترونية، كخط ساخن، للرد على الاستفسارات عبر تطبيق واتساب، وفي هذا الإطار تم استقبال أكثر من نصف مليون رسالة واستفسار عبر تطبيق واتساب في منذ البدء بالعمل بهذا البرنامج خلال تسع سنوات.

وشهد العام 2014 تدشين مركز أمراض الدم الوراثية، ليكون أول مركز متكامل لعلاج مرضى السكلر، وفي إطار تحديث وتطوير البرامج الخدماتية تم وضع برنامج تبادل خبرات مستمر مع خبراء عالميين في علاج هذه الحالات، ومنها تبادل الخبرات مع فريق KING'S College بالمملكة المتحدة عام 2014، وتبادل الخبرات مع مستشفى John Hopkins بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2015، إضافة لاستقطاب العديد من الخبرات ضمن برنامج الطبيب الزائر.

ومن أبرز التطورات العلاجية؛ عملية نقل واستبدال الدم الدوري للمرضى، حيث تم استحداث واستقدام أحدث الأجهزة تطوراً لرفع كفاءة العلاج للحد من حدوث المضاعفات الطبية، وتم تحقيق تحسن بنسبة 300% في عملية نقل الدم الدوري مقارنة بالنظام الذي كان معمول به سابقاً.

وفي العام 2018 تم إنشاء عيادة شاملة متعددة التخصصات وبأسلوب مغاير لتقديم الرعاية الصحية، كما تم استحداث نظام التطبيب عن بعد، مما إتاحة توفير الجهد والعناء ومدة الانتظار، وبلغت نسبة رضى المرضى في آخر عملية مسح عن برنامج التطبيب عن بعد 94%.

ونظراً لأهمية استمرارية التدريب وتعزيز البحوث العلمية عند الطواقم الطبية والتمريضية؛ تم تنظيم عشرات الورش التدريبية والمحاضرات التثقيفية، وفي سياق العلاجات المتوفرة تم توفير علاج "هيدروكسي يوريا" منذ عام 1997، وبلغت نسبة المرضى المستفيدين منه 65% من إجمالي المرضى المتابعين.

وتنفيذاً للتوجيهات الكريمة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، تم توفير دواء "الاداكفيو" عام 2021 لعلاج مرضى السكلر، حيث تعتبر مملكة البحرين أول دولة تسجل وتعتمد هذا الدواء بعد الولايات المتحدة الأمريكية في فبراير 2020، ويبلغ عدد المرضى المستفيدين منه 50 مريضاً حتى الآن.

وحققت الجهود المتوالية نتائج إيجابية شملت مؤشرات الجودة والأداء، وبفضل من الله سبحانه وبتوجيهات قيادة جلالة الملك المعظم وجهود الطواقم الطبية المعنية، نجحت مملكة البحرين في تخفيض نسبة المواليد الجدد المصابين بمرض فقر الدم المنجلي إلى 0.2% سنوياً، وانخفاض مستوى مؤشر الوفيات بسبب المرض بنسبة 43%.

كما حققت المملكة تطوراً يبلغ 35% في علاج الأمراض المزمنة من خلال تحويل المرضى من العلاج بالإبر إلى العلاج عن طريق الأقراص، مما أدى إلى استقرار استشعار المرضى بالآلام اليومية وتحسن جودة حياتهم.

الجدير بالذكر أن مركز الأمراض الوراثية بمجمع السلمانية الطبي يوفر 132 سريراً للمرضى؛ 90 منها للذكور و42 للإناث، كما يشتمل الطاقم التشغيلي على مختلف التخصصات من أطباء وممرضين وأخصائي للدعم النفسي ومنسقين إداريين، إلى جانب ذلك يشمل مركز أمراض الدم الوراثية عدد من الوحدات تخدم مختلف احتياجات المرضى، ومنها وحدة الرعاية اليومية ووحدة نقل الدم الدوري والعيادة متعددة التخصصات.

وتعكف المستشفيات الحكومية على تدشين مركز التعلم والبحث المتقدم بمركز أمراض الدم الوراثية، ليكون إضافة نوعية لتعزيز الكفاءات البحرينية في هذا المجال، وبما يصب في خدمة المرضى وتقديم أفضل سبل الرعاية الشاملة لهم.