البعض وصفني بالفشل وواجهت الإحباط بالإصرار على شق طريقي

كنت أشتري بمصروفي في الابتدائية أقلاماً وكراسات وأبيعها على صديقاتي

خسارتي المادية مبلغ دفعته مقابل دروس علمتني قوة الشخصية والهدوء النفسي



أنس الأغبش

بدأت رحلتها التجارية قبل نحو 24 عاماً، بافتتاح محل لبيع الملابس الجاهزة في أحد المجمعات التجارية لكنها تعثرت في مسيرتها وفضلت إغلاق المحل بعد تعرضها لخسائر، فلم تيأس وأصرت على مواصلة مشوارها التجاري حتى تمكنت من تحقيق النجاح.

وتؤكد رائدة الأعمال ومدربة التطوير الذاتي نسيم محمد عبداللطيف لـ"الوطن"، أنها بدأت بالبحث عن مجالات أخرى، على الرغم من الإحباط الذي أصابها جراء انتقادها بالفشل من البعض وتشجيع آخرون، لكن ذلك لم يثنها عن شق الطريق حتى تمكنت من تأسيس روضة خاصة، والاتجاه نحو المجال العقاري وغيرها من المجالات حتى باتت رائدة أعمال ناجحة.

وتقول عبداللطيف: "إنها لا تنظر إلى الربح والخسارة في عالم التجارة وريادة الأعمال بقدر نظرتها إلى مساعدة أفراد المجتمع من أجل تنمية مهاراتهم وتطوير ذاتهم الشخصية"، مشيرة إلى أنها استطاعت أن تحقق نجاحاً تلو الآخر، حتى أنها تعتزم الدخول في مجالات تجارية أخرى وفيما يأتي اللقاء:

كيف بدأت نسيم عبداللطيف رحلتها المهنية؟ وكيف استطاعت أن تحقق النجاح كسيدة أعمال ناجحة؟

- بدأت رحلتي في المجال التجاري منذ نعومة أظافري خصوصاً عندما كنت في بداية رحلتي الدراسية، حيث كنت أشتري بمصروفي المتواضع وأنا في المرحلة الابتدائية عدداً من الأقلام والكراسات الجميلة وأعيد بيعها على صديقاتي في المدرسة، وكم كنت أفرح بالربح القليل الكبير في عيني، ومن ثم أفكر في كيفية زيادته. وأذكر وقتها كلمات التشجيع والإثراء من المقربين وكنت فعلاً أحس بأني إنسانة ناجحة.

وعندما وصلت سن العشرين، ومع استلامي لأول راتب وظيفي، قررت أن أفتتح محلاً لبيع الملابس في أحد المجمعات التجارية، ومع أني كنت أفتقر للخبرة آنذاك، لكنني تمكنت من فتح النشاط وكنت أسافر إلى دبي أو السعودية وأتفق مع تجار الجملة ومن ثم اتفق مع شركات الشحن للتأكد من إيصالها إلى البحرين.

فقد كنت أعمل "على البركة" من دون حساب نسبة التكلفة والربح ولا جدولة للميزانية، آخذة بعين الاعتبار أن أي مشروع يواده الربح أول الخسارة "والشاطر من يستطيع البقاء"، ومن البديهي طبعاً بأنني خسرت في المشروع واضطررت لإغلاقه.

نصحك بعض المقربين بعدم تكرار التجربة تجنباً للفشل فهل يعتبر هذا فشل في التجارة؟

- دائماً ما اعتبرت بأن خسارتي المادية كانت مبلغ دفعته مقابل الخبرة التي اكتسبتها في السوق ومقابل الدروس التي علمتني قوة الشخصية والهدوء النفسي، وغيرها من مميزات غيرتني كشخص.

وظل شغف التجارة، كالشعلة الملتهبة لم تفارقني يوماً، ودائماً ما كنت أبحث عن فرص تجارية جديدة ومتجددة، ولكن هذه المرة تعلمت دروساً قيمة في كيفية إدارة النشاط التجاري. فأنا على يقين، بأن الفشل بمثابة أول طريق للوصول إلى النجاح، فمن دونه لا يمكننا تحديد هدفنا ولا نستطيع الوصول إلى ما نصبو إليه وأن لا نعتبر أن التجارب الفاشلة التي مررنا بها هي نهاية المطاف، بل نكمل المسيرة غير آبهين بما مر من تجارب.

كيف بدأ فكرة إنشاء حضانة وروضة فيريتوبيا؟ وما هي المعوقات التي واجهتيها؟

- في سن الثلاثين، وكوني أم أبحث دائماً عن مكان آمن أضع فيه أبنائي ينمي لديهم الجانب الفكري والنفسي والجسدي، لكي أتمكن من مباشرة أعمالي اليومية وأنا متأكدة بأنهم مستمتعين، قررت افتتاح مركزاً متخصصاً للأطفال لتنمية مهاراتهم الذهنية والنفسية، خصوصاً وأن البحرين كانت حينها تفتقد مثل هذه الأنشطة واكتشفت بعدها، بأنه لا يوجد سجل تجاري يتناسب مع فكرتي، وكنت مخيرة إما أن أفتتح حضانة أطفال أو صالة ألعاب ترفيهية، فاخترت افتتاح حضانة أطفال حيث أطمح لتثقيف الأطفال وتنمية مواهبهم الكامنة عن طريق اللعب.

تحمست كثيراً للفكرة وبدأت رحلة البحث عن المكان المناسب وصياغة خطة العمل وشراء المعدات، فقمت بتجهيز المكان بأكمله دون أن أطلب مساعدة أحد، ذلك لأنني عندما طرحت الفكرة على المقربين كانت الإجابة أما بعدم الاهتمام أو الرفض، فقد سمعت الكثير من الكلام المحبط ومنه بأنني فاشلة ولا أفقه في التجارة وبأني سأخسر لا محالة، لكنني أصريت على مواصلة مشواري وتجهيز المكان وتم الافتتاح بحمد الله وانبهر به الجميع، ولكن أين الأطفال وأين التسجيل؟

افتتحت الحضانة في شهر سبتمبر عام 2009، ولم أتمكن من تسجيل غير طالب واحد فقط حتى شهر أغسطس 2010. فقد كان خوفي من لوم المقربين أشد علي محنة من الخسارة المادية. فهل أنا فعلاً فاشلة؟ وهل الربح فعلاً هو المقياس؟ هذه المرة قمت بجميع الخطوات التجارية الصحيحة من دعاية وإعلان وحساب للميزانية ودراسة السوق وغيرها بطريقة أعتبرها صحيحة، فما هي العلة؟

كيف قلبت الخسارة إلى ربح؟

- لم استسلم لشعور اليأس أبداً، نعم كان شعور الخوف يتملكني ولكني لم أجرؤ بكشفه لأحد خشية اللوم. واستمر الحال إلى صباح أحد الأيام في بداية شهر سبتمبر 2010، الذي يصادف العودة للدراسة بعد الإجازة الصيفية، فتوجهت إلى الحضانة كعادتي الصباحية، وإذا بي أنصدم بالعدد الهائل من السيارات المصطفة أمام باب الحضانة.

عثرت على موقف بعيد جداً، ودخلت المبنى لأنصدم بموقف لن أنساه طوال عمري، كان أولياء الأمور وأطفالهم مصطفين طوابير يحجبون الطريق للمرور إلى مكتب الإدارة وكانت المديرة في حالة ذهول فاقدة للسيطرة من العدد الكبير الراغب بالتسجيل.

فها أنا اليوم - بعد 24 عاماً من أول نشاط تجاري رسمي قمت به - جربت الكثير من الأعمال التجارية بعضها اضطررت لإغلاقه وبعضها قائم إلى يومنا هذا، واستثمرت في سوق العقار ربحت الكثير من بعض المشاريع ولم أربح من البعض.

وتوصلت إلى 3 أمور بقناعة شخصية، وهي أنه من الجميل أن يستشير الشخص من حوله وعليه أن يكون صاحب القرار الوحيد، كما أن المحيطين بالشخص سينصحونه من باب خبرتهم وتجاربهم الخاصة بهم، ومن منطلق الخوف عليه.

وأخيراً، اكتشفت أن رأي الناس بي إن كنت مستثمرة ناجحة أم لا، يحدد من منظور ضيق جداً والمعيار لديهم نسبة الأرباح الشهرية.

إذا ما هو معيار قياس رائد الأعمال الناجح؟

- بحسب رأيي الشخصي، يحدد المعيار بعدة أمور وهي: كمية الخبرة المكتسبة، الحس القيادي، طريقة تعاملك مع الأزمات، سرعة البديهة، هل أنا مستعد لتقبل الفشل؟، التمتع بحس القيادة، الإصرار على تحقيق أحلامك مهما كانت الصعوبات، شخصية متواضعة لا تخجل من الاعتراف بالخطأ، شخصية واثقة تعرف متى تقول لا، شخصية متعاطفة ومتفهمة، شخصية متمكنة من موازنة الأمور، والقدرة على إنشاء فريق عمل قوي ومتحمس.

فالنجاح لا يأتي بين عشية وضحاها، بل يحتاج إلى السقوط والنهوض كل مرة، فلا يجب على المرء أن يتعجل الربح ولا ييأس أثناء المصاعب، وأن يتعلم الوقت المناسب للمقاومة والوقت المناسب للانسحاب.

وكيف ترين دور المرأة البحرينية في تحقيق التنمية المستدامة انطلاقاً من مبدأ تكافؤ الفرص؟

- نجحت المرأة البحرينية، في أن تكون شريكاً فاعلاً في مختلف المجالات، وأن تتبوأ العديد من المواقع القيادية ومراكز صنع القرار في كافة مؤسسات الدولة، بفضل الدعم اللامحدود الذي تتلقاه المرأة البحرينية من قبل القيادة، حيث عمل المجلس الأعلى للمرأة بقيادة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك المعظم، على إطلاق العديد من المبادرات والبرامج والخطط الوطنية التي أسهمت في الانتقال من مرحلة تمكين المرأة إلى تقدمها، وقد جاء ميثاق العمل الوطني ودستور 2002 ليؤكد مشروعية حقوق المرأة البحرينية، إذ أكدت التعديلات التي أدخلت فالعام 2002 على دستور العام 1973، على أهمية تحقيق مبدأ المساواة بين جميع المواطنين دون أي تمييز بينهم في الحقوق والواجبات بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة الأمر الذي أدى إلى دعم دور المرأة التنموي وأضفى عليه المشروعية.