اليوم الوطني السعودي مناسبة عزيزة على قلوب البحرينيين

تشارك مملكة البحرين الأشقاء في المملكة العربية السعودية احتفالاتهم بذكرى اليوم الوطني الثاني والتسعين، حيث تتوشح البحرين، في هذا اليوم المجيد، باللون الأخضر وتكتسي مظاهر البهجة والفرح بهذه المناسبة العزيزة والغالية على قلوب البحرينيين جميعاً.

وتتفرد العلاقات البحرينية السعودية بأنها علاقات ذات جذور وأصول راسخة امتدت وتجذّرت بروابط الأخوة ووشائج القربى، ورُويت بالمحبة وأزهرت باستمرارية التواصل والتعاون والتنسيق المشترك وتعزيز المصالح العليا المتبادلة، حتى أثمرت حزمة هائلة من الإنجازات والشراكات والمكتسبات التي عززت من قوة هذه العلاقات وأهلتها لأن تستكمل دورة حياتها الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية من خلال العمل المشترك، وتوحيد المواقف والرؤى، تحقيقاً لما فيه خير وسلام شعبي البلدين وسائر شعوب المنطقة والعالم.



تاريخ عتيد من الزيارات المتبادلة بين آل خليفة وآل سعود الكرام

علاقات حب واحترام وأخوة لا تضاهيها أروع الصور وأبلغ الكلمات، أكدتها دائماً قيادتا البلدين في كل المناسبات واللقاءات والمحافل، استمدت خصوصيتها من الأخوة التي تربط العائلتين الكريمتين، والتي تضرب بجذورها في قلب الجزيرة العربية والتاريخ الزاخر الذي يقف شاهداً على شموخ قادة وحكام البلدين عبر السنين، وتمسكهم بإرث إنساني عظيم ينبض بالأصالة عبر الزيارات المتبادلة، والتي سجلها التاريخ كشاهد على عراقة هذه العلاقات منذ عهد المغفور له بإذن الله الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، وزيارات المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود لمملكة البحرين، والتي شكلت الركيزة التي تقوم عليها العلاقات بين البلدين على المستويين الرسمي والشعبي منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا.

وتوالت الزيارات المتبادلة بين قادة وملوك البلدين ولم تتوقف أو تنقطع، وتستذكر مملكة البحرين بكل المحبة والاعتزاز، وهي تحتفل باليوم الوطني السعودي الثاني والتسعين، الزيارة التاريخية الأخوية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لمملكة البحرين في ديسمبر عام 2016، حيث قلد خلالها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، خادم الحرمين الشريفين وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الممتازة "القلادة"، ترحيباً وتكريماً لضيف البلاد العزيز.

كما جاءت الزيارة الثانية لخادم الحرمين الشريفين إلى مملكة البحرين مطلع أبريل عام 2019، تلبية لدعوة كريمة من جلالة عاهل البلاد المعظم لبحث التطورات الإقليمية والدولية والتحديات التي تواجه المنطقة وتستدعي تعزيز العمل المشترك.

وكانعكاس للمكانة الكبيرة التي توليها المملكة العربية السعودية لمملكة البحرين، حرص صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، على القيام بزيارتين مهمتين للبحرين، الأولى في نوفمبر عام 2018، والثانية في ديسمبر من العام الماضي، وكانت زيارة تاريخية وناجحة بكل المقاييس، حيث شهدت عقد الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي البحريني، برئاسة مشتركة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.

وأثمر الاجتماع إطلاق 11 مبادرة اقتصادية بين البلدين تشمل مجالات الاقتصاد والطاقة والصناعة والتجارة، إلى جانب استهداف الصناديق السعودية لاستثمار خمسة مليارات دولار في مشاريع تنموية بمملكة البحرين، وهو ما يمثل أرفع درجات التكامل والشراكة بين المملكتين.

ويعتبر "مجلس التنسيق البحريني السعودي" تتويجاً لتاريخ العلاقات والتعاون الممتد بين البلدين، وجاء تنفيذاً للتوجيه الملكي السامي من لدن جلالة الملك المعظم وأخيه خادم الحرمين الشريفين كمظلة لتطوير العلاقات والتعاون بين البلدين في جميع المجالات.

حاضر ومستقبل "الوحدة والتكامل" بين المنامة والرياض

العلاقات الثنائية بين البلدين على مدار الحقب التاريخية المتتالية عكست مستويات رفيعة وراقية جداً من التقارب والتنسيق تجاه مجمل القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، انطلاقاً من القواسم المشتركة التي مبعثها الموقع الجغرافي المجاور ووحدة اللغة والدين والتاريخ والدم وانتماؤهما للبيت الخليجي الواحد، ممثلاً في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة، إضافة إلى عضوتيهما في العديد من المنظمات والمجالس والهيئات الإقليمية والعالمية.

ويحظى التنسيق والتكامل والتشاور بين البلدين بأزهى صوره وأنجح مراحله في العهد الزاهر لجلالة الملك المعظم وخادم الحرمين الشريفين، حيث القيادة الحكيمة والتوجيهات السديدة والرؤى المتطابقة نحو كل ما يخدم البناء والسلام وتحقيق مزيد من التقارب بين الشقيقتين، وعاونهما في تحقيق هذه الرؤى العمل الدؤوب والمخلص والفكر الشاب والمستنير لكل من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.

ولطالما كان الحديث عن علاقات المملكتين حديثاً عنوانه العريض "الوحدة والتضامن والعمل المشترك" والارتكاز على العديد من المواقف والثوابت التي لا تتقادم بالزمن؛ فالدور المحوري الذي تلعبه المملكة السعودية في محيطها الخليجي والعربي والإسلامي والإقليمي ساهم كثيراً في تحقيق السلام والازدهار والنمو في المنطقة ككل.

وقد سجلت المملكة العربية السعودية انطلاقاً من الواجب الأخوي وإيمانها بعدالة المواقف والقرارات التي تتخذها مملكة البحرين، وبالمثل ومن ذات المنطلق الأخوي، شكلت المواقف الثابتة لمملكة البحرين تجاه شقيقتها الكبرى المملكة العربية السعودية عبر التعاون والتنسيق الأمني والسياسي والعسكري الرفيع نموذجاً يحتذى في العلاقات التكاملية بين الدول، حيث قدمت البحرين كل الدعم والمساندة للأشقاء في السعودية والاصطفاف معها في خندق واحد في التصدي لما يواجهها من تهديدات وتحديات، فكانت مملكة البحرين أول دولة تنضم للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية وتشارك بعناصر من قوة دفاع البحرين في الحد الجنوبي.

محطات تعاون فارقة تجمع البلدين

أثبتت المملكة العربية السعودية أن تاريخ أمتنا العربية سيظل يستذكر المواقف التاريخية المشرفة لخادم الحرمين الشريفين، وقراراته الحاسمة والحازمة في مواجهة الأطماع الخارجية ومحاولات التدخل في شؤون المنطقة العربية، ودوره في خلق موقف خليجي عربي موحد في التصدي لهذه التدخلات، وهو ما يتجسد بوضوح في عملية استعادة الشرعية في اليمن، التي سيقف أمامها التاريخ طويلاً ليؤكد أنها كانت محطة فارقة وفاصلة في تاريخ العمل العربي الشجاع القائم على المبادرة والاعتماد على الذات في حماية المصالح العربية العليا وإجهاض مخططات التوسع والهيمنة والفوضى والإرهاب في المنطقة.

وفيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والسياحي، تمثل السعودية عمقاً اقتصادياً مهماً للبحرين، وأكبر شريك اقتصادي وتجاري وسياحي، كما تمثل سلة غذائية أساسية كونها سوقاً اقتصادياً ضخماً للتجارة البينية، كما تمثل البحرين امتداداً للسوق السعودية والأعمال التجارية والاستثمارية والخدمات اللوجستية والشحن، وذلك بفضل ما يتمتع به البلدان من موقع جغرافي متميز، وانفتاح اقتصادي وتنويع في مصادر الدخل وسياسات اقتصادية وتشريعية مرنة تحمي المستثمرين وتوفر لهم المناخ الأمثل للتبادل التجاري البيني والاستثمار، إذ تعد السعودية الشريك التجاري الأول للبحرين.

وعلى صعيد التعاون النفطي والطاقة جددت المملكتان تعاونهما القديم في هذا القطاع، والذي بدأ مطلع القرن الماضي، بتدشين جلالة العاهل المعظم وسمو ولي العهد السعودي، خلال زيارته التي قام بها للبحرين عام 2018، لخط أنابيب نفطي جديد بالتعاون بين شركتي "أرامكو" السعودية و"بابكو" البحرينية بطول يبلغ 110 كلم ويربط بين معامل بقيق السعودية ومصفاة بابكو في البحرين.

وفيما يتعلق بارتفاع معدلات النمو والانتعاش السياحي والترفيهي البيني، فقد شهدت الحركة السياحة بين البلدين تنامياً ملحوظاً بفضل الإجراءات التي اتخذتها المنامة والرياض لتيسير إجراءات العبور بين البلدين عبر جسر الملك باستخدام بطاقات الهوية لمواطني مجلس التعاون الخليجي والمقيمين، إضافة إلى الجهود المبذولة من كلا الطرفين لتنمية القطاع السياحي والفندقي وزيادة المنشآت السياحية المتطورة وتشجيع السياحة العائلية وسياحة اليوم الواحد التي جذبت أعداداً كبيراً من الأشقاء السعوديين، ومن المتوقع أن ترتفع وتيرة الحركة السياحية بين البلدين بعد الانتهاء من مشروع "جسر الملك حمد" وشبكة السكك الحديدية بين البلدين، والذي سيمثل نقلة نوعية في التنقلات وشرياناً جديداً لتقوية هذه الشراكة الأخوية.

تنوعت مجالات التعاون والتكامل وتوحدت الأهداف وتطابقت الرؤى لتبقى العلاقات بين المملكتين عنواناً للعلاقات النموذجية الناجحة والراسخة مدى الدهر، بما يؤكد يوماً بعد يوم أنهما مملكتان ترتبطان كارتباط الروح بالجسد.