أكد النائب العام علي البوعينين، خلال كلمة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، أن مشاركة مملكة البحرين المجتمع الدولي الاحتفاء بهذا اليوم، الذي يوافق التاسع من ديسمبر، إنما يأتي إيماناً بخطورة تلك الظاهرة التي باتت تمثل عقبة رئيسية على طريق تحقيق التنمية المستدامة، بل تمثل مساساً بواقع ومستقبل كل المجتمعات، والاقتصاديات على مستوى العالم، من خلال تقويض جهـود التنميـة الراميـة إلى ضمان التـوازن الاقتصادي والانحراف بمكاسبها عن اتجاههـا الصحيح، فضلاً على تهديد الاستقرار المالي والمصرفي على المستوى الوطني والدولي، والإضرار بسمعة المؤسسات المالية والثقة الدولية فيها.

وأكد النائب العام ما اتخذته مملكة البحرين من مسلك يليق بمكانتها الدولية ويتفق مع مبادئها الراسخة في مكافحة الفساد، بل يستجيب لعمقها الإقليمي وثِقلها الدولي كجزء من النظام المالي العالمي، وذلك من خلال الإدراك الواعي والتطبيق المحكم لتوصيات الجهات الفاعلة في المنظومة المالية الدولية، وما قررته من معايير لتعزيز التنفيذ الفعال للتدابير القانونية والتنظيمية والتشغيلية لمكافحة الفساد.

وأشار إلى أهمية ذلك في المساهمة في حماية النظام المالي الوطني والدولي من الاستغلال وفق أطر قانونية وإدارية وتشغيلية وطنية لمواجهة تلك التهديدات. وبصفة خاصة فيما يجب تطبيقه من تدابير وقائية على القطاع المالي وغيرها من القطاعات والمؤسسات العامة مع تعزيز الشفافية ومبادئ النزاهة العامة الموجبتين لمواجهة الفساد بمختلف صوره، وهو ما كان له أبلغ الأثر في تمكين البحرين من تعزيز تنافسيتها على كافة الأصعدة، بل ساهم في تَبَوُّئها المراكز الأولى في العديد من المؤشرات بحسب تصنيف المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية.



وفي ذات الصدد أكد النائب العام ما اتخذته النيابة العامة من جهود حثيثة سعياً نحو تأسيس منظومة قانونية قادرة على مكافحة جرائم الفساد في مختلف صورها من خلال إجراء تطوير هيكلي بشأن آلية العمل القضائي وسبل مباشرته من الناحية الفنية، والتقنية وفق أفضل الممارسات القضائية والقانونية، وهو ما تجلى من خلال إنشاء نيابة متخصصة لتحقيق جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإنشاء منظومة التحقيق الموازي، وتنظيم إجراءات تجميد العائدات غير المشروعة، ومصادرتها، فضلاً على إطلاق مشروع تدريب وطني في ذات المجال بهدف التعامل مع كافة المعلومات والمعطيات وتوظيفها في إطار الظروف والملابسات المحيطة، تمهيداً لاستخلاص الأدلة الداعمة لارتكاب أي جريمة من جرائم الفساد، بما يسهم في تنسيق الجهود الوطنية والدولية والإقليمية المبذولة في هذا الإطار، ويدعم الدور الفاعل لأجهزة إنفاذ القانون في مكافحتها.

ونوه بما حققته تلك المنظومة القانونية من فاعلية تطبيقية وواقعية انعكست فيما اتخذته النيابة العامة من إجراءات وتدابير صارمة في العديد من القضايا لحماية النظام المالي لمملكة البحرين ضد أي انتهاكات ممنهجة النطاق لانتهاك التشريعات الوطنية، وبما ساهم في تعزيز المركز المالي للمملكة ومصداقيتها الدولية وما حققته من إنجاز مستحق في مكافحة الفساد.

وأشاد بجهود ومساعي كافة الجهات المعنية بمكافحة الفساد، ممثلة في وزارة العدل ووزارة المالية والاقتصاد الوطني، ومصرف البحرين المركزي، وإدارتي التحريات المالية ومكافحة الجرائم الاقتصادية بوزارة الداخلية، وغيرها من المؤسسات الوطنية وما تقوم به من مبادرات قيمة للتعاون والتنسيق في سبيل تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة وما تباشره من سلطات الرقابة والإشراف المالي داخل المملكة لضمان تحقيق المقاصد التشريعية في حماية النزاهة العامة، والسعي نحو إفراغها في قرارات وطنية على النحو الذي يتفق مع مقتضيات إعمالها، وضمان استيعاب عناصرها وفق معايير الرقابة الدولية، وبما يراعي الإطار المؤسسي والتشريعي الوطني ويحقق التكامل بين الشبكات الوطنية الفاعلة في مجال مكافحة الفساد.

وأكد أن منظومة مكافحة الفساد في المملكة إنما هي إرادة ومنهاج وطني يأتيان وفقاً لأهداف المسيرة التنموية الشاملة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظم، وحصاداً لثمارها فيما أرساه صاحب الجلالة من قواعد حاكمة وفاعلة لتعزيز مبادئ النزاهة والشفافية في إطار منظومة متكاملة للحماية من الفساد، والتي تكاملت دعائمها فيما اتخذه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، من قرارات وإجراءات ساهمت في حشد كافة الطاقات الوطنية من أجل الحفاظ على المال العام، والعمل على تأسيس قواعد رصينة للنزاهة في منظومة العمل العام بكل أمانة ومسؤولية، وبما يحقق رفعة الوطن، ويستجيب لآمال أبنائه وما بذلوه من عطاء وطني في سبيل مستقبل ورفعة البحرين.