عام 2022 شهد إنشاء نيابة الجرائم الالكترونية ووحدة جرائم المخدرات لزيادة فاعلية الإجراءات في مجال ضبط الأدلة وملاحقة الجناة والتدفقات المالية غير المشروعة.


عقد النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين مؤتمراً صحفياً اليوم بمقر النيابة العامة لإعلان إحصائيتها السنوية لعام 2022، وذلك بحضور المستشار وائل رشيد بوعلاي مساعد النائب العام، والمحامي العام الأول المستشار الدكتور أحمد الحمادي رئيس النيابة الكلية.

وفي كلمته التي ألقاها خلال المؤتمر؛ صرح النائب العام بأن من أوجه التحديث والتطوير الذي أجرته النيابة العامة عام 2022 لحاجة العمل ولغرض ضمان تحقيقات وافية وسريعة فإنه ونظراً لما لوحظ من زيادة نسبة الجرائم المرتكبة عبر الانترنت ووسائل التقنية الحديثة، وبالأخص إساءة استخدام المنصات الالكترونية والتعدي على وسائل ونظم تقنية المعلومات وما تشكله تلك الأفعال المؤثمة من انتهاكات وما تسببه من أضرار خطيرة على المستوى العام والفردي فقد تم إنشاء نيابة الجرائم الالكترونية لتختص بالتحقيق والتصرف في القضايا الخاصة بالاعتداء على الوسائل والبيانات والمعلومات الالكترونية والجرائم الماسة بحرمة الاتصالات فضلاً عن الجرائم المرتكبة باستخدام الوسائل الالكترونية مثل الاحتيال الالكتروني والسب والقذف والإهانة والتعدي على الأديان والتحريض على ارتكاب الفجور والدعارة ونشر المواد الإباحية، ومن المهام المكلفة بها هذه النيابة إعداد الاحصائيات الكاشفة عن نسبة الجرائم المرتكبة عبر أو بواسطة الوسائل الالكترونية، والتنسيق مع الجهات الأخرى ذات الاختصاص لتطوير العمل في مجال المكافحة وطرق رصد الأدلة المادية والفنية وملاحقة الجناة.

كما أـنه ونظراً لخطورة جرائم المخدرات على الأفراد والمجتمع فضلاً عما تشكله من تأثيرات ضارة بمقومات الدولة البشرية والاقتصادية، فقد تم إنشاء وحدة جرائم المخدرات لتختص فضلاً عن التحقيق في جرائم المخدرات بالتنسيق مع مكتب التعاون الدولي لملاحقة الجناة من خلال توجيه طلبات المساعدة القضائية لتنفيذ أوامر القبض الدولية والأحكام الصادرة في تلك القضايا ولتتبُع التدفقات المالية غير المشروعة وعائدات تلك الجرائم، بالإضافة إلى التنسيق مع الجهات ذات الصلة لتعزيز أوجه التعاون في مجال المكافحة وطنياً ودولياً. فيما أشار النائب العام إلى أن النيابة العامة بصدد وضع نظام معين في التعامل مع المتهمين في قضايا تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية يُراعي فيه الجانب الإنساني ومن ثم صالح المجتمع وتهدف من هذا النظام المساهمة بشكل مباشر في تعافي المتهم من هذه الآفة وإصلاح شأنه، وذلك من خلال إخضاعه للعلاج والبرامج التأهيلية بالتوازي مع الإجراءات القضائية وبضوابط معينة تتفق والسياسة التي انتهجها المشرع في القانون، وذلك بالنظر إلى أن الإنسان هو مكون الثروة البشرية التي تعتمد عليها أية دولة في مسيرة التنمية والبناء، ولأن في إصلاحه وتصويب سلوكه دعم لقدرات الدولة في هذا المجال.


ومن جانب آخر ذكر النائب العام إلى أن النيابة العامة تخطط حالياً للعمل مستقبلاً باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في أقرب وقت ممكن بهدف السرعة في الإنجاز، وذلك من خلال إنشاء نظام إلكتروني مزود بقاعدة بيانات قانونية تضم التشريعات الجنائية والأحكام القضائية وتعليمات النيابة العامة وقراراتها التنظيمية، ولديه القدرة على استيعاب المعلومات الخاصة بالقضايا من حيث طبيعة الجريمة ونوعها والبيانات الشخصية للمتهم وحالته الاجتماعية وسوابقه الجنائية، أو طبيعة وموضوع الطلب المقدم من ذوي الشأن للنيابة العامة، ثم تحليل تلك المعلومات والدمج فيما بينها وصولاً إلى نتائج محددة يُعول عليها في التصرف في القضايا أو البت في طلبات ذوي الشأن مشيراً إلى إبرام النيابة مذكرة تفاهم للتعاون المشترك مع مركز ناصر للتأهيل والتدريب المهني لدراسة المتطلبات العملية والفنية لتطبيق تقنية الذكاء الاصطناعي في أعمال النيابة العامة بالإضافة إلى تدريب الموظفين التقنيين بالنيابة على استخدامات هذه التقنية وذلك كخطوة مبدئية لازمة في هذا الصدد.

أما عن مبادرات النيابة ومساهماتها لتعزيز الجهود في مجال حقوق الإنسان فقد عملت النيابة بكل طاقاتها خلال عام 2022 لتفعيل مبادرتها الاجتماعية " رعاية " والتي أطلقتها للمساهمة في الجهود الوطنية لرعاية الطفل والمرأة والأسرة، من خلال تصعيدها الواقع الذي تكشف عنه الدعاوى الجنائية من أسباب اجتماعية أو شخصية تقود إلى اقتراف الجريمة أو الوقوع ضحيتها مما يوجب الحماية والرعاية، وإبداءها التوصيات والمقترحات لتقديم الخدمات المناسبة للطفل والمرأة والأسرة ممن في حاجة إلى الرعاية، وللعمل على إزالة الأسباب والإشكالات الاجتماعية والمادية، وذلك إيماناً من النيابة بأن غايات المشرع مما خولها بموجب القانون من سلطة اتخاذ إجراءات لحماية ورعاية الأطفال والمرأة والأسرة إنما تلتقي بجهود سلطات ومؤسسات المملكة ذات الصلة في توفير أكبر قدر من الحماية والرعاية لهذه الفئات، ابتغاء استقرار المجتمع واستتباب أمنه، وتنفيذاً للمبادرة فقد تم شمول العديد من الحالات وذلك في ضوء نتائج بحث حالتهم الاجتماعية والشخصية واحتياجهم للرعاية والحماية، وفي هذا الشأن أعرب النائب العام عن شكره وتقديره للوزارات والجهات المعنية التي تفاعلت مع مبادرة النيابة لإدراكها الواعي أهداف هذه المبادرة. كما ساهمت النيابة العامة خلال العام المنصرم في استعدادات المملكة للانتخابات النيابية والبلدية وذلك بإطلاقها برنامجاً مطولاً على مدار العام لتعريف المسئولين بالجهات المعنية بتنظيم العملية الانتخابية بالقواعد والضوابط القانونية لمجريات العملية وحقوق الناخب القانونية والمخالفات والتجاوزات التي تشكل جرائم في القانون وكيفية الإشراف على العملية الانتخابية، وقد استهدف هذا البرنامج أعضاء النيابة العامة والقضاة ومنتسبي الجهات المعنية بتنظيم العملية الانتخابية ومأموري الضبط القضائي ومنظمات المجتمع المدني.

أما عن تمكين المرأة فقد تم خلال عام 2022 تعيين رئيسات لنيابات جزئية ونائبات لرؤساء بعض النيابات، وكان تعيينهن في هذه المناصب قائماً على توافر الخبرة والكفاءة وتطبيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص وتمكين المرأة من الاضطلاع بدورها في الحياة العامة وفي نطاق مؤسسات الدولة وأجهزتها.

هذا، وفي ختام المؤتمر وجه النائب العام الشكر لأعضاء النيابة وموظفيها على جهودهم خلال عام 2022 لتخرج الإحصائية بنسبة إنجاز ( 98 %)، مؤكداً استمرار النيابة العامة في تطوير أدواتها وتعزيز قدراتها كي تباشر مهامها القضائية المنوطة بها على الوجه الذي يلبي متطلبات العدالة بكل خصائصها والتي تتمثل في إنفاذ أحكام القانون والعمل على تحقيق مقاصده مع مراعاة الشرعية الإجرائية والحقوق المكفولة للإنسان المتصلة بإجراءات النيابة العامة فضلاً عن السرعة في الإنجاز وتحقيق العدالة الناجزة. مشيراً إلى أن النيابة العامة تحتفل العام الجاري 2023 بمرور عشرين عاماً على إنشائها ضمن المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم كإحدى ركائزه الدستورية في مسيرة الديمقراطية وبهذه المناسبة فإنها تتعهد بمواصلة دورها القضائي بكل جدية وفاعلية من أجل حماية مصالح ومقدرات الدولة، وحماية حقوق الإنسان، والمساهمة في رعاية المجتمع بمختلف فئاته.