تتشارك شعوب العالم في الأسبوع الأول من شهر فبراير، الاحتفاء السنوي بأسبوع الوئام العالمي بين الأديان، وعلى مدار 13 عاماً من تبني هذه المبادرة الأممية، بذلت الدول والحكومات ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية والشعوب جهوداً كبيرة لترسيخ ثقافة العيش المشترك من منطلق أن التعايش لا يمكن اختصاره في التسامح الديني وتقبّل الآخر فحسب، وإنما يتطلب أيضًا الإيمان بقيمة العمل المشترك في إطار جامع للأخوة الإنسانية ومتفاعل بين أفراد المجتمع الواحد.

وتعتبر مملكة البحرين في مقدمة الدول الرائدة تاريخياً في تبني ثقافة العيش المشترك واحتضان مختلف الأعراق والأديان والثقافات على أرضها منذ آلاف السنين، حيث كانت ولازالت مقصداً آمناً للعيش المستقر وواحة للسلام والتعددية والتسامح.

وفي تاريخها الحديث، حرصت مملكة البحرين على البناء على ما تأسس من إرث ثري وعظيم في مجال التسامح والتعايش الإنساني، عبر الاستمرار في المسيرة التنموية الشاملة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، لتثمر عن تجربة ريادية ذات اتصال تاريخي ممتد، ونموذجٍ يُحتذى على المستوى الدولي، شارك فيه بجهود متكاملة الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، التي دعمت ترسيخ هذه القيم عبر عشرات المبادرات الإنسانية، ثقافياً وتعليمياً ودينياً، والتي ساهمت بشكل كبير في مد جسور التقارب والتفاهم والاحترام بين الشعوب والثقافات والأديان.



ومثّل إطلاق مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في البحرين لـ "إعلان مملكة البحرين للتعايش" للمرة الأولى في 14 سبتمبر 2017 في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، نقطة انطلاقٍ للمملكة لتصبح محطة عالمية للسلام والتفاهم والحوار بين الأديان، حيث يعتبر الإعلان بمثابة وثيقة تعبر عن فكر وفلسفة حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم بتضمينها عدد من المبادئ تشكل ركائز التعايش كمنهج للسلام في العالم.

كما يعد تدشين "كرسيّ جلالة الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي" في جامعة سابيانزا الإيطالية بالعاصمة روما عام 2018، مبادرة أخرى مهمة عبرت بجلاء عن اهتمام جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه بشكل شخصي بالتعليم والبحث العلمي وكذلك نقل بتجربة مملكة البحرين الرائدة في التعايش السلمي للمجتمع الدولي لتكون نموذجاً يحتذى به، حيث يعتبر الكرسي الأول من نوعه في العالم الذي تم تصميمه لتنوير الشباب من جميع أنحاء العالم لمواجهة الإرهاب والتصدي للتطرف والراديكالية وتسليحهم بالعلم والإلهام لنشر التعايش السلمي والمحبة.

واستكمالاً للمبادرات والبرامج العالمية لنشر الوئام والسلام لعالمي، أطلق مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي برنامج (الملك حمد للإيمان - في القيادة) بالتعاون مع جامعتي أوكسفورد وكامبريدج ببريطانيا، وأسس برنامج "مركز الملك حمد للسلام السيبراني لتعزيز التسامح والتعايش بين الشباب" في مدينة نيويورك الأمريكية.

ومؤخراً، دشن مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي في 26 يناير 2023، (إعلان مملكة البحرين) في أوروبا من العاصمة الإيطالية روما بحضور عدد من السفراء والدبلوماسيين والمسؤولين والمهتمين ومشاركة 100 طالب من منتسبي كرسي الملك حمد لحوار الأديان والتعايش السلمي، الذي تم تدشينه في جامعة سابيانزا الإيطالية.

ويشكل إطلاق "إعلان مملكة البحرين" في أوروبا واختيار العاصمة الإيطالية روما تحديداً مقراً لهذا التدشين، مرحلة مهمة لتعريف المجتمع الدولي بأهمية ما تتضمنه الوثيقة، بما يعكس النموذج البحريني في التعايش السلمي والتعددية والحريات الدينية على مر التاريخ والعصور.

وقد أشاد موقع أخبار الفاتيكان "Vatican News" بإطلاق (إعلان مملكة البحرين) من العاصمة الإيطالية "روما"، مؤكدا أن الإعلان يشكل وثيقة مهمة في إطار التسامح الديني والتعايش السلمي، مستذكرا إشادة قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان خلال زيارته التاريخية التي قام بها إلى مملكة البحرين في نوفمبر 2022، وأكد خلالها أن الإعلان يعتبر وثيقة مهمة لاحترام حقوق الإنسان والحوار بين الأديان.

كما تطرق الموقع لمحطات إعلان مملكة البحرين منذ إطلاقه الأول في عام 2017 في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، بحضور سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، وتبع ذلك إطلاق إعلان مملكة البحرين في "ساو باولو" بالبرازيل، واصفاً الإعلان بأنه يقدم مملكة البحرين كراعٍ لمبادرات السلام العالمية.

وفي إطار الاحتفال بالأسبوع العالمي للوئام بين الأديان، أضيف على روزنامة الأيام التي تحتفي وتعزز من ثقافة وقيم السلام والتسامح يوم آخر هام وهو "اليوم العالمي للأخوة الإنسانية" الذي يصادف يوم الرابع من فبراير من كل عام بعد أن اعتمدته الأمم المتحدة عام 2019 بمناسبة التوقيع التاريخي على وثيقة الأخوة الإنسانية بين قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان وفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين في مدينة أبوظبي ، والتي مثّلت إعلانًا مشتركًا من 20 بنداً يحث على السلام بين كافة شعوب العالم بمختلف أديانهم وطوائفهم، وثمرة للصداقة الأخوية بين الشخصيتين الدينيتين العظيمتين الأرفع في العالم الإسلامي والمسيحي ، لتقديم مخطط لثقافة الحوار والتعاون بين الأديان.

وتنص وثيقة الأخوة الإسلامية على ترسيخ قيم السلام، وإرساء ثقافة التسامح، والتأكيد على أهمية العلاقة بين الشرق والغرب وحماية دور العبادة، ومكافحة الإرهاب، وكفالة حرية الاعتقاد، وحماية حقوق المرأة والطفل والمستضعفين، كما تهدف الوثيقة لأن تكون دليلًا للأجيال القادمة لتعزيز ثقافة الاحترام المتبادل، اعترافًا بأننا جميعًا أفراد أسرةٍ إنسانيةٍ واحدةٍ نتشارك البشرية بكل ما فيها دون تمييز.