يشكل احتضان مملكة البحرين لاجتماعات الجمعية العامة 146 للاتحاد البرلماني الدولي والاجتماعات المصاحبة خلال الفترة من 11 إلى 15 مارس الجاري حدثًا مهمًا، لما يحظى به الاتحاد من مكانة هامه باعتباره منظمة عالمية ذات ثقل وحضور دولي واسع، فضلا عن أن هذه الاستضافة تعكس النجاح والتميز البرلماني لمملكة البحرين على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

ويكتسب انعقاد هذا الحدث الدولي الهام في مملكة البحرين أهميته انطلاقًا من كون الاتحاد البرلماني الدولي هو منظمة عالمية للبرلمانات الوطنية، ويمثل هيئة فريدة من نوعها تضم 178 برلمانا عضوا من أصل 193 دولة حول العالم.

ويمتلك الاتحاد تاريخًا عريقًا يصل إلى 134 عامًا، حيث ترجع النشأة إلى فكرة سعى لها ونفذها كل من الإنجليزي ويليام راندال كريمر والفرنسي فريديريك باسي، والذين قاما بتأسيس رابطة تضم العديد من أعضاء البرلمانات عبر العالم حملت اسم المؤتمر البرلماني الدولي، في 30 يونيو 1889، وهي المؤسسة التي تحولت فيما بعد إلى الاتحاد البرلماني الدولي عام 1899، ويقع مقره الرئيسي في مدينة جنيف السويسرية.

ولقد أسهم الاتحاد البرلماني الدولي منذ نشأته بدور فعال في إنشاء محكمة العدل الدولية في لاهاي، كما ساعدت دعواته لإنشاء مؤسسة دولية تربط الحكومات في إرساء الأسس لإنشاء عصبة الأمم في العام 1919، ثم الأمم المتحدة في العام 1945، وتجتمع جمعيته العامة مرتين في العام.

واستطاع الاتحاد خلال كل هذه السنوات بأن يقوم بدور فاعل ومهم في دعم الديموقراطية والمساواة وحقوق الإنسان والتنمية والسلام وتمكين الشباب، والتنمية المستدامة، والتعاون والعمل البرلماني الدولي المشترك.

وتنص لائحة النظام الأساسي للاتحاد على أنه يعمل باعتباره المنبر الرئيسي للحوار البرلماني في جميع أنحاء العالم، من أجل تحقيق السلام والتعاون بين الشعوب وتأسيس مؤسسات تمثيلية قوية من خلال عدة خطوات، ومنها تشجيع الاتصالات بين البرلمانات والبرلمانيين في جميع دول العالم والتنسيق وتبادل الخبرات فيما بينها، الإسهام في الدفاع عن حقوق الإنسان والنهوض بها لما لها من أهمية عالمية ولأن احترامها يعد عاملا أساسيا لإرساء الديمقراطية البرلمانية والتنمية، فضلا عن الإسهام في معرفة أفضل لعمل المؤسسات النيابية ولتعزيز وتنمية أساليب عملها.

وتتمثل رؤية الاتحاد البرلماني الدولي في تحقيق الديمقراطية للجميع وبطريقة شاملة وجماعية تتطلع إلى الأمام وتتميز بالمرونة والاستجابة لمجموعة دائمة التطور من الجهات الفاعلة والتحركات التي تساهم في تطوير بيئة العمل البرلمانية، إلى جانب تعزيز قدرة البرلمانات الوطنية على القيام بأدوارها، وهو يستند عمله على فكرة مفادها أن البرلمانات القوية والفعالة بوسعها صيانة حقوق الإنسان المستدامة التي لا تستثني أحدًا.

ويسترشد الاتحاد في عمله بخمسة مبادئ أساسية هي المساواة، الشمولية، الاحترام، النزاهة، والتضامن، فيما تتمثل الأهداف العامة له في تعزيز الحوكمة الديمقراطية والمؤسسات والقيم، بالعمل مع البرلمانيات والبرلمانيين للتعبير عن احتياجات وتطلعات الشعب والاستجابة لها، كما يعمل من أجل السلم والديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة بين الرجال والنساء (الجندرية) وتمكين الشباب والتنمية المستدامة من خلال الحوار السياسي والتعاون والعمل البرلماني، فضلا عن دعم الجهود الدولية للحفاظ على البيئة ومواجهة تداعيات التغير المناخي.

ويتكون الاتحاد من عدد من المؤسسات منها؛ الجمعية العامة، الأمانة العامة، المجلس الحاكم، اللجنة التنفيذية، مجموعة الشراكة بين الرجال والنساء (الجندرية)، وعدد من اللجان، منها؛ لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين، لجنة شؤون الشرق الأوسط، لجنة تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني، الفريق الاستشاري المتعلق بالصحة، الفريق الاستشاري رفيع المستوى المعني بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، منتدى النساء البرلمانيات، منتدى البرلمانيين الشباب، مجموعة العمل حول العلم والتكنولوجيا، كما يوجد لدى الاتحاد 13 عضواً منتسبين - على الأغلب من البرلمانات التي المشكلة من جماعات من دول أو هيئات مشابهة، وهي البرلمان العربي والبرلمان الأوروبي ومنظمات برلمانية أخرى من أفريقيا وأمريكا اللاتينية.

ويرحب الاتحاد بانضمام جميع البرلمانات من دول العالم إذا كانوا كيانات قومية مؤسسة بالشكل القانوني الصحيح في الدول أو الدول الطامحة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، والقرارات بشأن قبول أو إعادة قبول أو تعليق عضوية الأعضاء هي من اختصاص المجلس الحاكم.

ويمتلك الاتحاد البرلماني الدولي العديد من الشراكات الاستراتيجية مع المنظمات المتعددة الأطراف الأخرى، كما أنه يتمتع بصفة مراقب دائم لدى الأمم المتحدة منذ عام 2002، ومن خلال مكاتبه في جنيف ونيويورك وفيينا يعمل مع معظم هيئات ووكالات الأمم المتحدة، لا سيما في مجالات العمل المناخي والديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين ومشاركة الشباب والسلام والأمن والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى أنه يقوم بالمشاركة في تنظيم اجتماعات برلمانية خلال الأحداث العالمية الكبرى مثل المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية أو مجموعة العشرين.