في إطار حرص النيابة العامة على تعزيز أواصر التعاون مع أشقاءها بدول الخليج العربية، والسعي الدائم إلى تبادل الخبرات القانونية والعملية؛ على النحو الذي يسهم في تعزيز القدرات الوطنية وتطوير آليات العدالة الإصلاحية، فقد عقدت النيابة العامة اليوم بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ورشة عمل افتراضية بشأن نظم العدالة التصالحية، وذلك بمشاركة لفيف من السادة أعضاء النيابة العامة بدول مجلس التعاون الخليجي.

وقد شارك من النيابة العامة الأستاذ ناصر إبراهيم الشيب رئيس النيابة، والذي تحدث عن أهمية نظم العدالة التصالحية في تعزيز دور الضحايا والجناة في الإجراءات القضائية، ودورها في تشخيص الأضرار الناتجة عن الجريمة، والعمل على إصلاحها، ومعالجة الضحايا وإعادة تأهيل الجناة في إطار تجاوزي لتطبيق العقوبات السالبة للحرية، على النحو الذي يحقق العدالة التصالحية بين أطراف الدعوى الجنائية.



وقد استعرض التطور التشريعي للسياسة العقابية في التشريع البحريني، التي تقوم على إيجاد بدائل إصلاحية للعقوبات السالبة للحرية، ووسائل تساعد على سرعة الفصل في الدعوى الجنائية، بما يتوافق مع المعايير الدولية، ويتفق مع رؤية المجتمع واحتياجاته. بداية من قانون العقوبات والتدابير البديلة الذي يعد خُطوة مهمة في السياسة العقابية الحديثة، مروراً بالتعديلات التي أدخلها المشرع على قانون الإجراءات الجنائية، التي أجيز بموجبها للأطراف استخدام العمليات التصالحية بضوابط وشروط معينة نص عليها القانون، سواء من حيث النطاق القانوني للجرائم التي يجوز فيها الصلح أو التصالح أو التنازل، والشروط القانونية لإعمال الأثر القانوني لها، والنظام الذي انتهجه المشرع البحريني للوساطة في المسائل الجنائية ونطاق تطبيقه، والقواعد القانونية والأحكام الإجرائية الخاصة بالوساطة في المسائل الجنائية، والتشريعات ذات الصلة بها، والأثار القانونية المترتبة عليها، والأهداف المجتمعية المبتغى تحقيقها من هذا النظام.

كما تطرق الشيب إلى قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، الذي يعد خطوة رائدة في منظومة العدالة ونقلة نوعية في السياسة العقابية وحماية حقوق الأطفال؛ بمنحه ‏مصالح الطفل الفضلى الأولوية في جميع الأحكام والقرارات والإجراءات المتعلقة به، مختتماً حديثه بأن اتجاه مملكة البحرين إلى نظام السجون المفتوحة في تنفيذ العقوبة يسهم في تطوير السياسة العقابية بمفاهيم ومعايير إصلاحية حديثة، ويأتي منسجماً مع رؤية المملكة الحقوقية لوسائل تنفيذ العقوبة، والتي تُراعى فيها الحالة الشخصية للنزيل وظروفه الاجتماعية والإنسانية، مع تحقيق الأغراض المستهدفة من توقيع العقوبة.

هذا ويأتي انعقاد هذه الورشة القانونية، نفاذاً للتوصية الصادرة عن الاجتماع الرابع عشر لأصحاب المعالي والسعادة النواب العموم والمدعيين العامين بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ في إطار دعم مسيرة التعاون المشترك في مجال النيابات العامة والادعاء العام.