نظم مركز عبد الرحمن كانو الثقافي في يوم الثلاثاء الماضي محاضرة بعنوان "مثقفون وفنانون خليجيون في الهند " للدكتور حسن مدن، وأدارت الحوار الدكتورة انتصار البناء.

واستهلت الدكتورة البناء الأمسية بالحديث عن أهمية الموضوع المطروح وارتباطه الوثيق بالمرحلة السياسية الحالية في العالم وذلك لتزامنه مع التحولات السياسية والتاريخية في المنطقة والعالم أجمع. وقد ذكرت في خضم حديثها أن الهند تعود من جديد قطبا مؤثرا ومهما وفاعلا في السياسة العالمية والدولية بعد ارتباطها بالروابط التجارية العريقة والمستمرة مع دول الوطن العربي بشكل عام ومملكة البحرين بشكل خاص. ويظهر ذلك في معالم التأثر بالطبخ الهندي والتأثر بالفلكلور الهندي من أزياء وموسيقى. بالإضافة لذلك عبرت البناء عن أن الهند قد تكون أحد الجذور التي شكلت ثقافتنا الحديثة كذلك وفقا لما سيطرحه الدكتور مدن فهي أحد المؤثرات الثقافية في المثقفين المؤسسين للحراك الثقافي الحديث.



وفي بداية مداخلته، لفت الدكتور مدن إلى أهمية الدور الذي قامت به الهند من تأثير ثقافي ومعرفي في تكوين الفنانين والمثقفين الخليجين الذين عاشوا فيها فترة من الزمن، مما ترك الأثر الكبير في الدور الذي قاموا به في بلدانهم ومجتمعاتهم الخليجية المختلفة. وقد أشار إلى العدد الكبير من الفنانين والمثقفين الذين عاشوا بالهند في مطالع القرن العشرين.

وذكر الدكتور مدن في خضم حديثه أن المؤثرات في الثقافة العربية والخليجية بوجه خاص كثيرة ومتعددة، ولكن لم يجد الالتفات لدور الهند في التكوين الثقافي في مجتمعاتنا في بواكير التشكل الثقافي في هذه المجتمعات صدى كبير. حيث أشار الدكتور مدن لما كتبه الشاعر الاماراتي إبراهيم المدفع في وصفه ومديحه لمدينة بومباي التي تعلق بها أبناء الخليج وانشئوا فيها ما يشبه المجتمع الخليجي المصغر، فيقول في ابياته: "بومباي يا مرتع الغزلان من قدما وملتقى كل محبوبا ونشوان، بومبي يا من لها في القلب منتجع وذكريات بها التاريخ ملآن، كانت مجالسهم بالأمس عامرة من نخبة القوم أصحاب واخوان، فمن دبي كذلك البحرين مع قطر كذلك شارقة أيضا وعجمان"، حيث أشارت الابيات إلى البيئة الخليجية التي تشكلت وأقامت بالهند. كما أشار الدكتور مدن إلى ما قاله سلطان العويس أحد التجار المرموقين من أهالي الشارقة "في الهند شاهدنا الزراعة والطب والعلوم والامكانيات الكبيرة، ولم يكن لدينا منها سوى الأسفار التي تمثل مصدر عيشنا وإمكاناتنا الوحيدة، وشاهدنا أيضا المدارس والمستشفى وقلنا لابد من عمل ذلك في الوطن وبقيت الرؤيا حتى توفرت المادة..". كما تطرق الدكتور مدن إلى المجلة التي كانت تصدر من الهند تحت مسمى مجلة العرب وكان يرأس تحريرها صحفي مصري مقيم في الهند وأشار لها الدكتور العراقي طارق الحمداني في كتابه حول ما نشر في هذه المجلة من قضايا الخليج آنذاك.

وفي ختام حديثه تطرق الدكتور مدن لعدد من الشخصيات المثقفة الخليجية المهمة التي كونت وشكلت الحركة الثقافية في دول الخليج بتأثير من الهند، ومنها عبدالله الفرج وماله من دور ريادي وعلاقته الوطيدة بمحمد بن فارس. حيث أشارت الأبحاث أن الفرج استلهم موسيقاه من الهند في فترة أقامته فيها لينتقل بها للإقامة في البحرين. كما تطرق للشاعر خالد الفرج الذي عاش في كل من البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية على فترات متفرقة بعد أن عاش فترة من حياته بالهند وتأثر بثقافتها وحضارتها، ثم تم فتح المجال لمداخلات الجمهور وتم تكريم المشاركين.