أكد عدد من العاملين والمتطوعين في مجالات العمل الاجتماعي والأهلي تميز مملكة البحرين في مجال العمل التطوعي، إذ يعد أحد أبرز المجالات التي تحققت فيها الريادة على مستوى المنطقة، وقالوا إن سمة التطوع عند أهل البحرين سمة حضارية وميزة يتميز بها المجتمع البحريني الذي عرف بالتكاتف والتعاضد.

وبينوا في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين بمناسبة اليوم الدولي للمتطوعين الذي يوافق 5 من ديسمبر من كل عام وجود دعم كبير للعمل التطوعي في المملكة من قبل كل الجهات الحكومية والخاصة، والتي تأتي تنفيذا لرؤية متقدمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، في مجال العمل الاجتماعي والإنساني، ووصفوا البحرينيين بالملهمين في مجال العمل التطوعي.

السيدة صبا يوسف سيادي المدير التنفيذي لمؤسسة المبرة الخليفية قالت إن العمل التطوعي يمثل فرصة للأفراد لتطوير مهاراتهم وقدراتهم، وبناء شبكات اجتماعية وتوسيع فهمهم للمجتمعات المختلفة، كما ويعزز العمل التطوعي الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والتضامن بين الناس، وهنا وجب شكر جميع الجهات والأفراد المهتمين في مجال العمل التطوعي في البحرين، مؤكدة وجوب تقدير روح العطاء التي يمتلكونها وتثمين جهودهم وتسخير وقتهم للفئات المحتاجة لهذا الدعم، كما أكدت أهمية تشجيع الجيل القادم للمشاركة في هذا العمل لأنه يظهر أحد الجوانب الرائعة للإنسانية التي تعكس قيمنا الإنسانية العظيمة.

وبينت سيادي حرص سمو الشيخة زين بنت خالد آل خليفة رئيس مجلس أمناء مؤسسة المبرة الخليفية على طرح العمل التطوعي في كل برامج المؤسسة لتعزيز مبدأ الشراكة المجتمعية عند جميع المنتسبين والطلبة، وعليه تغرس المؤسسة قيم التطوع وخدمة المجتمع لدى الناشئة والشباب لأنه يعد استثماراً في المستقبل وتعزيزاً لدور جيل الشباب في الحياة الاجتماعية.

وقالت سيادي إن العمل التطوعي يقع في صميم عمل مؤسسة المبرة الخليفية، فمنذ نشأة المبرة تم تضمين هذا العمل في جميع برامج المؤسسة وتشجيع جميع المنتسبين والطلبة بممارسة هذا العمل لما يعود على الفرد والمجتمع بالخير والأجر، كما وتنظم مؤسسة المبرة الخليفية بشكل سنوي الكثير من المبادرات الخيرية، مثل كسوة الشتاء وتوزيع إفطار صائم في شهر رمضان ودعم الأسر المتعففة والكثير من المشاريع الخيرية.

من جانبها قالت الدكتورة هالة جمال رئيس جمعية عطاء للمسئولية الاجتماعية للأفراد إن هذه المناسبة العالمية تهدف لتعزيز ونشر ثقافة التطوع في العالم ودعم جهود المتطوعين وتعزيز دورهم في المجتمع لتحقيق أهداف تطويرية مستدامة، وهي احتفالية سنوية تسلط الضوء على جهود المتطوعين وزيادة الوعي الجماهيري بأهمية خدمة المجتمع .

وأضافت أن العمل التطوعي في مملكة البحرين متقدم جداً على مستوى الخليج والعالم العربي، فهو أحد الآليات الحيوية التي تحقق التحولات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، وهو يملك القدرة على تغيير الناس في طريقة تفكيرهم ومواقفهم وسلوكهم وتعزيز التنمية البشرية المستدامة، والبحرين لديها زخم كبير على مستوى عدد الجمعيات وعدد الأنشطة والفرق الشبابية والجمعيات المتخصصة الأخرى.

وبينت أن تحديات العمل التطوعي تكمن في الدعم المادي وخصوصاً عند إنشاء مراكز أو ايجاد مقار أو تجهيز مشروع ما، موضحة أن من يدخل مجال العمل التطوعي يتلمس القيم السامية في جوهر هذا العمل من حيث التسامح والتعاطف والعطاء والمساعدة، وهي قيم تسمو بنفس المتطوع ومن ثم المجتمع.

وقالت د هالة إن العمل التطوعي يعتبر مجالاً لحل مشاكل المجتمع، ومن يقومون بالعمل التطوعي لديهم قدرة على ملامسة الناس، فهم من يتقدمون الصفوف الأولى في أوقات الطوارئ، ولقد كانت جائحة كورونا خير مثال على قيمة العطاء المتأصلة في مجتمعنا، وبينت دور الجمعية الهام في المجتمع فالجمعية تزخر بلجان مهمة منها لجنة الشفاعة الحسنة البحرينية لتنشيط التبرع بالأعضاء بين المتوفين دماغيا، والتي تهدف لرفع ثقافة التبرع بالأعضاء وسيتم قريبا إصدار كتاب جديد قريباً حول التبرع بالأعضاء، وثمة تعاون مع الجهات الصحية من أجل مساعدة المرضى وتوفير فرصة لإنقاذ حياتهم.

بدوره قال السيد صباح الزياني المدير العام لجمعية المستقبل الشبابية إن مملكة البحرين ومنذ سنوات طويلة تميزت في عطائها الأهلي والتطوعي، حيث يحظى هذا المجال بدعم واهتمام ورعاية من جلالة الملك المعظم الذي وضع الإنسانية وخدمة الإنسان ضمن رؤية جلالته الوطنية للبلد.

وأوضح الزياني أن هذه المناسبة فرصة لتوضيح أهمية الخروج من دائرة العمل التطوعي التقليدي إلى العمل التطوعي الإبداعي والمؤسسي، مؤكدا على أهمية تبني قضية واستهداف شريحة معينة ومحددة، ومن ثم تقديم مشاريع تلبي احتياجات هذه الفئة وهو ما تم من خلال مبادرة " ابتسامة " التي تهدف لدعم الأطفال المصابين بالسرطان،

ولفت إلى أهمية الاطلاع على تجارب الدول الخليجية والعربية وتبادل الخبرات في مجال تطوير العمل التطوعي.

وأضاف أن جمعية المستقبل الشبابية أطلقت مشروع مايكرو شباب والذي خدم الشباب على مدار عشر سنوات، وأكد أهمية تقديم مشاريع مكملة لقطاعات يتناغم عملها بين العمل الحكومي والأهلي، فمن المهم أن يكون العمل التطوعي ذا أثر ملموس، ويمكن قياسه، فالأعمال تتطور وتستفيد من التكنولوجيا ويحكمها نظام جودة وحوكمة وفيها عمل إداري منظم، ومن هنا نتحدث عن مشاريع متطورة ومنظمة ومبدعة وخارجة عن المألوف، فالقادم يتعلق بمشاريع نوعية وهيكلة واضحة وعمل مستدام لا يرتبط بأشخاص، بل ينطلق المشروع ويواصل العطاء.

وأكد الزياني أهمية توظيف الشباب في مجال العمل الأهلي والذي يسهم في تطوير واقع العمل التطوعي، وأن يتم توجيه دعم الشركات التجارية الكبرى من أجل ضمان ديمومة العمل الأهلي واستمراريته، فلم يعد نظام المنح كافيا الآن، بل المطلوب تبني هدف معين وإدارة العمل فيه وضمان استمراريته، وهناك فلسفة جديدة في العمل الأهلي ورؤية مغايرة عما كان عليه في السنوات الماضية.

إلى ذلك قال السيد فهد ياقوت رئيس فريق كن مستعداً، إن التطوع فرصة لتطوير الإنسان وهو تعبير عن انتماء المتطوع لوطنه بهدف خدمة المملكة والإنسانية، والعمل التطوعي واجب وطني وسلوك حضاري وعلى مر الأزمات سواء كان على مستوى البحرين أو العالم فإن المتطوعين هم من يبادرون ويتصدون لجميع التحديات مضحين بأنفسهم ومالهم جنباً الى جنب مع الجهات المعنية والمختصة.

وأشار السيد ياقوت الى أنه تم تأسيس أول فريق تطوعي في مجال الإسعاف عام 2012، بهدف نشر ثقافة الاسعافات الأولية، وأن هذا الفريق أوجد عددا كبيرا من الفرق الأهلية التي انتشرت في المجتمع و ساهمت في العمل المحلي والخارجي أيضا، إضافة إلى بصمات واضحة في مجال الاغاثة، حيث شاركنا ضمن حملات إغاثية في الدول المنكوبة.

وشدد على أهمية تكريم المتطوعين وتقدير مشاركاتهم بصور مختلفة في المجتمع الذي يتميز بعطاء شبابه وتفانيه، مستذكراً حصوله على وسام جلالة الملك للكفاءة نتيجة عمله لسنوات طويلة في مجال التطوع، وهو أعلى درجات التكريم من قائد البلد الذي يؤمن بأهمية التطوع ويدعمه.

وفي السياق ذاته أوضح السيد زكريا كاظم رئيس جمعية السكلر البحرينية، أنه ولد في عائلة تخدم الحجيج وقد رافق أسرته في تقديم هذه الخدمة منذ أن كان عمره ٨ سنوات، وقد تعلم أن المقام الرفيع للإنسان يكون بحجم خدمته للناس، ومن هنا جاءت أهمية تبني قضية الإنسان والعمل من أجل خدمة الفئات المستضعفة والمريضة، فجمعية السكلر كمثال تعتبر واحدة من صور العطاء المجتمعي في المملكة.

وقال السيد زكريا إن التطوع في مملكة البحرين يعتبر منحة من القائد لشعبه، والتي تتمثل في السماح للطاقات أن تبدع في مجال الوصول الى المحتاج وتطوير الرعاية واشاعة جو التلاحم والايثار في نسيج المجتمع، فالتطوع يحقق التكاتف ويخلق بيئة خصبة للتجارب والفرص والإبداع.

وأضاف أن يوم التطوع العالمي هو يوم الاحسان، يقرر فيه الفرد الإحسان لأخيه ، وهو ما يدل على ازدهار الانسان، فمملكة البحرين تعلم شعبها من الأحسان وهو أعلى قيمة يقدمها الانسان للتعبير عن السلام والسماحة ... فالتطوع والاحسان كلمة واحدة تجمع كل المعاني والمفردات والقيم.

إلى ذلك أكد الناشط الاجتماعي أسامة الشاعر أن مملكة البحرين تشهد نمواً متزايد في تعزيز مجالات العمل التطوعي، بفضل توجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، وحرص صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على ترسيخ قيم ومبادئ التطوع باعتبارها ركيزة رئيسة لتنمية المجتمع، مشدداً على ضرورة الاستمرار بكافة الأعمال التطوعية التي تحافظ وتنمي ثقافة الانتماء والبناء داخل المجتمع البحريني بما يعود بالنفع على خدمة كافة القضايا التنموية وتحقيق أهدافها الإنمائية.

وأضاف الشاعر أن الاحتفاء باليوم العالمي للتطوع الذي يصادف الخامس من ديسمبر من كل عام يشكل تحفيزًا لمنهجية العمل التطوعي وسياساته بما يضمن تسهيل أعماله وتوسيع شبكاته ونشاطاته فضلا عن دوره في حث منظمات وأفراد المجتمع المدني للعمل معاً سوياً يداً بيد لتعزيز قيم المواطنة والمشاركة المجتمعية، منوهاً إلى أن العمل التطوعي أصبح في البحرين منهج حياة ورسالة إنسانية ووطنية، بمبادرات ذاتية من الشباب البحريني الذين وجدوا في آبائهم واجدادهم القدوة الحسنة وساروا على نهجهم، وأثروا تجربة العمل التطوعي وكانوا ولا زالوا الأجدر في ساحات العطاء الإنساني على كل المستويات.

ولفت الشاعر إلى أن تجربته في العمل التطوعي ثرية بالمواقف والتجارب فعلى صعيد الجانب النفسي هنالك إشباع للعديد من الحاجات النفسية عبر الإنجاز والنجاح الذي بدوره يدعم الاحترام والتقدير الذاتي خاصةً وأن هنالك قيمة إيجابية تقدم للمجتمع والعالم، مستذكرا جوانب من عمله التطوعي خلال شهر رمضان المبارك وما يتحصل عليه من سيل من الدعوات بعد تقديمه للخدمة التطوعية، إلى جانب ليالي الشتاء ودخول المدراس التي يجد فيها سعادة بالغة بفرحة الأطفال والأسر المتعففة، مبيناً أن من أهم أهدافه تحقيق غايات المسؤولية الاجتماعية، ومستهدفات رؤية مملكة البحرين 2030 المتعلقة بالتطوع.

من جانبه قال الناشط الاجتماعي مصعب الشيخ، ومؤسس فريق أعلامي تطوعي ومهتم في مجال تدريب الطلاب في المجالات الاعلامية، قال إن التطوع هو أسمى صور العطاء، ويمكن للجميع الانخراط فيه، فمجالاته متعددة وأشكاله كثيرة بين حضور شخصي ومساهمات عن بعد، فكل مواطن ومقيم قادر على تقديم شيء للوطن استشعاراً لمسئوليته الوطنية تجاه مجتمعه.

وبين الشيخ أن التطوع يعزز روح التكافل بين الناس، واستذكر توجيهات سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء التي اختصر الكثير من المعاني في كلمتين

(فريق البحرين) فهو يجمع العمل الحكومي ويحقق الشراكة المجتمعية، فهو شعار يجمع الجميع من أجل تنمية المجتمع، وأكد ارتباط التطوع بالإحساس بالرضا والسعادة، فهو عمل ليس في اتجاه واحد، بل يعود بالنفع على جميع الأطراف.

وختم بتوضيح فوائد العمل التطوعي الذي يكسب المتطوع مهارات متخصصة ومهارات شخصية كما ويبني العلاقات مع الناس، إلى جانب دور بيئة العمل التطوعي في زيادة الثقافة وتوسيع المدارك، وتلمس احتياجات الناس والمجتمع.