ماذا تعني خمسون عاماً من الفن في مملكة البحرين؟ إذا أردت الإجابة على هذا السؤال، ستجدها اليوم في متحف البحرين الوطني، الذي يستضيف حالياً معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية في نسخته الخمسين.

هذا وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، قد أناب سمو الشيخ محمد بن سلمان بن حمد آل خليفة لافتتاح المعرض نهاية يناير الماضي.



من يتجوّل في أرجاء المكان، سيلتفت إلى ثلاثة أعمال مميزة عن غيرها، ربما بالعلامات التي تشير إلى فوز أصحابها بجوائز المعرض هذا العام، أو بالتأكيد لأنها ذات قوة جذب بصري وفكرة عميقة مختلفة عن غيرها. اختارت لجنة التحكيم فائزين اثنين بجائزة الدانة، وهي الجائزة الأولى للمعرض، وهما الفنانان هشام شريف عن عمله "ليالي الإثنين في العدلية" والفنان جعفر الحداد عن عمله "اثنا عشر"، فيما فاز بجائزة مساحة الرواق للفنون "جائزة الرؤية الفنية" الفنان أشرف علي عن عمله "الإناء".

يصف هشام شريف عمله الفني فيقول أنه وسيلة للتعبير عن حياته الشخصية بعيداً عن النمطية المفروضة على الفنانين. ويضيف: "عملي ينقل تجربتي الشخصية ويسبر أغوار الحياة التي ربما لا يراها الكثيرون". فشريف يحاول تقديم نظرة مختلفة للجمهور عن حياة الفنانين، متجاوزاً الأفكار المسبقة والمحدودة. ويعبّر لاحقاً بفخر عن سعادته لانضمامه إلى قائمة الفائزين بجائزة الدانة، معتبراً أن الفوز بالجائزة في النسخة الخمسين للمعرض يعد تتويجاً لمسيرته الفنية ودافعاً لاستكشاف آفاق جديدة.

أما جعفر الحدّاد، فيذهب بعمله الفني إلى استكشاف تأثير البحر على الحياة اليومية والتراث البحريني من خلال عمله. فيقول: "استلهمت عملي من البحث في تأثير المياه المالحة على البناء التقليدي، وأهميته في حفظ تراثنا". فمن خلال التجارب والأبحاث، قدم الحدّاد قالباً فنياً يسلط الضوء على علاقة الإنسان بالبحر والطبيعة، مؤكداً على أهمية الفوز في الدورة الخمسين للمعرض كعنصر تحفيز لمواصلة رسالته الفنية.

بالنسبة لأشرف علي، فقام بتركيب عمله من قطع فخارية صنعها العديد من الأشخاص إجابةً على تساؤلات الحياة والموت وعلاقة الفخّار بجانب هام من تاريخ البحرين، ألا وهو الطقوس الجنائزية التي مارستها الحضارات القديمة والتي كانت تتضمن كثيراً استخدام الأواني الفخارية. يقول علي: "أردت أن أقدم نظرة جديدة على التاريخ والهوية بطريقة تحيي التراث"، ويضيف: "لم أتوقع الفوز، لكني أشعر بامتنان عميق لهذا التقدير"، مؤكداً أن الفوز بالنسخة الخمسين للمعرض يعد تقديراً لرؤيته الفنية ودافعاً للتعمق أكثر في استكشافاته.

هذا ويستمر معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية حتى أبريل القادم، ويقدّم، إضافة إلى معرض المشاركات السنوية، معرضين مصاحبين. الأول يعرض أهم الأعمال الفنية خلال العقود الخمسة الماضية والتي ساهمت في تشكيل المشهد الفني التشكيلي وعدداً من أبرز مقتنيات المجموعة الدائمة لمتحف البحرين الوطني، والثاني عبارة عن أعمال فنانين مدعوين خصيصاً لنسخة هذا العام وهم من الذين تركوا بصمة دائمة في مجالهم وكانت لهم مساهمات فنية كبيرة. وكذلك تحتفي هيئة البحرين للثقافة والآثار باليوبيل الذهبي لهذا الحدث الفني المميز من خلال مجموعة كبيرة من ورش العمل والجولات والندوات، والتي ستستمر على مدار ثلاثة أشهر.