محمد الرشيدات


أكّد سفير البحرين لدى روسيا الاتحادية أحمد الساعاتي لـ«الوطن»، أن البحرين وروسيا الاتحادية تحتفلان العام المقبل 2025 بمرور 35 سنة على تبادل العلاقات الدبلوماسية بينهما، ضمن محطات مضيئة من العلاقات الطيبة التي تشهد نمواً وتطوراً في مجالات العمل كافّة، وذلك بفضل السياسة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظّم وبدعم ومؤازرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، التي أفضت وبحرص من قِبَل الرئيس الروسي فلاديمر بوتين إلى تشكيل اللجنة الحكومية المشتركة الضامّة لمختلف الوزارات والجهات والمؤسسات الرسمية، والتي أُسّست في 2016 عقب زيارة جلالة الملك المعظّم إلى موسكو، من أجل التنسيق ووضع سياسة يتولّد عنها جملة من البرامج التنفيذية المتعلّقة بالمجالات الثقافية والاقتصادية والتجارية والفنية والعلمية.

الساعاتي بيّن، أن هذه اللجنة تُعدُّ مظلة كبيرة تنطلق من خلالها الاجتماعات المستمرة بين البلدين، ليتم عقد اجتماعين في كل عام، يكون مرّة في المنامة، ومرّة أخرى في موسكو، كآلية أسهمت وبشكل واضح وملموس في تحسين وتطوير العلاقات بين البحرين وروسيا، إلى جانب ذلك، ما كان ثمرة لمجمل أوجه التفاهمات، بإنشاء مجلس الأعمال المشترك البحريني الروسي، الذي يحوي رجال الأعمال في غرفتي تجارة البلدين، الذي يزيد عمره على 20 سنة.

وأضاف، أن مملكة البحرين تحظى بالاحترام الإقليمي والدولي من قبل روسيا، نتيجة السياسة المتوازنة والحكيمة التي تتّبعها عند التعامل مع مختلف الملفات الهامّة، منوّهاً إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حريص على زيادة آفاق التنسيق والتشاور المباشر مع حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المعظّم تّجاه متنوّع القضايا والمسائل ذات الاهتمام المشترك.

وحول طبيعة الزيارة التي قام بها عاهل البلاد المعظّم إلى روسيا، أجاب الساعاتي لـ«الوطن»، بأنها تأتي كأول زيارة يقوم بها حضرة صاحب الجلالة بصفته رئيساً للقمة العربية الـ33 من جانب، وكأول رئيس يأتي بزيارة رسمية إلى روسيا بعد إعادة انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين لولاية خامسة، من أجل مناقشة معظم المخرجات التي جادت بها قمّة المنامة، بحكم أن روسيا الاتحادية دولة عظمى ولديها عضوية دائمة في مجلس الأمن، ناهيك عن أن موسكو إحدى الدول الرئيسية والمؤسسة لمنظمة البريكس الاقتصادية، بما يعكس ذلك الدور المؤثّر الذي تقوم به في استتباب السلام وحلّ النزاعات والخلافات بالطرق السلمية، والحثّ على التعايش بين الشعوب والحضارات والأديان، مشيراً في الوقت عينه، إلى أنه وخلال الزيارة تمّ التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم في المجالات الصحية والعلمية والثقافية وغيرها من الأمور التي تنفع البلدين.

«الوطن» وَجَدتْ في حوارها مع سفير المملكة لدى موسكو فرصة حقيقية لإيضاح التكوينة المجتمعية التي تلازم الاتّحاد الروسي، ليكشف الساعاتي عن وجود أعراق وقوميات تزيد على 100 قومية تتعايش بين بعضها البعض بكل وئام وسلام، بالإضافة إلى وجود جمهوريات إسلامية وجمهوريات عديدة تمتد من أقصى الشرق عند حدود اليابان إلى أقصى الغرب صوب فنلندا، وفي الجنوب كذلك إلى حدود إيران و تركيا، لتأتي روسيا كدولة مترامية الأطراف تضم شعوباً يتآلف أفرادها سواء كان في الحكم القيصر أو الاتحاد السوفيتي والآن في الحكم الحالي بقيادة الرئيس بوتين.

الساعاتي سارع أيضاً إلى تبيان واقع التقدير الروسي لمملكة البحرين، لكونها دولة محورية وأساسية في المنطقة والعالم، وصلت بذاتها كرقم صعب في حسابات الدول نتيجة للحكمة التي يتحلّى بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظّم كقائد مؤثّر وما تجمعه بباقي دول المعمورة من علاقات متينة حظي من خلالها بأعلى معاني الاحترام والتقدير لحرص جلالته الدائم على التشاور مع زعماء الدول فيما يخص القضايا المعقّدة، وإنهاء النزاعات الدائرة في مختلف أقطار الأرض، إلى جانب حرصه على دعم العمليات الإغاثية والإنسانية للدول المتضررة من الحروب والكوارث الطبيعية.

وعن حجم التبادل الثقافي القائم بين المنامة وموسكو، أوضح الساعاتي لـ«الوطن»، أنه بازدياد وتَمَدُّدْ نتيجة الزيارات المتبادلة والمستمرة لأكثر من 30 سنة، والتي يقوم بها وزراء الثقافة في كلا البلدين، فضلاً عن إقامة المعارض الفنية ومشاركة الفرق الموسيقية البحرينية بشكل سنوي في مؤتمر وزراء الثقافة الدولي الذي يقام في مدينة سان بطرسبورغ التي تضمّ متحف أرميتاج كأكبر المتاحف الفنية والثقافية في العالم، الذي يشهد توافداً كبيراً للزوّار لرؤية ما يحتويه من تحف نفيسة ولوحات فنية متميزة تاريخية ونادرة.

في المقابل، تسارع الفرق الفنية والموسيقية الروسية إلى المشاركة في المعارض الثقافية والفنية التي تنظّمها البحرين لتبيان عمقها التاريخي وإظهار مجمل العادات والتقاليد التراثية المرتبطة بها، عطفا على ذلك، إقامة معارض لتبادل الفكر والمعرفة كتلك التي تُعنى بمجال الكتب الأدبية والقصص والروايات، لافتاً إلى أن العام 2025 سيكون عام روسيا الثقافية في البحرين، حيث من المنتظر أن تنطلق العديد من الفعاليات الثقافية والفنية والفكرية في المملكة.

على الصعيد الاقتصادي، أكّد السفير أن روسيا تقدّر الثقل التجاري والمالي الذي تحظى به البحرين، لكونها بوابة إلى منطقة العربية كلها وليست منطقة الخليج فحسب، لتتمكّن من تصدير منتجاتها وبضائعها وخدماتها الاقتصادية التي تطرحها الكثير من الشركات الروسية المستثمرة في المنامة، والمبحرة في مجالات الغذاء والتكنولوجيا والصناعات الخفيفة، لتنطلق منها إلى المنطقة بالكامل، في حين أن البحرين تعتبر روسيا هي البوابة إلى منطقة أوراسيا التي تضم العديد من دول الاتحاد السوفيتي السابق بسبب تشابه العادات والتقاليد واللغة المشتركة معه.