محمد الرشيداتأصبح متاجرة بلا رحمة بأحلام الضحايا واصطياداً لجيوبهمالمتسلّلون يهاجمون جهازاً مستخدم ما للألعاب الإلكترونية كل 39 ثانيةأكد الباحث الاقتصادي ومؤسس حملة «حصّن نفسك من الاحتيال الإلكتروني» د. مشعل الذوادي، أن هناك 24 أسلوباً يتم اعتمادها في عمليات النصب الإلكتروني، في مقدمتها، الاحتيال الخاص بتسديد الرسوم مسبقاً والدفع مقدماً، مشيراً إلى أن دراسة أجرتها جامعة ميريلاند الأمريكية أظهرت، أن المتسلّلين يهاجمون كل 39 ثانية جهازاً لمستخدم ما للألعاب الإلكترونية.وأضاف في حوار لـ»الوطن»، أنّه ومنذ بداية جائحة كورونا التي غزت العالم قبل 4 سنوات، والتي لم تُلقِ بظلالها الصحيّة على البشرية جمعاء فحسب، بل كانت فرصةً لتدفقّ كمّ هائل من المحتالين في جميع بلدان المعمورة، ممن كانوا سبباً لموت العديد من الأشخاص «قهراً» إما بالانتحار أو بإلقاء أنفسهم من مكان شاهق، لخسران ما حصدوه طوال سنوات عمرهم من أموال جمعوها بكدّ وتعب، لتُسلبَ منهم بطرق دهائية لا يتخيّلها عقل.وشدّد الذوادي وهو خبير في مجال تنمية الموارد البشرية، على أنّه من الأهمية بمكان الوقوف صفاً واحداً ضد المحتالين الذين يبتكرون أساليب شيطانية يتم استحداثها من فترة لأخرى، الأمر الذي يستدعي التصدي بكل الطرق الممكنة وإطلاق العديد من الحملات التوعوية لتحصين المجتمع من تلك الأفعال الضالّة والتي تصطاد كل الناس.وفيما يلي نص الحوار:من هم الأشخاص الأكثر عرضة للاحتيال؟- كل أفراد المجتمع معرضون للاحتيال من أطفال وصغار ويافعين ومراهقين وراشدين وكبار السن لا يسلم من الاحتيال أي أحد، فجميع المحتالين يتواصلون مع الكل بطريقة عشوائية ومن يتجاوب معهم يتم الضغط عليه بالكلام.ولعل من الأمثلة الواقعية الواجب ذكرها، ما تعرّضت له شركة «تويوتا بوشوكو» التي تعمل على توريد وتزويد سيارات تويوتا ببعض المُعِدَّات لعملية احتيال إلكتروني سنة 2019، بلغت قيمتها حوالي 37 مليون دولار، بعدما أقنع المحتالون المدير المالي بتغيير معلومات الحساب المصرفي للمستلم وهو ما مكّنهم من الحصول على الأموال.برأيك، كيف يمكن توظيف الحملات الإرشادية للحد من ظاهرة الاحتيال العولمي؟- لطالما كانت الحملات نتاج تحرك من قبل أفراد يتوسّع نطاقها أكثر فأكثر لمساعدة المجتمع من ظاهرة الاحتيال الإلكتروني والعمل على التوعية الشاملة، حيث اتضح بأن أغلب الضحايا يفتقرون لبعض الأفكار الفنية لبعض التطبيقات مما ساعد المحتالين على الولوج لهم وخداعهم.حملة «حصّن نفسك من الاحتيال الإلكتروني» التي قمت بإطلاقها عام 2021، جاءت بعد أن رأيت أن ضحايا الابتزاز الإلكتروني في ازدياد، لأمضي بجمع الحقائق والعلوم الدامغة للإسهام في التقليل من الاحتيال ونشر الوعي المجتمعي بتفاصيله، حيث تم التواصل مع الجمهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمجالس والندوات والجامعات واللقاءات العامة والجمعيات الأهلية، وهو ما ترتّب عليه تفاعل واسع النطاق من قبل جميع شرائح المجتمع، وهذا ما عاينه قياس الأثر الإنمائي للحملة، من بعد المناداة بحتمية توخّي الحذر واليقظة الدائمة لمساعي المحتالين الفاسدة.ما هي أبرز الطرق التي يتّبعها المحتالون لإيقاع ضحاياهم؟- هناك 24 أسلوباً يتم اعتمادها في النصب، ولكن يمكن ذكر أهمها، وفي مقدمتها، الاحتيال الخاص بتسديد الرسوم مسبقاً والدفع مقدماً، وعنصر احتيالي يبدو كمضاد للفيروسات، والاحتيال المتعلق بعمل خيري، وذاك المختص باستغلال الحالات الطارئة، إلى جانب الاحتيال المتعلق بالتوظيف، والابتزاز، والاحتيال بشيكّات مزيّفة، وسرقة الهوية الشخصية، والنصب على من يرغبون بالهجرة، ناهيك عن الاحتيال من خلال الشراء عبر الإنترنت أو عبر جوائز اليانصيب، أو من خلال التسوّق الخفي.وهناك احتيال ينمو شرّه من أبواب العلاقات الاجتماعية ضمن دائرة المعارف وما أبعد من ذلك عبر نوافذ شبكات التواصل الاجتماعي، وغيرها الكثير.ما مدى تأثير الذكاء الاصطناعي في عمليات الاحتيال؟- في السنوات الأخيرة وفي ظل التقدم الذي تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، صار من الصعوبة بمكان معرفة هويات الأشخاص والجهات التي يتم التواصل معها، وهو ما تسبب في عمليات نصب واحتيال مختلفة، باستخدام تقنيات يسهل الحصول عليها، فهناك العديد من وقائع الاحتيال المالي تحديداً التي تمت بناءً على تقليد بعض الأشخاص أصوات أشخاص آخرين باستخدام تطبيقات الـ AI، إلى جانب ذلك، الاستعانة بتقنيات التزييف العميق «Deepfake» خاصة فيما يتعلق بتزييف الوجوه داخل مقاطع للفيديو تتضمّن خطابات لرؤساء ومدراء شركات كبيرة، والأهم من ذلك، أن شراء تلك التقنيات تتمّ عن طريق مواقع في الشبكة العنكبوتية وبمبالغ زهيدة تتراوح بين 25 إلى 50 دولاراً.كيف بالإمكان التضييق على مطامع المحتالين بشكل علمي؟- من الواجب اتخاذ تدابير علمية وعملية في الوقت ذاته، تتركّز داخل محيط دائرة يتم من خلالها التعرّف على ما يمتلكه المحتالون من وسائل لا حصر لها لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، من أبرزها، تطوير أنظمة كشف الاحتيال، والعمل على تعزيز الأمن السيبراني فيما يتعلق بحماية أمن الشبكات وأنظمة الكمبيوتر من أي انتهاكات، وبالتالي إحباط محاولات الاحتيال.ومن الأدوات التي يمكن توجيه الإضاءة عليها في سياق مواجهة التهديدات، ما يتعلق بـ«التثقيف والتوعية» عبر تدريب الموظفين كلٌّ حسب موقعه الإنتاجي، والتعاون مع الجهات والشركات، واستخدام المنصّات الإعلامية لتوجيه رسائل إرشادية بين الحين والآخر لجميع من في المجتمع.ماذا عن التحديات التي تعترض طريق مكافحة الاحتيال القائم على الذكاء الاصطناعي؟- في ضوء تهديدات الاحتيال المحتملة التي تنطوي على استخدام الذكاء الاصطناعي، يتعين معالجة عدة عقبات، كمثل صعوبة اكتشاف الهجمات، وانتشار البيانات الزائفة، بالإضافة إلى التقدم التكنولوجي الحاصل الذي يكاد يسبق الصوت، وغيرها.وماذا عن ألعاب الصغار وابتزازهم، ضمن ما يمكن أن يُطلق عليه «مبالغ تُسحب لألعاب تسلب»؟- تستغلّ بعض المواقع التي يلجأ إليها ممارسو الألعاب الإلكترونية لسداد ثمن ألعابهم أو شراء بعض أدواتها، ما تحصل عليه من بيانات، لاختلاس مبالغ مالية من البطاقات التي يستخدمونها لتسجيل دخولهم، وهذه المواقع عادة ما تُسمّى «الطرف الثالث»، فهي من تحصل على مبالغ قد لا تكون مرئية بالنسبة إلى كثير من أصحاب الحسابات البنكية، بسبب ضآلتها، إلا أنها لا تتوقف عند هذا الحد، بل تستمر في «مدّ يدها» إلى جيوب اللاعبين، سراً.هناك آباء وقعوا ضحايا لـ«اختلاسات صغيرة»، بعد شراء أبنائهم أدوات افتراضية لبعض الألعاب الإلكترونية التي يمارسونها، قبل أن يتبين لهم أن الاختلاسات لا تتوقف.وعلى الصعيد نفسه، أظهرت دراسة من جامعة ميريلاند الأمريكية تُفيد، أن المتسللين يهاجمون كل 39 ثانية جهازاً لمستخدم ما للألعاب الإلكترونية، لأنه في معظم الأحيان يكون لدى الضحية بطاقة ائتمان أو خصم خاص به، مرفقة بالحساب الذي سجّل دخوله منه إلى اللعبة، وعندما يقع الفأس بالرأس بما يمكن أن يتمثّل بالإدمان لدى المراهق، ليلجأ أحياناً إلى السرقة من أجل شراء الأدوات الافتراضية، وقد يستخدم البطاقة الائتمانية لأسرته دون علمها، بعد استدراجه بدفع مبلغ بسيط.كيف يمكننا اكتشاف المحتالين؟- بالنسبة لأسلوب الاحتيال عن طريق الاتصال، فقد تمكّن الجميع من التعرف عليهم وحالياً يتم معاملتهم بقسوة من أفراد المجتمع أو بالضحك عليهم والتسلية معهم لمضيعة الوقت لهم، أما الإعلانات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي فيجب التحقق من أي إعلان من خلال خاصية التتبع والتحري عن الموقع للتأكد من جديته، فإذا كان حديث العهد يعتبر أنه محتال، وإذا تم تحويلك على صفحة بالفيسبوك يعتبر غاية بالاحتيال.وكيف يمكننا معرفة الرسالة إذا كانت صحيحة أو مزورة؟- الرسائل النصية المليئة بالأخطاء الإملائية العربية منها والإنجليزية، وتلك الآتية من حسابات غير معتمدة للبنوك، إضافة إلى الرسائل القادمة عبر الإيميل والتي تكون منمّقة ولكن بها أخطاء، ولاتبدأ بالتحية بالاسم الثلاثي للضحية، وأخرى لا يوجد بها أي إشارات بأنها للمتلقي للرسالة.ويسعى المحتالون من أجل الحصول على بعض المعلومات الشخصية عن الضحية بعد إيهامها بأنهم يعلمون كل شيء عنها، أخذ المعلومات الخاصة بها من بعض المواقع الشهيرة ذات السهولة بالاختراق أو من خلال مواقع ينشئها المحتالون لجمع المعلومات بطريقة احترافية وبدون علم الضحية.هل لك أن تستعرض أبرز النصائح لتفادي الوقوع غير المحسوب في عملية احتيال ممنهجة؟- هناك عدد من النصائح التي يُمكن من خلالها تفادي السقوط في فخ الاحتيال على اختلاف أنواعه، أولها، التأكد من هوية أي شخص يتم التواصل معه، ومن ثَمّ طلب توثيق مكتوب عبر البريد الإلكتروني حال طلب المتصل تحويل أو توريد الأموال إليه أو لجهته، إضافة إلى عدم التفاعل مع أية رسائل بإعادة تعيين كلمة السر سواء للبريد الإلكتروني وأي منصات أخرى، فضلاً عن عدم الضغط على أي روابط دون التأكد من سلامتها.