حسن الستري


يتعارض مع المواثيق الدولية..

تحفظت الحكومة على مشروع قانون نيابي يهدف لمد نطاق رقابة ديوان الرقابة المالية والإدارية على الاتحادات العمالية والرياضية في البحرين، مؤكدة اقتصار رقابة الديوان على الأموال العامة المملوكة للدولة، ولا تمتد إلى الأموال الخاصة، موضحة أن المشروع لا يتوافق مع المواثيق الدولية المنظمة للاتحادات الرياضية.

وبينت الحكومة أن المشرع، وإن كان قد أضفى على الهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة وصف الهيئات ذات النفع العام، وخولها تمكيناً لها من مباشرة أغراضها في هذا النطاق جانباً من خصائص السلطة العامة، إلا أن تمتعها بامتيازات السلطة العامة على هذا النحو لا يجعلها فرعاً أو جزءاً من تنظيماتها، والأصل في هذه الهيئات أنها تباشر نشاطها بوصفها من أشخاص القانون الخاص، ملتزمة في ذلك وسائل هذا القانون، مقيدة بنظمها والأغراض التي تتوخاها.

ووفقا للحكومة فقد قرر المشرع بصريح نص المادة (1) من قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة الصادر بالمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989 أن الهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة تعد من الهيئات الخاصة، ومن ثم فإن أموالها، وبالضرورة، تكون من الأموال الخاصة باعتبار أن مواردها المالية تنحصر في الإيرادات التي تتحصل مقابل الخدمات التي تقدمها، والمنح والإعانات والهبات التي يقرر مجلس الإدارة قبولها بما يتوافق مع الأنظمة والتشريعات المعمول بها في مملكة البحرين وكذلك الدعم والمخصصات التي تقدمها اللجنة الأولمبية الدولية واتحاد اللجان الأولمبية الوطنية والمجلس الأولمبي الآسيوي أو أي هيئة رياضية معترف بها دولياً، والدعم المالي المخصص لها من قبل المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وذلك على النحو الوارد بنص المادة (72) مكرراً من قانون الجمعيات المذكور.

وتابعت الحكومة في معرض ردها، أنه حيث إن الأندية والهيئات الرياضية واتحادات الألعاب الرياضية واللجنة الأولمبية تندرج في عموم ما عبر عنه المشرع بالهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة، ويسري عليها أحكام المواد من (1) حتى (54) من قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة الصادر بالمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989 مع مراعاة الأحكام الخاصة بها، وحيث إن الاتحاد الرياضي هو هيئة تتكون من الأندية الرياضية التي لها نشاط في لعبة ما أو أكثر بقصد تنظيم وتنسيق هذا النشاط بينها، والمسؤول إدارياً ومالياً وفنياً عن شؤون اللعبة أو النشاط في المملكة، ويتولى الإشراف عليها طبقاً لأحكام هذا القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه بمراعاة القوانين والأنظمة الصادرة عن الاتحاد الدولي لهذه اللعبة.

ولما كانت اللجنة الأولمبية البحرينية هي هيئة أهلية مستقلة ذات شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري وفني تتمتع بكافة الحقوق، وتتحمل بجميع الالتزامات المنصوص عليها في الميثاق الأولمبي، ويصدر رئيسها نظاماً أساسياً موحداً يتضمن الأحكام والإجراءات المتعلقة بتشكيل الاتحادات الرياضية وطريقة إدارتها وحلها وتنظيم اجتماعاتها ومشاركاتها الخارجية وسائر الأمور الإدارية والمالية المتعلقة بها، وذلك بمراعاة القوانين والأنظمة الصادرة عن الاتحاد الدولي لكل لعبة، وكان من بين الموارد المالية للجنة الأولمبية الدعم المالي المخصص لها من قبل المجلس الأعلى للشباب والرياضة. وعليه فإن أموال الاتحادات الرياضية هي أموال خاصة وليست عامة.

أما بخصوص المنظمات النقابية العمالية، أوضحت الحكومة أنه لما كان إنشاؤها يهدف إلى رعاية مصالح العمال والدفاع عن حقوقهم، وقد منحها المشرع في قانون النقابات العمالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002 الشخصية الاعتبارية المستقلة، وذلك من تاريخ إيداع أوراق تكوينها لدى الوزارة المعنية بشؤون العمل، وقد أوجب القانون أن تتضمن أنظمتها الأساسية بيان كيفية حفظ أموالها، ونظامها المالي، وسجلاتها ودفاترها المالية، ولم يسبغ المشرع صفة المال العام على أموالها، ولم يمنحها الحماية المقررة للمال العام، باعتبار أن مواردها المالية تنحصر في رسوم الانضمام واشتراكات الأعضاء والإعانات والهبات والتبرعات والوصايا التي يقبلها مجلس الإدارة بعد موافقة الوزارة، وريع الحفلات والأنشطة المختلفة المخصص دخلها لصالح العمل النقابي، والموارد الأخرى التي لا تتعارض مع أحكام القانون أو النظام الأساسي للمنظمة.

وبحسب رد الحكومة، فإن الأصل في هذه المنظمات النقابية أنها تباشر نشاطها بوصفها من أشخاص القانون الخاص، ملتزمة في ذلك وسائل هذا القانون، وبذلك الوصف تكون أموالها أموالاً خاصة بمنأى عن رقابة ديوان الرقابة المالية والإدارية الذي تنحصر رقابته على الأموال العامة، وتنحسر عن الأموال الخاصة.

ونوهت الحكومة أنه يمكن تحقيق أهداف مشروع القانون بإعمال نص المادة (22) مكرراً من قانون الجمعيات، لأنها تجيز للوزير المختص أن يطلب من ديوان الرقابة المالية والإدارية ممارسة الرقابة المالية على تلك الهيئات من خلال مراجعة دفاترها ومستنداتها وحسابات إيراداتها ومصروفاتها وغير ذلك من شؤونها المالية، من أجل التحقق من سلامة مواردها ومشروعية أوجه صرف أموالها.

وخلصت الحكومة إلى عدم توافق مشروع القانون مع المواثيق الدولية المنظمة للاتحادات الرياضية، وذلك فيما كفلته لها من استقلال عند ممارسة أنشطتها، إذ الأصل أن تكون جميع الاتحادات تحت مظلة اللجنة الأولمبية البحرينية حفاظاً على استقلالها والتأكيد على التزامها بمبادئ وتعليمات الميثاق الأولمبي الصادر من اللجنة الأولمبية الدولية والتعاون مع الهيئات الحكومية وغير الحكومية في حدود ما يسمح به الميثاق الأولمبي، التزاماً بما تضمنته نصوص قانون الجمعيات المشار إليه، ووفقاً لأفضل الممارسات المستمدة من تجارب الأجهزة العليا للمحاسبة والرقابة.

ويؤكد الميثاق الأولمبي على ذلك في المادة الأولى من البند الرابع منه، والتي تضمنت النص على أن يلتزم أي شخص أو منظمة تنتمي بأي صفة كانت إلى الحركة الأولمبية بأحكام الميثاق الأولمبي، ويلتزم بقرارات اللجنة» كما نصت المادة (2) الفقرة الخامسة منه على العمل من أجل تعزيز وحدة الحركة الأولمبية وحماية استقلاليتها والحفاظ على استقلالية الرياضة، وكذلك نصت المادة (25) من الميثاق على أنه من أجل تعزيز وتطوير الحركة الأولمبية يجوز أن تعترف اللجنة الأولمبية الدولية بمنظمات دولية رياضية غير حكومية يطلق عليها اتحادات دولية، والتي تدير لعبة أو ألعاباً على نطاق عالمي، وينتمي إليها منظمات وطنية تدير تلك الألعاب نفسها على الصعيد الوطني، ويجب أن تكون القوانين والممارسات والأنشطة التي تضطلع بها تلك الاتحادات الدولية متوافقة مع الميثاق الأولمبي، ولا سيما فيما يتعلق بتطبيق القانون الدولي لمكافحات المنشطات. فضلاً عما سبق، فإن كل اتحاد دولي يجب أن تكون له استقلالية في إدارة الرياضة المعنية بذلك الاتحاد.

كما نصت المادة (27) الفقرة رقم (6) على أنه يجب على اللجان الأولمبية الوطنية أن تحافظ على استقلاليتها، وأن تكون بمنأى عن أي ضغوط على سبيل المثال وليس الحصر، الضغوط السياسية، والقانونية والدينية أو الاقتصادية والتي من شأنها أن تمنع اللجان الأولمبية الوطنية من الامتثال إلى الميثاق الأولمبي. وإعمالاً لما تقدم، فإن الاتحادات الرياضية في مملكة البحرين قد وضعت تلك النصوص في لوائحها، وتضمنت النص على استقلال الرياضة، باعتبار أن الاتحاد الرياضي هو هيئة مستقلة تتكون من الأندية الرياضية التي لها نشاط في لعبة ما أو أكثر بقصد تنظيم وتنسيق هذا النشاط بينها كما ذكرنا أعلاه، بينما اللجنة الأولمبية البحرينية هي هيئة أهلية مستقلة ذات شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري وفني، وتتمتع بكافة الحقوق، وتتحمل جميع الالتزامات المنصوص عليها في الميثاق الأولمبي.

وأكدت الحكومة في ختام ردها، أنه لما كان ما سبق، فإن التدخل الحكومي في شؤون الهيئات الرياضية الوطنية بخضوعها لرقابة الديوان يتأبى واستقلالية هذه الهيئات وما تقرره المواثيق الرياضية الدولية في هذا الشأن، لا سيما أن أي تغيير على لوائح الاتحادات الرياضية يستوجب إرساله إلى الاتحاد الدولي المنظم للرياضة نفسها من أجل الاطلاع عليه، وفي حال مخالفة ذلك التعديل لنظام الميثاق الأولمبي، فإنه يعرض الرياضة في مملكة البحرين إلى الإيقاف المؤقت أو الدائم «الشطب» استنادا إلى المادة التاسعة والخمسين من الميثاق الأولمبي.