كتبت- زهراء حبيب

برأت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى مسؤولا بالبلديات ومتهما آخر من تهمة إختلاس 44 ألف دينار دعم من " تمكين" لمربي المواشي، لعدم كفاية الأدلة.

وجاء في تفاصيل الحادثة أن نقيبا في مكافحة الفساد تلقى معلومات عن وجود مخالفات وتجاوزات في مزرعة بوزارة شؤون البلديات والزراعة، وتحديداً في مشروع بناء حظائر لصغار مربى المواشي. ومن خلال تحرياته توصل إلى أن المتهم الأول بالاستعانة بالمتهم الثاني استغل وظيفته وما يملكه من اختصاصات وصلاحيات أناط له بها القانون، واستطاع اختلاس والتصرف في عدد من المنقولات المملوكة للوزارة دون أن يورد قيمتها إلى خزينة الوزارة.



وقام المتهم الأول بإتلاف المستندات حتى لا ينكشف أمره وأخفى عددا آخر منها، وعمد إلى الإضرار بأموال هيئة تمكين العامة، بأن مكن أشخاصا بالاستفادة من تلك الأموال وإدراجهم ضمن المستفيدين من المشروع، وذلك بالاستعانة بالمتهم الثاني الذى قام بكافة الإجراءات اللازمة ومستعينا بالإفادات المزورة والصادرة من المتهم الأول.

وأحالت النيابة العامة المتهمين بعد أن وجهت لهما أنهما في غضون عامي 2011 و2012 المتهم الأول: بصفته موظفا عاما (مسؤولا بوزارة البلديات والزراعة ) اختلس أموالا وأوراقا وجدت في حوزته بسبب وظيفته، بأن اختلس أموالا تبلغ قيمتها 33 ألفا 188 دينارا، وملفين خاصين بقسم الإنتاج الحيواني والمملوكين لوزارة، بالإضافة إلى أنه استغل وظيفته في تسهيل استيلاء غيره بدون حق على مال مملوك لجهة عامة بأن سهل للمتهم الثاني الاستيلاء على الأموال المذكورة سلفاً، وأضر عمداً بمصلحة صندوق العمل "تمكين"، وشرع في الإضرار عمدا بأموال الهيئة، ونزع وأتلف الأوراق والمستندات المتعلقة بالوزارة والمودعة بالمكان المعد لحفظها.

كما ارتكب تزويراً فى محررات رسمية وهى الافادات الصادرة لمن يهمه الأمر وبطاقات مزاولة إنتاج حيواني، واستعمل المحرر المزور موضوع التهمة السابقة.

ووجهت للمتهم الثاني تهمة أنه اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة موضوع التهمة أولاً وهي الاستيلاء على المال،واشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول فى ارتكاب جريمة الإضرار بهيئة "تمكين". إضافة إلى تداخل في وظيفة وأجرى عملا من أعمالها دون أن يكون مختصا بها لتحقيق غرض غير مشروع، والحصول لنفسه وغيره على مزية في وزارة شؤون البلديات والزراعة، وارتكب تزويرا في محررات خاصة وهي (استمارة تقدم طلبا واتفاقية برنامج "تمكين" لدعم المزارع البحريني )، واستعمل المحررين المزورين –موضوع التهمة السابقة – بأن قدمها إلى هيئة "تمكين" لاعتمادها والحصول على الدعم المالى بغير حق .

ونظرت المحكمة تلك الدعوى، وقبل الفصل بالموضوع قضت بندب خبير لأداء المأمورية الواردة بمنطوق ذلك الحكم.

إلى ذلك، دفع المحامي عبدالرحمن غنيم وكيل المتهم الأول، ببراءة موكله وأن الأدلة التي ساقتها النيابة العامة، لا يقوم بها ركنا جريمة الاختلاس، بحيث لم تبين كيف استبان لها أولاً، أن قيمة الموجودات موضوع جريمة الاختلاس 33 ألفا و188 دينارا بحرينيا، وأن المتهم استولى على المال ودخل بذمته وأنه تصرف فى هذا المال تصرف المالك، مؤكدا أن النيابة العامة لم تقدم دليلا على خروج الملفين موضوع التهمة ذاتها من مقر عمل المتهم أو عدم اختصاصه بحيازتهما، وعملياً فإن تحديد قيمة الموجودات محل الأتهام لمن الأهمية بمكان حيث أن تجهيلها لا يجعل للاتهام الماثل محلا، لافتا إلى أن من واقع الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا تتوافر بها أدلة وركائز الجريمة المنسوبة للمتهم الأول بالبند ثانياً من أمر الإحالة، حيث إن المتهم الثانى لم يستول على أي مال عام من الأساس يمكن معه مناقشة قيام المتهم الأول بأي عمل أو امتناعه عن عمل ما من شأنه تسهيل حصول المتهم الأول على مال مما أوكل إليه حفظه بسبب وظيفته، إضافة إلى ذلك فلم يشب مسلك المتهمين ثمة شائبة يمكن التعويل عليها فى تحقق قصد تملك المال العام أو الاضرار به، وليس ثمة دليل على تضرر المال العام بفعل يمكن نسبته للمتهم الأول . وذكر المحامي أن الاتهام المنسوب إلى موكله بأنه أرتكب تزويراً فى محررات رسمية وهى الإفادات الصادرة لمن يهمه الأمر وبطاقات مزاولة مهنة إنتاج حيواني، لا سند له من الواقع والقانون، لأنه وإن كان المتهم الأول قد وقع على بطاقات مزاولة مهنة تربية المواشي لعدد من الأشخاص وإفادات بشراكتهم واستفادتهم من مشروع حظائر الهملة، فإنه وعلى فرض عدم استيفاء هؤلاء الاشخاص للشروط- وهو فرض غير قائم - فإن أمر التحقق من استيفاء الأشخاص لشروط استصدار هذه البطاقات وتلك الإفادات ،لا يقع ضمن اختصاصاته، ولم يتصل عمله أو علمه باستيفائهم للاشتراطات من عدمه.

ومن جانبها ذكرت المحكمة في حيثيات حكمها بالبراءة بأنه للواقعة صورة أخرى غير تلك التي رسمها شهود الإثبات والأدلة التي ساقتها النيابة العامة بقائمة أدلة الثبوت الأمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة إسناد الاتهامات إلى المتهمين، لافتة إلى أن ما شهد به شهود النفي أمامها، والذين تربطهم صلة مباشرة بمشروع حظائر الهملة محل الواقعة لكون أغلبهم يمتهنون مهنة تربية المواشي والمستفيدين من المشروع، والتي تطمئن المحكمة إلى شهادتهم التي أجمعوا فيها على أنهم حصلوا على الحظائر بالمشروع وفقا للإجراءات المقررة قانونا والمحددة سلفا من الوزارة، ولم يجبرهم أي من المتهمين على اختيار مقاول بعينه لتنفيذ المشرع وأن قيمة الدعم كانت تذهب مباشرة إلى المقاولين ولم يتدخل أي من المتهمين في اقتضاء حقوقهم .كما أجمعوا على اختيار المتهم الثاني ليكون ممثلهم في مواجهة الوزارة، وحضور الاجتماعات مع ممثليها ،بمن فيهم وكيل الوزارة والوزير والذين قاموا بزيارة المشروع ومعهم مدير بنك الإبداع، ووقفوا على حجم العمال وطبيعته، وأن قيمة الأعمال التي تمت تتناسب وسعرها السوقي، ولم يستفد أي من المتهمين بأي شيء من حصولهم على تلك الحظائر بالمشروع.

وأشارت المحكمة إلى ما انتهى إليه الخبير المنتدب بتقريره وما شهد به أمام المحكمة والذي تطمئن إليهما، من أن مشروع الهملة ظهر كحل لمشكلة مربي المواشي بمنطقة البرهامة المهددين بالطرد من حظائرهم، لصدور أحكام بإزالة تلك الحظائر، وطلبت وزارة شؤون البلديات من بنك الإبداع بصفته الجهة المنفذة لبرنامج دعم المزارع البحريني دعم المربين ضمن مشروع الهملة إذ إنهم من الفئة المستهدفة فى برنامج "تمكين" (صاحب برنامج دعم المزارع البحريني، وتمت الموافقة على ذلك الدعم لمن تتوارى فيهم الشروط المقررة في البرنامج، وبالإجراءات والآليات المحددة بالبرنامج ولا يوجد دور لصندوق العمل (تمكين) في الإجراءات التنفيذية، وإنما اقتصر دوره على تحويل المبالغ المخصصة للدعم إلى حساب مصرفي يكون تحت إدارة بنك الإبداع للتمويل متناهي الصغر.

وقالت المحمكة إن الأدلة التي ساقتها النيابة العامة للتدليل بها على ارتكاب المتهمين للوقائع المسندة إليهما ، وتجعلها لا تقوى على بلوغ حد الكفاية لمؤاخذتهما بمقتضاها وعقابهما عليها، الأمر الذي يبعث فى يقين المحكمة الشك الذي يهدم اليقين الذي بموجبه يستطيع القاضي الجنائي الحكم بالإدانة، وانطلاقا من القاعدة الأزلية أن الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والتأويل ولما كانت المحكمة قد تشككت في صحة إسناد الواقعة إلى المتهمين وفقا لما سلف بيانه الأمر الذي تنتهي معه إلى براءتهما.