حصلت الشيخة د.إيشاع بنت محمد بن حمد آل خليفة، على أول براءة اختراع بحريني لبرنامج إلكتروني من مكتب براءات الاختراع بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث يعد هذا انجاز كبير لأنه حدث بعد تشديد مكتب براءات الاختراع الأمريكية وكثرة الرفض لأي طلب براءة اختراع لا ترقى للمستوى المطلوب.

قصة البحث

بدأت القصة منذ بداية مشوار الدراسة في اسكوتلندا في سنة 1998 حيث وجدت الشيخة د. إيشاع أن هنالك دراسة قديمة كشفت وجود خطأ بالاستنتاج المنطقي لكل إنسان على وجه الأرض وهذا الخطأ يؤثر بشكل مباشر على اختياراتنا اليومية، مما تسبب في وصول العلماء إلى استنتاج أن الإنسان غير منطقي بالتفكير قد تم استخدامه كدليل علمي ضد المعتقدات الدينية ودعما لنظرية التطور التي تدعي أن عقل الإنسان تطور عبر طفرات جينية عشوائية، ما يجعل الإنسان ليس منطقيا بالتفكير وشكل هذا الاستنتاج تهديدا لمسلماتنا الإسلامية بأن عقلنا هو ما يؤهلنا لاختيار الإيمان أو الكفر كطريق فكيف يكون قد تشكل بشكل عشوائي وغير منظم.



وتسببت هذه النتائج، بأن لا يكون هنالك ترحيب من قبل الباحثين بهذا المجال بالذات لأي منظور مغاير، ما جعل هذا المجال أحد اصعب مجالات البحث العلمي على وجه الأرض لأن الموضوع يجد كل هذه المواجهة القوية من قبل مؤسسي التوجه العلمي ولكن عندما يصبح الهدف هو إتباع أمر الله والبحث عن الحقيقة لعبيده فإن الله يبارك بالمجهود وبناء عليه تم اختيار هذا الموضوع بالذات كموضوع للبحث العلمي لرسالة الدكتوراه على أن يتم أيضا تصميم برنامج آلي على مستوى الذكاء الاصطناعي ضمن الرسالة.

رحلة البحث

قامت الشيخة د. إيشاع، بالدراسة باسكوتلندا لمدة سنة كاملة توفرت بها المراجع بشكل ميسر نظرا لتواجد التخصص بكثرة هناك. ومن بعدها عادت للوطن الغالي البحرين لاستكمال الدراسة بشكل دوام جزئي وهنا انعسكت ندرة الباحثين بالمجال في البحرين على عدم توافر المراجع البحثية بالبلد. وتطلب السفر الشخصي المتكرر إلى مدينة لندن من أجل الحصول على صور للأبحاث العلمية من مكتبة لندن يتم شحنها إلى البحرين وتبويبها وحفظها من أجل استغلالها في الأبحاث العلمية الدولية، وتكررت هذه العملية إلى أن بدأت الشبكة العنكبوتية بعرض بيع نسخ من الأبحاث بشكل مباشر إلى أن تلاشت الحاجة لزيارة مكتبة جامعة لندن.

نشر الأبحاث

وقامت الشيخة د. إيشاع بالتقديم للمؤتمرات العالمية والتعلم إلى أن حصلت على أول قبول بحث علمي في هذا المجال في مدينة بيجين بالصين، حيث قامت بنشر الأبحاث بعدد كبير من المؤتمرات بالشرق الأقصى وتشمل سنغافورة وتايوان وبأوروبا حيث تشمل هولندا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وجنوبا حيث تشمل أستراليا. ولكن على الرغم من الإصرار على العمل فإن المعضلة التى وجدها العلماء المؤسسين لهذا المجال بقيت على حالها ولم ينكشف شيء من جوانبها المختلفة ولم يظهر أي تفسير غير تفسيرهم.

استدعاء ابن سينا وابن حيان

يذكر أن البحث بهذا المجال محاط بالمحبطات وعدم التوصل لنتائج مغايرة إيجابية قوية، والتعرض لأوقات يقل معها الصبر، ولكن بدل تغيير المجال تماما تم اتخاذ قرار قد يكون غريبا لدى الباحثين وهو وقف البحث بالمجال تماما بالأبحاث الحديثة واستبدال ذلك بالبحث عن الكتب القديمة والتي بدأت بكتب جابر بن حيان أبو الجبر والكيمياء، حيث إنها قامت بقراءة عدد من كتبه ومنه بدأت تقرأ كتب ابن سينا أبو المنطق.

ووصف العالم الكبير ابن سينا أنه دائما يقوم بدراسة كتاب جديد بشكل مركز ومكثف وكل ما يجده بنفس الموضوع، وإذا استعصى عليه أمر ولم يفهمه، فإنه يقوم بفرش سجادة الصلاة ويصلي ركعتين من دون الفرائض ويطلب من الله أن يريه في منامه من تلك الليلة ذاتها الجواب على التساؤل الذي يؤرقه. وذكر أن الله كريم ولكن شرط الاجابة هو صدق الدعاء والبحث الحقيقي بكل العلوم المتوفرة قبل اللجوء إلى الله.

ترك ابن سينا قصيدة شعرية رائعة باللغة العربي ليشرح لابنه الذي رباه في كنفه كل ما يحتاج إليه من علوم المنطق وبالقصيدة ظهرت عدة رموز تؤشر إلى حل ممكن للسؤال الذي تبحث الدكتورة عن إجابة له.

الجواب الشافي

عندما يبحث الانسان عن جواب لسؤال ويستعصي الجواب عليه لمدة 16 سنة وبعدها يظهر الجواب فإن رد فعل الانسان لا تكون اعتيادية، خاصة عندما يكون الجواب مختلفا عن المتوقع.

وأتى الجواب واضحا، وتم تفسير بشكل كامل المعضلة التى كانت تحير العلماء بالسؤال الذي وجدوه، وتم التوصل لصيغة يختار بها الإنسان الأجوبة الصحيحة دائما، ولكن بقي التفسير لا يثبت أن العمل منطقي، ولكنه بين أن العقل منظم أي لابد من وجود الخالق؛ لأن هذا الأسلوب في التفكير الذي أظهره البحث يوجد وصفه في الآيات من سورة الملك:

(2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)

وهذا يعكس أسلوب تفكير دائري حركي يبين أن توجيه العقل وعكسه يمكنه التأثير عليه، وبما أن المنطق الاستنتاجي ثابت لا يقبل عامل الزمن بالاستنتاج فإن النتيجة مذهلة فعلا. ومن شدة الذهول بالنتيجة وقوة الرابط الديني شعرت الدكتورة أن من واجبها متابعة العمل على هذه النتيجة وإخفاء أسرارها عن الأيدي وحفظها ببراءة اختراع.

الاكتشاف

علمت الدكتورة أن الاكتشاف لا يمكن الاستفادة منه بشكله النصي فقط، ولذا فكرت في وضع أسلوب حسابي يمكن عن طريق ضبط معاييره أن يقوم بتقديم المعلومات بشكل وأسلوب يتقبله العقل بشكل مباشر وبسيط. ولهذا بدأت العمل على الأسلوب الحسابي الذي يوافق ما وجدته عبر الاختبارات التي تقع بمجال سيكولوجيا تفكير الإنسان.

ووجب بسبب سرية الفكرة الاعتماد الكامل على النفس بالتعلم أولا ومن ثم الابتكار مما تطلب العمل لساعات طويلة بتجارب وإزعاج عدد من الأساتذة بالأسئلة المتكررة عن أساسيات في الإحصاء والرياضيات والمعاناة من إخفاقات كثيرة ومتكررة.

ولكن بقي أسلوب ابن سينا بطلب العلم من الرحمن عبر الصلاة من غير الفروض نبراسا وملجأ لكل ما استعصى حتى نتجت الحسابات الرياضية المواكبة للاكتشاف.

براءة الاختراع بشكل رسمي

ومن أجل الحصول على براءة الاختراع قامت الدكتورة بالاتصال بعدد من مكاتب براءات الاختراع على المستوى البحريني والخليجي والعربي فلم تجد الدعم المطلوب بسبب ندرة الاختصاص لدرجة أنه تم تحذيرها من قبل بعض أهل المجال بأنه شبه مستحيل الحصول على براءة اختراع لهذا التصنيف من الاختراعات بعد التشديدات التي تم تطبيقها بمكتب براءة الاختراعات الأمريكي.

بعدها قامت الشيخة الدكتورة بالبحث عن مكتب محاماة أمريكي يتبنى الاختراع وفعلا حصلت على رد من أحد المكاتب بالعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي حيث ذكر الرد باختصار أننا نود الكلام معك على الهاتف عن هذا الاختراع لمدة نصف ساعة وبعدها سنخبرك فيما لو سنقبل أن نقابلك بخصوص الاختراع أو لا.

رتبت معهم الدكتورة وقتا وتاريخا للاجتماع بالهاتف وتحدثت معهم وأرسلت لهم الملف فأخبروها أنهم سيقومون بالرد عليها بعد عدة أيام. ولله الحمد ردوا عليها بقبول الطلب بشكل مبدئي بحيث عليها السفر إلى مكتبهم لاجتماع والتحدث عن الاختراع بشكل واسع ومفصل هناك.

قامت الدكتورة بعدها بترتيب السفر والاجتماع الذي استغرق ثلاث ساعات مع خبير بالرياضيات يعمل ضمن فريق مكتب المحاماة وكلمت المحامي بعدها لمدة ساعة، حيث قال الاثنان إن الفكرة رائدة ولم يسبق لهما السماع بمثل هذا الاختراع من قبل. فقاموا بقبول تقديمها بشرط أن يتم العمل على تحرير نموذج الطلب على أساس منسق ومرتب مع مكتبهم قبل التقديم الرسمي لمكتب براءة الاختراع.

وكرر المحامي وشدد أنه يتوقع الرفض ومتأكد منه بأول مرة يتم تقديم الطلب لأن هذا أصبح اعتياديا لهذا النوع من براءات الاختراع، ولكنه وعد بالمحاولة إلى أن يتم قبول الاختراع. وقامت الدكتورة بعد هذا بالعمل لمدة ستة أشهر لبناء ملف التقديم لبراءة الاختراع مع المحامي الأمريكي ومساعده الخبير بالرياضيات ومن ثم تم التقديم بشكل رسمي.

التقاعد المبكر وإنشاء شركة معلوماتية

أثناء الاستعداد لتقديم براءة الاختراع حان وقت العمل على بناء البرنامج ذاته، وصادف هذا الوقت تقديم التقاعد المبكر من جامعة البحرين وإنشاء شركة تقنية جديدة،

قامت الدكتورة بإنشاء شركة معلوماتية متخصصة تسمى "صجي" أي الحقيقة باللهجة البحرينية. وتهدف هذه الشركة إلى أن تحدث نقلة نوعية بمستوى الخدمات التقنية والبرمجية بمملكة البحرين والخليج بشكل عام وذلك عن طريق بناء شراكات عالمية ومحلية بالإضافة إلى ابتكار تكنولوجيا جديدة. وتقدم شركة صجي خدمات إنتاج برمجيات متطورة جدا في البحرين.

وتتميز الشركة الجديدة بتقديم خدمات إنشاء تطبيقات جديدة للهاتف الذكي محليا ووضعها على منصة آمازون بأسعار تنافسية جدا بالإضافة إلى تقديم خدمة Food Server والتي تسمح للمطاعم باستخدام التابلت لعرض كافة أطباقهم عليه، وعرض أطباقهم على تطبيق الهاتف الذكي وسيتمكن قريبا طلب الأطباق عبر هذا التطبيق.

وتعمل الشركة أيضا على إنتاج تطبيقات على الواقع المعزز أيضا حيث تمكنها هذه الخبرات من توفير الخدمات للشركات المحلية والعالمية بأسعار تنافسية.

هدية أهل البحرين

تقدم الشركة هدية مفتوحة لأهل البحرين كافة من انتاجها الخاص وهي عبارة عن لعبة بسيطة سيتم إطلاقها ويمكن تحميلها مجانيا لأي هاتف ذكي (أندرويد أو ايفون) ويكون التسجيل من خلال اللعبة نفسها بتسجيل الاسم ورقم الهاتف والايميل وسيحصل الفائزون الثلاثة بالمراتب العليا من اللعبة على جوائز نقدية بمبلغ مئة دينار وخمسين دينارا للمرتبتين الثانية والثالثة وسيتم توزيع الجوائز بعد العيد مباشرة بإذن الله.