أدار الندوة إيهاب أحمد وحسن الستري

تصوير - سهيل الوزير

اتفق نواب ومراقبون، على وجود فجوة واسعة بين الدور المفترض من النائب والدور الذي يلعبه النواب، مؤكدين أن "الواسطة" تمنع أعضاء المجلس عن القيام بدورهم الحقيقي لخدمة المواطنين خصوصاً فيما يتعلق بلجوء المواطن إلى النائب للتوسط له في معاملة أو طلب وظيفة.

وفي ندوة نظمتها "الوطن" سادتها الصراحة، حول "ما هو دور النائب الحقيقي؟"، شارك فيها كل من النائبين علي إسحاقي ومحمد عيسى، والنائب السابق محمد المعرفي، والسياسي عبدالله الحويحي، اعترف عيسى وإسحاقي بأنهما واجها واقعاً يجبر النواب على طلب الخدمات من المواطنين.

ففيما أكد عيسى أن مكتبه تحول لمكتب لإعطاء العاطلين توصيات توظيف لدى الجهات الحكومية، اتهم إسحاقي الجهات الحكومية بتعمد دفع المواطنين للنواب ليطلبوا منهم الطلبات الخدمية، مستشهداً بالمثل المصري "اطعم الفم.. تختشي العين".

ورد عليهما المعرفي بقوله إنه كان نائباً سابقاً ولم يأتهِ مواطن يؤكد أنه مدفوع من قبل جهة معينة لإنجاز معاملته الحكومية، ليجيبه إسحاقي: "أنت تجمل الأمور، لربما لم يأتك أحد، ولكن بالتأكيد قصدوا غيرك".

وفي الوقت الذي ثمن السياسي عبدالله الحويحي صراحة المعرفي وإسحاقي، تهكم عليهما بقوله: "يفهم من النائبين أنهما دخلا المجلس ولا يعرفان شنو السالفة".

«الوطن»: أغلب المواطنين يعتقدون أن النواب تغيروا بعد فوزهم في الانتخابات، فما الفرق بين دور النائب والواقع؟

- عيسى: أعتقد أن نظام الانتخابات يحتاج إلى تعديل، والمواطن يعتقد أن النائب للخدمات؛ لأن النظام الانتخابي يجعل النائب ممثلاً لدائرة بدلاً من أن يكون ممثلاً للبحرين بأكملها.

كثير من الناس يخلطون بين عمل العضو البلدي والعضو النيابي، فيذهبون إلى البلدي في أمور في غير اختصاصهم، كما يذهبون للنيابي في أمور في غير اختصاصه.

كان لدي طموح حين قررت الترشح، ولكني اصطدمت بظروف غير متوقعة أبرزها جائحة كورونا، وما سببته من اقتراحات برغبة وصلت في إحدى الجلسات إلى 22 اقتراحاً برغبة، وكثير منها اقتراحات بلدية.

لا يلام النائب، عليه ضغط من دائرته، ولكني لم أتوقع أن تكون الأمور بهذه الصورة، نحن بحاجة إلى جانب توعوي أكثر، وقد طالبت بأن يشرح للطالب بالمرحلة الإعدادية ماهي سلطات البحرين الثلاث؛ لأن كثيراً من الناس يهاجمون النواب إذا لم تعجبهم قرارات الحكومة، رغم أن المجلس لا يملك أداة لإيقاف القرارات الحكومية، نعم يمكنه استخدام أدوات سياسية للضغط.

- إسحاقي: حين ترشحنا وضعنا برنامجاً انتخابياً على ضوء ما تلمسناه من احتياجات، ولكن داخل المجلس اصطدمنا بواقع يدفعونا لنكون نواباً خدميين، أغلب المواطنين الذين يقصدون النواب مبعوثون من الوزارة، يقولون له: «إذا كنت تريد أن تنجز معاملتك فاذهب إلى نائب دائرتك»، ونضطر إلى الدخول في الأمور الخدمية، لأن هؤلاء المواطنين الذين انتخبونا وسيصوتون لنا بعد انتهاء الدورة الانتخابية.

كنت رئيس اللجنة المالية وكنا نناقش الموازنة العامة، ولم يأت مواطن يناقشني في موضوع الموازنة، كل من يأتيني يتحدث عن خدمات.

«الوطن»: ما مصلحة الوزارة في هذا العمل؟

- إسحاقي: يخفف استخدام الأدوات السياسية مع الوزير، كيف سأحاسبه وأنا قدمت له طلبات مواطنين لإنجازها، هناك مثل مصري «اطعم الفم.. تختشي العين».

هذه السياسة المتبعة مع النواب للأسف، نضطر إلى القيام بأدوار ثانية يفترض ألا نقوم بها، تخيل أن مواطناً أعطي موعداً بالمستشفى بعد سنتين، وقال لي: إنهم قالوا له تحدث مع نائبك لتقديمه، وحين تواصلت مع الوزارة صار موعده بعد شهر!

فضعف النائب من الناس، لأن الناس يصرون على تقديم أمورهم الخدمية.

«الوطن»: هل من الصحيح لوم المواطن؟!

- إسحاقي: السبب الأساسي هو الجهات الحكومية، والمواطن أمام حلين، إما أن يطلب محاسبة الوزير على هذا التصرف، وإما أنه يطلب تمضية معاملته فقط، فنحن نوجه من الناخبين.

«الوطن»: لنكن واقعيين، ألم يعد النواب المواطنين إبان الانتخابات بالأمور الخدمية كالإسكان والتوظيف؟

- إسحاقي: من السذاجة وعود الناخبين بهذه الأمور، والمواطن الواعي لا يصدق هذا الكلام، وهناك فرق بين من يعد بالسعي وبين من يعد بالتلبية، لقد وعدنا المواطنين برفع الوحدات السكنية وتوفير فرص عمل، ولم نعدهم بتوفير بيوت وتوظيف أبنائهم، النائب لن يقوى إذا لم يكن المواطنون مساندين.

«الوطن»: النائب محمد عيسى ذكر أنه لا يمكن مناقشة قرارات الحكومة، ألم يكن لكم موقف كمجلس 2014 حين تم رفع سعر النفط؟

- المعرفي: دور النائب في البرلمان محوري وأساسي، ترتبط به أمور كثيرة بدءًا بالتشريع، والتشريع ينقسم إلى أمور كثيرة لا تعد ولا تحصى.

رقابة عمل الحكومة والاتفاقيات التي تدار تحت قبة البرلمان والعمل الخارجي للحكومة، يجب أن يكون النائب دبلوماسياً في طرحه سواء كان مع الحكومة أو الناخبين.

فالجمهور سيأخذ برنامجه الانتخابي ويحاسبه، والمطلوب منه أن يرد على الناخبين من أهالي دائرته والمواطنين عموماً باعتباره ممثلا للبحرين. إذاً النائب لديه أدوات تفوق هذه الأمور الثلاثة، ولا نختلف في ضغط الشارع عليك للحصول على أمور خدمية، ولكن اختلف مع النائب إسحاقي في أن الحكومة هي من تدفع المواطنين لإضعاف دور النائب والمجلس.

«الوطن»: أنت كنت نائبا سابقا، ألم تمر عليك هذه الأمور؟

- المعرفي: هذه الأمور لم تمر علي، لم يأتني مواطن يقول: إن الوزارة أرسلته لي باعتباري مفتاح معاملته، لا أنكر أنني تقدمت بتوصيات لمواطنين لدى كثير من الوزارات، وتم الأخذ ببعضها.

- إسحاقي: اعتقد أن المعرفي يجمل الصورة، ربما هو كنائب لم يأته مواطن يدعي إرساله من قبل الوزارة، ولكن بالتأكيد أرسلوا مواطنين إلى غيره.

«الوطن»: لماذا تعتقد أن هذا الأمر نهج ينتهجه الوزير لإضعاف النواب، ولماذا لا يكون تصرفاً شخصياً من موظف يوجه المواطن؟

- إسحاقي: أنا متأكد أن المعرفي عانى في التعامل مع الوزراء، وإذا لم يعانِ فهو محظوظ، كل النواب الحاليين يعانون من ذات المشكلة.

- عيسى: لقد أثرت هذا الأمر باحدى الجلسات، وتساءلت إن كان من ضمن أوراق التقدم للوظيفة توصية من النائب. مكاتبنا أصبحت وزارة للعمل وديواناً للخدمة المدنية، والمواطنون أنفسهم قالوا لنا: إنه لا بد من توصية من النائب.

لا نختلف معكم في أن ذلك قد يكون تصرفا شخصيا من الموظف لخدمة المواطن، ولكن الوزارة بالتأكيد تعلم، لأنه يأخذ الخطاب من عندنا ويرفقه بطلب التوظيف.

- إسحاقي: لنترك التوظيف، ولنتحدث عن مثال الموعد الطبي، أليس المفترض أن تكون المواعيد طبقاً لنظام دقيق؟ فكيف يتم تقديمه بناء على توصية نائب؟ أنا كلمتهم لأني لم أكن أريد أن أعتذر للمواطن، وكنت أتوقع أن الوزارة تعتذر عن تلبية طلبي باعتباره أمرا غير قانوني، فهذا لا يمكن أن يكون تصرفاً فردياً من الموظف.

- المعرفي: أنا لا أجمل صورة أحد، ولكن إذا جاءني مواطن وطلب مني توصية ترفق بطلب التوظيف، فهذا لا يعني أنه سيتم توظيفه.

كنت رئيساً للجنة التحقيق في الأخطاء الطبية، ووصلنا إلى آلية توافقية مع الجهات الحكومية، لربما المواطن يستحق تخفيف مدة الانتظار، ولكن لا توجد لديه الوسيلة للوصول إلى المسؤولين، وأنت يا نائب أداة للوصول إلى المسؤولين لشرح ظرف أي مواطن.

«الوطن»: أليس الموعد الطبي يحدد بناء على وضع المريض؟

- المعرفي: أتمنى ألا ينظر إلي كمدافع عن وزارة الصحة، لقد اعترضت على بُعد المواعيد، ولكن لنأخذ الموضوع بحسن نية، النائب شخصية عامة وليس خاصة، لربما الوزراء يأخذون بتوصيتك نوعاً ما باعتبارك شخصية عامة.

- الحويحي: أثمن صراحة النواب على ذكر الإشكالية التي تواجههم، النائب متى ما وقف على باب الوزير فقد هيبته، فهو مطالب بالسكوت مادام تمت تلبية طلباته، وهذا مما يؤسف له.

يفهم من كلام النواب أنهم دخلوا المجلس ولا يعرفون «السالفة»، فيكتشفون الوضع بعد دخول المجلس، وإشكالية أن يقال هذا الكلام بعد أربعة فصول تشريعية، يفترض أن يكون هناك خبرة لدى النائب والناس. ويجب أن يدرك المرشح ما سيواجهه داخل مجلس النواب.

النقطة الأخرى، أن كثيراً من النواب يضعون برامج انتخابية، ويدخلون ولا يلتزمون بها، وهذه تعد سقطة كبيرة، عدم الالتزام بالبرامج الانتخابية.

«الوطن»: هل السبب عدم المعرفة، أم أن البرامج وضعت لجذب الناخبين؟

- الحويحي: البرامج وضعت من أجل جذب الناس، وهذا يعكس عدم معرفة بما سيواجهه داخل المجلس.

كما أنه لا توجد رؤية لدى المجلس في ما يريد أن يعمل خلال الأربع سنوات، ويفترض أن تكون هناك ملفات مطروحة، وأريد أن أدقق فيها.

«الوطن»: المجلس ليس كيانا واحداً، بل هم نواب تختلف توجهاتهم؟

- الحويحي: يفترض أن يتعاون النواب في وضع رؤية في ترتيب الملفات بحسب الأولوية، وبالتالي نحن إلى تقوية دور الكتل داخل مجلس النواب، فالعضو بمفرده لا يستطيع عمل شي، وهذا هو أساس العمل البرلماني في جميع دول العالم، يجب أن يعملوا ككتل تتعاون فيما بينها وتتبادل الأدوار، هذه تعطيها الفرصة لتكون لها قوة في مواجهة الحكومة، لكي لا يكون المجلس ضعيفاً.

وعلينا أن نتساءل، لماذا يذهب الناس إلى النائب ولا يذهبون إلى عضو المجلس البلدي؟، السبب برأيي أن قانون المجالس البلدية ضعيف؛ فالمجلس البلدي ليس له سلطة، نحتاج لمراجعة القانون لكي يذهب الناس إلى عضو المجلس البلدي بدلا من الذهاب إلى النائب.

«الوطن»: ما الذي يمنع النواب من تعديل القانون؟

- الحويحي: هذا سؤال يوجه للنواب، وخصوصاً أن أعضاء المجالس البلدية كرروا مطلبهم لمراجعة قانون البلديات باعتبارهم مهمشين بالقانون الحالي.

لنأخذ قضية التوظيف باعتبارها إحد المشكلات، أنا لست نائباً وأتلقى طلبات توظيف، ودور المجلس تحويل الموضوع إلى ملف، وفق المجلس في طرح ملف البطالة، ولكن ما النتيحة؟ يجب أن نكون جديين في طرح هذه المواضيع؛ لكي نحل مشكلة كل شعب البحرين، لا أن نحل مشكلة شخص.

مشكلات الإسكان والصحة وغيرها يجب أن تحل بشكل جماعي، دور المجلس ترجمة القضايا الفردية إلى ملف كامل يطرح بمجلس النواب، أعتقد أن المجلس يفتقد التنسيق، وهنا يأتي دور الكتل، فأنا لا أرى كتلاً بل عملاً فردياً.

«الوطن»: الحويحي ذكر أنه لا يرى كتلا بمجلس النواب، ما رأيك؟

- عيسى: هناك كتل.

«الوطن»: هو ذكر أنها ضعيفة وغير مؤثرة؟

- عيسى: بدأ الضعف بشكل كبير في الكتل والجمعيات داخل المجلس منذ مجلس 2010، وباتت الكتل التي تنشأ ضعيفة، بالمجلس السابق كان هناك عمل فردي قوي، ولكن لا يوجد برامج لكتل، لذلك لم أنضم إلى كتلة.

اجتمعنا مع بداية المجلس، ووجدنا أن 90% من الأفكار العامة متفق عليها، فلم لا نركز عليها ونترك ما هو مختلف عليه؟. لجنة البحرنة مشروع مجلس وهناك 10 أعضاء بهذه اللجنة، قدموا توصيات رفعت إلى الحكومة، والتنفيذ يأتي على الجانب الحكومي، ونحن كنواب لدينا قوانين لوضع قيود على توظيف الأجانب في الحكومة وبالقطاع الخاص، وبالفعل قل عدد الأجانب بالحكومة. كذلك لجنة الإسكان المختصة بعدالة التوزيع، وهي لجنة عامة أيضاً.

برنامجي الانتخابي وظفته في برنامج عمل الحكومة، مثلاً، ذكرت أنني سأطالب بزيادة الوحدات الإسكانية، وكانت الحكومة ذكرت في برنامج عملها أنها ستبني 15 ألف وحدة سكنية، وبالفعل تم رفعها إلى 25 ألفاً.

برنامج عمل الحكومة يعد بمثابة وضع ثقة للحكومة من مجلس النواب، والإشكالية فيه تتمثل في أنه لا يوجد ما يمنع الحكومة من مخالفته. وضعنا شرطاً في البرنامج ألا تمس المزايا التقاعدية، والآن مست المزايا، فلماذا وضعنا البرنامج، إذا لم تلتزم به الحكومة؟. البرنامج وثيقة تكون له حجة قانونية على الحكومة، لا أن تكتفي بالاحتجاج به على المجلس إذا قدمنا أموراً مخالفة له.

- الحويحي: لا يوجد دولة تعمل من دون برنامج، فهو دليل عمل تهتدي به، فإذا لم تلتزم الحكومة بما ألزمت نفسها به، فإن لديك أدواتك الرقابية التي تستطيع استخدامها لمحاسبتها.

لديكم إشكالية في موضوع الاستجواب، فالمجلس قبل السابق أسقط أهم أداة رقابية لدى مجلس النواب، وهي خطوة من أغرب الخطوات، ومسؤولية المجلس استعادة هذا الحق عبر استعادة المواد الأصلية في اللائحة الداخلية ليشعر الوزير بإمكانية محاسبته؛ فالوزير الآن لا يواجه أي قلق لأنه يعرف أنه لا يمكن توفير الثلثين لاستجوابه.

- عيسى: تقدمنا بتعديل لموضوع الاستجواب، فلا يمكن تمرير طلب الاستجواب بالثلثين وطرح الثقة بالثلثين، لذلك نرى أن أغلبية الحضور أمر منطقي.

مستحيل أن أخدم كنائب كل فرد من أفراد دائرتي، ولكن أن أعمل على ملفات تخدم البحرين كلها، فهذا ممكن، وبالتأكيد يستفيد أهالي دائرتي أيضا كما يستفيد إخوانهم من الدوائر الأخرى.

مشكلة بعض النواب أنه يبحث عن الإنجاز الخاص به، وهذا خلل كبير، يجب أن يكون النجاح للمجلس وليس لي كفرد.

- إسحاقي: أنا موجود في كتلة البحرين، كان الغرض رسم خارطة طريق مشتركة، ولكن حين بدأ العمل اتضح أن كل فرد منشغل بمشكلات دائرته، ولذلك لاحظنا تباين آراء أعضاء الكتلة، وهذا مقبول في الاجتماعات السرية للكتلة، لا في الجلسات العامة.

عند مناقشة الموازنة، كنت عضواً بكتلة البحرين التي بها 4 أعضاء، وقد أقرتها اللجنة المالية، ولكن بالجلسة العامة رفضها اثنان، وتذرعوا بضغط أهالي الدائرة. وهذا موجود عند كل الكتل.

«الوطن»: هل السبب أن الكتل تشكلت بالمجلس، وإذ كان الشخص يفوز لأنه ضمن هذه الكتلة، فيكون مديناً لتلك الكتلة؟

- إسحاقي: أنت تتحدث عن الجمعيات، ما هي الملفات الوطنية التي تبنتها الكتل التي أفرزتها الجمعيات ونجحت فيها؟ أليست مشكلات الإسكان والتوظيف والصحة منذ بدء المجلس؟ هل تم حلها؟ إذا هناك خلل، هل هو في الدستور أم في النواب.

- الحويحي: الدستور لا يمنع تشكيل كتل، المشكلة في النواب كيف يعملون بشكل جماعي، فأي عمل برلماني لا يكون بشكل جماعي لا يمكن أن ينجح.

ملفات البطالة والصحة والفساد يمكن التوافق عليها وطرحها أمام المجلس، ولكن المشكلة أن الأعضاء منشغلون بالمشكلات الفرعية على حساب القضايا الرئيسة، لذلك تكون النتائج ضعيفة.

قضية الكتل تجرني لأهمية تقوية دور الجمعيات السياسية، فيجب أن يكون لهم دور داخل مجلس النواب لكي يشكلوا كتلا متجانسة.

«الوطن»: خسارتهم بالانتخابات دليل على أنهم غير مرغوب فيهم، فمن المطلوب منه تقويتهم؟

- الحويحي: الجمعيات والمجتمع وحتى الدولة، الكتل متجانسة على المستوى الشخصي، ولكن على المستوى السياسي غير متناغمين.

- عيسى: العمل البرلماني عالمياً عمل كتل وأحزاب، ولكن تلك المجالس بها 400 أو 500 نائب، أما في البحرين فيمكن العمل منفرداً، باستثناء الاستجواب الذي لا يمكن ممارسته حتى لو كانت هناك كتل.

هناك كثير من الملفات التي تم التوافق عليها، وستجد أن ذات الأسماء هي التي اتفقت عليها.

الكويت قريبة منا، ولا يوجد بها نظام جمعيات سياسية وأحزاب، نحن بحاجة للتوافق على ملفات وطنية، لجنة البحرنة تم التصويت عليها بالإجماع، كذلك لجنة الإسكان، لماذا نذهب إلى ملفات مختلف عليها؟

- إسحاقي: لجنة البحرنة أصدرت 36 توصية، وحتى اليوم لم تنفذ ولا توصية، ما الأداة الثانية التي يمكن استخدامها؟.

«الوطن»: أليس مستغربا أنك لا تستطيع الحصول على أغلبية الثلثين لاستجواب الوزراء عن ملف مجمع عليه؟

- إسحاقي: لأننا سنصطدم بنفس الإشكالية الأولى، فالنائب يريد من الوزراء تلبية أهالي دائرته.

«الوطن»: هل يوجد تناغم بين أعضاء المجلس؟

- إسحاقي: لا أرى خلافات، ولكن هناك مصالح لنواب، فتجد نائبا يسرب للصحافة معلومات عن زميله، وهذا لا يلجأ له إلا النائب الضعيف.

- المعرفي: لا يختلف اثنان على أن الجمعيات السياسية كانت لها رؤية واضحة حين دخلت المجلس، وبعد تراجع الكتل ووصول المستقلين، تم التوافق على إنشاء كتل داخل المجلس.

مجلس 2014 يعد من المجالس التي زاد فيها عدد الكتل، توافقت على قراراتها، وتبنت مقترحات، لأن اختيار أفرادها كان دقيقاً وكانت ترفض دخول نواب في كتلها لأنه كانت لديها خطة.

الجمعيات كانت بمجلس 2014 لديها أسماء معلنة وأسماء غير معلنة، وكذلك كتلة التوافق كان بها 5 نواب معلنة أسماؤهم وسادس غير معلن اسمه، وكانت هناك آلية لاختيار أسماء رؤساء اللجان بالتوافق، كنا نجتمع كرؤساء كتل كل 3 أشهر.

«الوطن»: المثال الذي ذكرته هو توافقات على مناصب المجلس، وليس على الملفات والقوانين التي تهم المواطنين كالميزانية؟

- المعرفي: بالمجلس السابق وقفنا على تصويت واحد في أغلب الملفات على الرغم من اختلاف التوجهات، ولا أعتقد أن المجلس الحالي ينقصه ذلك، ولكن الظروف تغيرت بعد جائحة كورونا.

طبعاً، نتمنى وصول أعضاء الجمعيات السياسية؛ لأن أي مجلس بدون وجود أعضاء جمعيات سياسية يعد مجلساً ناقصاً، ولكن من الخطأ القول بوجوب دعم الجمعية السياسية، هي لديها رئيس وأعضاء ويفترض أن لديها رؤية يجب عليها أن تقنع الجمهور بها، أما إذا الجمهور لم يقتنع بالجمعيات السياسية، فالخلل في طريقة إيصال الرؤية للناس.والسؤال هنا، حول برنامج عمل الحكومة، لماذا لا نعدل الدستور لطرح إمكانية تعديل البرنامج إذا حلت جائحة كورونا، هل هناك مادة تلزم الحكومة ببرنامجها، وهل هناك مادة تلزمها بتقديم الموازنة في موعدها؟

لا بد من تعديل الدستور فيما يتعلق بالبرنامج والموازنة، وكذلك المقترحات برغبة، الحكومة نادراً ما توافق على الرغبات، لأن أغلبها لا يتوافق مع برنامج عملها، وإذا وافقت فلا يوجد ما يلزمها بتنفيذها.

لجان التحقيق والتوصيات التي تخرج منها، أليس المفترض أن تكون التوصيات ملزمة، فهي تمثل إرادة شعبية.

- الحويحي: المعرفي اعترف بأن عدم وجود الجمعيات نقص بالمجلس، ما يعني أن وجود الجمعيات السياسية ضروري؛ لأنه يشكل إضافة للعمل السياسي المبرمج والمنسجم.

أي عمل لا تحصل فيه لوبيات لا ينجح، يجب أن تكون الكتل منسجمة وملتزمة، وإلا لا فائدة منها إذا لم يحصل التزام.

يجب أن يكون للمجلس ملفات مثلما كان للبحرنة والإسكان، وإذا وضعوا ملفات وعملوا عليها، فسيشعر الناس بأن المجلس يقدم شيئاً.

«الوطن»: الرغبات أغلبها بلدية.. بجلسة الوزراء ذكرت الحكومة أن 4 مقترحات برغبة متحققة، إضافة إلى وجود رغبة لإيقاف قانون.. ما ردكم؟

- عيسى: إن كنت تقصد اقتراح الضريبة، فأنا من قدمته وأعرف أنه مخالف للقانون، قدمته لأستطيع التحدث بالجلسة قبل تنفيذ الضريبة بأسبوعين، استخدمت الاقتراح كأداة سياسية لمصلحة أريدها وهو الضغط سياسياً لكي يتحقق الأمر، ولأن المقترح بقانون سيحتاج إلى شهر على الأقل لكي يعرض بالجلسة.

أما بخصوص ردود الحكومة بوجود الاقتراحات برغبة متحققة، سأعطيك مثالاً على أحدها، طلبنا بالمجلس تأجيل الدراسة بسبب أزمة كورونا، وقد صدر القرار بتأجيل الدراسة بعد الجلسة مباشرة، أي أن الرغبة تحققت بعد أن قدمناها لا قبلها.

الحكومة ترد علينا بعد 6 أشهر، ولا ترد بأنه تم التنفيذ بناء على رغبتكم.

كذلك مقترح العدول عن التقاعد الاختياري لمن يرغب، قدمته، وتواصل معي المسؤولون وذكروا أنه سيتم تنفيذه، والآن يأتي الرد بأن الرغبة متحققة.

«الوطن»: ضمن حديثك ذكرت أن المجلس لا يستطيع إيقاف القرارات، ولكن القرارات الحكومية لا تصدر إلا بناء على قوانين، فهل من تفسير واضح؟

- عيسى: أغلب القوانين صدرت قبل المجلس، ونصوصها عامة وتعطي الوزير صلاحية بإصدار القرارات، الحكومة تنظر إليه من جانب الإسراع بوتيرة العمل، لأن الدورة التشريعية تأخذ وقتاً.

قانون الإسكان 5 مواد والقرارات من عشرات المواد. أما بخصوص الميزانية، فرفضت الميزانية العامة بسبب اعتمادها على النفط، إضافة إلى وجود جهات لا تدخل إيراداتها في الميزانية، كهيئة السياحة والبلديات وهيئة الكهرباء، فمن الطبيعي أن يحدث عجز في الموازنة.

«الوطن»: الحكومة ترد بأن الرغبات يتعذر تحقيقها لعدم الموازنة، فلم لا يتم تخصيص مبلغ لهذه الرغبات؟

- عيسى: لأننا سنواجه مشكلة أن الحكومة تقترض لأمور غير موجودة، ما يزيد عجز الموازنة.

إذن لنرجع إلى أصل الموضوع، أنت تعلم أنه لا توجد ميزانية لرغبتك، فلماذا تقدمها؟

- إسحاقي: هناك مبلغ احتياطي للموازنة.

- الحويحي: تمرير موازنات مع وجود إيرادات لا تدخل فيها أمر يدين المجلس والمجالس السابقة.

- عيسى: لدينا قانون من المجلس السابق لتعديل الموازنة، وقد تم الاختلاف عليه مرتين وأحيل إلى المجلس الوطني.

«الوطن»: الميزانية ستصلكم في مرحلة قد تكون الأسوا، ما استعداداتكم لها؟

- إسحاقي: ما هو أهم من الموازنة هو الحساب الختامي، الذي يعكس التزام الحكومة بالميزانية السابقة، أراهنكم أن الموازنة ستصل قبل الحساب الختامي لعام 2019، فكيف تريد مني أن أعتمد الموازنة، لا يوجد شيء يلزمهم بموعد تقديمها، مع أن الحكومة توقف سجلات الشركات إذا لم تقدم الحساب الختامي لها.

فأنا لا أعرف نسبة الصرف، ومع ذلك لا أستطيع تأجيل الموازنة.. الوضع عموما صعب بسبب جائحة كورونا، نسفت كل الأرقام التي كنا نأمل الوصول إليها في برنامج التوازن المالي، والحكومة حتى اليوم لا تستطيع تقدير حجم الضرر.

«الوطن»: كلامك يجرنا لسؤال، أنتم تجلسون مع المسؤولين ومطلعون على الوضع ولو كان بعناوين عريضة، ومع ذلك نرى مقترحات تكبد الدولة مصاريف، كفصل الهيئات والوزارات، ما تعليقكم؟

- إسحاقي: الحكومة أيضاً تفصل الهيئات وتنشئها، المقترح لا يكون إلا بناء على مشكلة يتلمسها النائب.

- عيسى: لعلك تشير بمقترح وزارة خاصة للتعليم العالي، السبب أن مخرجات التعليم فيها مشكلة، الطالب يتخرج من الثانوية غير مؤهل للجامعة، وبالتالي يتسرب من الجامعة، لذلك لا بد من الفصل لكي يكون التقييم مناسباً، كما أن الفصل من مقترحات هيئة ضمان الجودة، وكلفته محدودة جداً.

«الوطن»: كثير من النواب يمارس الظهور الإعلامي في الجلسات؟

- عيسى: أعطني مثالاً.

«الوطن»: حين يتحدث النائب بالجلسة ويتهم الوزير بالفساد في الجلسة، لماذا لا يستخدم أدواته بدلاً من كيل الاتهامات؟

- إسحاقي: لنعكسها، لماذا سكت الوزير؟

- عيسى: النائب الذي تشير إليه تقدم بطلب لجنة تحقيق ضد الوزير.

«الوطن»: هل لجنة التحقيق كانت في موضوع، واتهامات الفساد متعلقة بجهة أخرى يترأسها الوزير؟

- إسحاقي: لماذا سكت الوزير، ولماذا تم إزاحته من الجهة التي يترأسها؟

«الوطن»: لنترك هذا المثال، بعض النواب يعرض مشكلات المواطنين بالصحف، لماذا لا يستخدم أدواته؟

- إسحاقي: النواب يعرفون أن هذه ليست الأداة الصحيحة، ولكن أحد النواب مثلا تحدث بالإذاعة عن مشكلة، وتم حلها، هناك نواب طرحوا مشكلة بالصحف وجاءهم 3 وزراء لدائرتهم، وبالمجلس نتكلم ولا يأتينا أحد، الخلل في الوزير، إذ يستجيب لهجوم النواب بوسائل الإعلام.

«الوطن»: إذن نلغي مجلس النواب ونقوي الصحف؟

- عيسى: عملت 8 سنوات في برنامج صباح الخير يا بحرين، هناك نواب يخرجون معي مرتين بالأسبوع، ومباشرة يتم التواصل مع البرنامج لطلب بيانات المشكلة لحلها، ماذا يفعل النائب إذا تعذر عليه حل مشكلة المواطنين عبر المجلس!

المهم أن النائب عليه أن يعي أنه يمثل البحرين كلها، وأنه يعمل لكل البحرين، لا لأهالي دائرته فقط، لذلك اقترح توسيع الدوائر لكي يقل موضوع الخدمات، ليركز النائب في عمله بشكل أكبر.

أنا ممثل كمواطن، فإذا عبر المواطنون برفضهم موضوعاً، فلن أمرره حتى لو كنت مؤيداً له.

- الحويحي: من ضمن توصيات حوار التوافق الوطني 2011 المؤهل الجامعي للمترشح البرلماني وكان الهدف رفع أداء المجلس، لأننا وجدنا مستويات ضعيفة جداً، واقترحنا وجود المؤهل الجامعي لأن عضو مجلس النواب يتعامل مع الموازنات، وشرط القراءة والكتابة كان مقبولاً في السبعينيات، لكن اليوم لا.

وهذا لا يعد مصادرة لإرادة المواطنين لأنه يحقق مصلحة وطنية، فهو كشرط الجنسية البحرينية وألا يقل عمره عن 30 عاما.

عموماً العمل على شكل كتل سيكون أضمن لتحقيق نتائج أفضل، لأنه من السهل الاستفراد بالنواب لو لم يكونوا في كتل، ومن المهم أن يكون لدى الكتلة برنامج تتفق عليه وتنسق مع باقي الكتل، العملية تراكمية وسنصل إلى هذه المرحلة.

هناك كثير من الأدوار التي طرحت حول الدوائر الانتخابية.

- المعرفي: النواب يأتون من شرائح مجتمعية مختلفة، لا نهضم حق أصحاب الشهادات، ولكن نحن نعيش في مجتمع متباين مختلفة شرائحه، لربما البسيط يقدم ما هو مطلوب منه، وصاحب الشهادة لا يقدم ما هو مطلوب منه.