سماهر سيف اليزلأكد أطباء وخبراء أن سلامة المريض وتقديم الرعاية الكاملة له في المستشفيات العامة والخاصة هي أولوية، مشيرين إلى أن القانون في البحرين يضمن للمريض حقه بالكامل، كما أنه يعاقب المخطئ ويتخذ معه كل الإجراءات المفروضة.وأوضحوا في ندوة نظمتها "الوطن" بعنوان "الخطأ الطبي وآلية التعامل معه"، أن نسبة الخطأ الطبي في البحرين لسنة 2019 كانت 0.002% وهي نسبة لا تذكر، حيث إن الخطأ وارد في كل المجالات، كما أن الخطأ ليس محصوراً على الطبيب فقط كما هو سائد مجتمعياً، بل إن هناك أخطاء فنية، وأخطاء تقنية، وأخطاء صيدلانية، يمكن أن تحدث من الممرض أو المعالج أو حتى الطبيب الصيدلي.وطالب المنتدون بعدم مهاجمة الطبيب البحريني، أو المؤسسات الطبية قبل تبيان الحقائق، وصدور الأحكام النهائية، مشيرين إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة تثير المواضيع باستخدام عناوين إخبارية لاستجداء المشاهدات والتعاطف المجتمعي، مسيئين بذلك لصورة الطبيب البحريني وسمعته، ومشككين بقدرة النظام الطبي البحريني ورقابته، وخاصة أن نظام المراقبة والعقاب في البحرين يكفل للكل حقه.
ابتداءً تعرف رئيسة تنظيم المهن الصحية د. لينا محمد القاسم الخطأ الطبي بأنه "عدم اتخاذ جميع الوسائل التي يستطيعها الممارس الطبي لتشخيص أو علاج المريض، ومن الممكن أن يكون الخطأ الطبي نتيجة لجهل بالأمور الفنية، وقد يكون الممارس على علم بها ولم يطبقها، أو إهمال وتقصير في متابعة أو علاج المريض، ومن الممكن أن يكون الخطأ الطبي بتقديم علاجات غير معتمدة أو إجراء تجارب على المرضى، وهناك أنواع مختلفة للأخطاء الطبية".وعن كيفية تقييم الخطأ الطبي وإثباته ترى القاسم "أن الهيئة هي الجهة المنوط بها بالقانون التحقيق والنظر في الشكاوى والأخطاء الطبية، وتتلقى الهيئة الشكوى من عدة جهات، متمثلة في المرضى وأهلهم، والنيابة والمحاكم، ومن المؤسسات الطبية التي تحيل بعض الحالات التي تحدث بها، وتقوم الهيئة بتجميع الوثائق، والسجلات الطبية والاستماع لأقوال المريض أو أهله وجميع الطاقم الطبي الذين شاركوا في العلاج، ويتم النظر في التحاليل والأشعات المقدمة، وفي بعض الأحيان يتم استشارة بعض الخبراء في التخصص، في حال كان التخصص نادراً، ويتم من ثم تحديد نوع الخطأ أو أن ما حدث كان بسبب مضاعفات أخرى أو أمراض مزمنة، وفي هذه الحالات يكون الطبيب غير مساءل، حيث إن المطلوب من الطبيب هو بذل العناية وليس تحقيق النتيجة، وهناك خمس لجان للنظر في الخطأ الطبي، وهي لجنة للطب البشري، ولجنة لطب الأسنان، ولجنة التمريض ولجنة المهن المعاونة ولجنة للصيادلة، وذلك لأن الخطأ الطبي لا يقتصر على الطبيب فقط ، والخطأ يحدث من الممرض من المعالج ومن الصيدلاني. وفي حال ثبت الخطأ يتم إخطار الشخص وفي حال جاءت الحالة من المحكمة يحال التقرير لاتخاذ الإجراء المدني أو الجنائي، في حين تتخذ "نهرا" الإجراء التأديبي، ويكون بإنذار كتابي أو توقيف أو سحب للرخص بحسب جسامة المخالفة أو الخطأ.وعن دور المهن الطبية الصحية في كشف الخطأ علماً أن هناك لجنة في مستشفى السلمانية للتحقيق في الأخطاء الطبية تؤكد رئيسة تنظيم المهن الصحية "أن الهيئة هي الجهة الوحيدة في البحرين التي تقرر الخطأ وفقاً للقانون، وكل مؤسسة فيها لجان داخلية، وليست كل الأخطاء تصل للهيئة، وهناك أمور يحقق فيها المستشفى نفسه لتعديل النظام أو اتخاذ الإجراء لتصحيح وتفادي الأخطاء، أو بهدف تطوير جودة الخدمات.
وعن المفهوم القانوني للخطأ الطبي والأحكام العامة والعقوبات المفروضة في البحرين للأخطاء الطبية يقول المحامي فريد غازي إن قانون العقوبات لسنة 76 قد نظم عملية الخطأ عند حدوثه، والخطأ الذي يتسبب في الوفاة تكون عقوبته الحبس من 24 ساعة إلى 3 سنوات، ويكون الخيار للقاضي بالغرامة أو بالحبس أو أن يجمع بينهما، أما إذا كان الخطأ يتسبب في أذى سلامة جسم الغير فلا تتجاوز عقوبته مدة السنة بحسب المشرع البحريني.ويضيف غازي بالقول إن القانون يحتاج لجهة طبية تقطع بوجود خطأ، لذلك تقوم النيابة بأخذ رأي لجنة مختصة من "نهرا" أو من الأطباء الشرعيين بمجمع السلمانية والجرائم ثلاثة أنواع، مخالفات وجنح، وجنايات، والأخطاء الطبية في درجة الجنح، لا ترتقي للجنايات ويجب أن نفرق بين وجود سلطة الاتهام في النيابة العامة عندما توجه الاتهام لطبيب بأنه أخطأ وتطلب إحالته للمحكمة، فهو بريء حتى تثبت إدانته بحكم، وليس بقرار نيابة، فالنيابة تقرر أن هناك شبهة جنائية ومن يفصل في ذلك هو القضاء، وكثير من الأطباء يدانون في أول درجة ويبرؤون من الاستئناف ومن محكمة التمييز، فبالتالي الخطأ الطبي حتى بعد صدوره في حكم غير بات يكون قابلاً للنقض والتبرئة.والموضوع له بعد آخر -من وجهة نظر المحامي غازي- وهو تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، الذي أثر في العديد من القرارات من ضمنها ما يحدث من أخطاء طبية، وتدين وسائل التواصل الطبيب وتأتي الصحافة وتخطئ كذلك باستخدام اللغة الصحفية التي يكون القصد منه الإثارة، ولا شك أن مهنة الطب في البحرين تظلم بهذه الطريقة، والأخطاء الطبية ليست ظاهرة، بل هي حالات فردية تبرزها وسائل التواصل الاجتماعي والانفعالات من قبل المرضى والمصابين، ولكن من يقرر أن هذا الخطأ الطبي المثار هل هو فعلاً خطأ طبي أم أنه مجرد سوء فهم وأن المخطئ يجازى في أي مهنة كانت في البحرين.
السؤال: ما مدى الرقابة في المستشفيات الخاصة ومعايير توظيف الكوادر الطبية بها؟ رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور عبدالوهاب، يقول إن المعايير لا تختلف في المستشفى الخاص عن المستشفى الحكومي، وهي معايير موضوعة من قبل "نهرا" لتوظيف أي طبيب، ولا يمكن أن يتم تعيين الأطباء على مستوى أعلى من مستوى صدور رخصته، لأنه في حال تمت معاملته برتبة أعلى من رتبته الفعلية وحدث منه خطأ سيتم استجواب المستشفى، لذلك نحرص على احترام القواعد المفروضة من قبل "نهرا" كونها الجهة المنظمة.وفيما يتعلق بالرقابة في المستشفيات الخاصة يرى الدكتور عبدالوهاب "أن المستشفيات تخضع لرقابة الهيئة في المقام الأول، بالإضافة إلى وجود رقابة داخلية خاصة، وتمر المستشفيات الخاصة بمراحل للاعتراف بها وهي عملية مضنية وصعبة تشبه دخول الفرد للامتحان، وليس فيها أي تساهل، وحتى لو حاولنا تمويه الأمور لن يكون الأمر سهلاً لأن "نهرا" لنا بالمرصاد، وهم لهم مطلق الحرية لدخول المستشفيات ومحاورة العاملين بها، وفي حال حدوث أي خطأ لا يحصل المستشفى على الرقم المسموح للنجاح، وبالتالي الاعتراف والتفتيش على المستشفيات وعلى الصيدليات والأجنحة موجود بشكل دوري ومستمر والممارسات الخاطئة تكون بشكل فردي.لكن في حال حدوث خطأ طبي في المستشفيات الخاصة فما هي الإجراءات المتخذة بالنسبة إلى المستشفى وللكادر يجيب الدكتور عبدالوهاب بالقول: "إن المفهوم العام للأخطاء الطبية يلقي المسؤولية الأولى على الطبيب، وهو مفهوم خاطئ حيث إنه بحسب الترتيب الطبي تقع المسؤولية الأولى على الاستشاري كونه هو رئيس الفريق، ولا تكون هناك أي حركة أو تصرف للفريق التابع له دون أمر منه، وقانونياً ومهنياً المسؤول يكون الاستشاري، على عكس المفهوم السائد لدى المجتمع.ويقول أيضا: "تأخذ مشكلات الأخطاء الطبية كثيراً من الوقت لتحول الخطأ أو الإهمال الطبي لجنحة أو جناية، ولا يتم إثباتها بالسرعة المطلوبة، وفي النظام البحريني ليس هناك تشريح إلا في الحالات النادرة، ويكون الاعتماد على التشخيص السريري، وعلى الفحوصات والأشعة التي أجروها أو على خبرة الطبيب في تحليل سبب الوفاة، على عكس الدول الأخرى التي تعتمد على التشريح بشكل أساسي سواء كانت الوفاة طبيعية أو بسبب خطأ، لمعرفة وتحديد سبب الوفاة، وهذا ما يرفضه المجتمع البحريني والإسلامي بالعموم، لذلك قد لا يكون التشخيص المعتمد على الفحص السريري الأمثل والأكيد لمعرفة الخطأ أو تحديده"."كما أن العرف السائد والوضع الاجتماعي بالبحرين يمنع الطبيب من أن يدلي بكل التفاصيل المرضية للمريض، وذلك لخوف الأهل على حالته النفسية، أو حباً في طمأنته، ما يعيق الطبيب عن أن يكون بكامل أمانته الطبية أمام المريض، بالإضافة إلى أن توقعات الأفراد المعلقة على الطبيب تكون أكثر مما يمكن للطبيب تقديمه لهم، لذلك تزيد متاعب المرضى لارتفاع سقف توقعاتهم.ويضيف الدكتور عبد الوهاب: "من المهم توضيح أن الإجراءات تتم وفقاً للقوانين الموضوعة وعليه فإن ما يتم نشره وتداوله خاطئ فيما يتعلق بأن القضايا قد تضيع أو يحدث بها ظلم لأن الأطباء يحمي بعضهم بعضاً بسبب أن القضايا تعرض على لجان متخصصة وما إلى ذلك، وهو منافٍ للواقع، حيث إن المخطئ لا بد أن يعاقب، ولكن بحكم وجودنا في مجتمع صغير لا يمكن إعلان كل التفاصيل في الجرائد لعدم التسبب في ضرر على الطبيب وسمعته ومهنته، لذلك يتم اتخاذ العقوبات دون نشرها للتفاخر بها. والإجراءات المتخذة في المستشفيات الخاصة ليست أقل من الإجراءات المتخذة في المستشفيات الحكومية، وتعود لنهرا.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90