أكد باحثون في التاريخ أن حكم آل خليفة للزبارة وشبه جزيرة قطر قام على التنوع العلمي والسياسي والاقتصادي، مما جعلها منارة علمية شامخة في المنطقة، وميناء مزدهراً للتجارة، وحصناً آمناً طوال فترة حكمهم، مشيرين إلى أن حكم آل خليفة لاقى قبول كبار القبائل والعشائر والعوائل وكسب ولاءاتهم، وأن هناك العديد من الشواهد والوثائق لتي تؤكد ذلك.

وقال رئيس البحوث بمركز الوثائق التاريخية – مركز عيسى الثقافي راشد الجاسم إن بداية حكم آل خليفة واستقرارهم وتأسيس الدولة في الزبارة عام 1762، بقيادة الشيخ محمد بن خليفة العتبي، وكانت سياسة حكم آل خليفة وحكمهم تتمثل في توطيد الأمن، وتحصين الدولة، من خلال إنشاء قلعة صبحا عام 1768، وبدأت القبائل تتوافد إلى الزبارة ومبايعة آل خليفة، وبعد مرور عشرين سنة من استقرار آل خليفة في الزبارة تمكنوا من حكم شبه جزيرة قطر بشكل كامل، وخلال تلك الحقبة ساهمت سياسة آل خليفة في تحرير التجارة والإعفاء الضريبي على الصادرات والواردات في ازدهار ميناء الزبارة، والمساهمة في دور رؤوس الأموال وتنشيط الحركة التجارية، مما جعل منها أحد أهم الوجهات التجارية في الخليج العربي.

وأضاف الجاسم أن آل خليفة دعموا الحركة العلمية وأصبحت الزبارة حاضرة علمية وثقافية في المنطقة وتوجه لها العلماء من عدة بلدان، مما أزهر الحركة العلمية كذلك، كما دعم آل خليفة تأسيس المدارس العلمية وخصصوا الأوقاف عليها، وتحولت الزبارة لنموذج وحاضرة علمية وميناء مزدهر، وكان كل ذلك في بداية تأسيس الدولة وحكم آل خليفة لها.



وبعد فتح البحرين توسعت الدولة لتشمل شبه جزيرة قطر وجزر البحرين، أصبحت الزبارة هي العاصمة التاريخية لشبه جزيرة قطر وجزر البحرين في عام 1783، وفي عهد الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح انتقلت العاصمة من الزبارة إلى جزر البحرين، وأصبح آل خليفة يعينون ولاة من قبلهم على شبه جزيرة قطر، واستمر حكام البلاد في تعيين ممثلين من قبلهم على شبه جزيرة قطر من مختلف القبائل العربية في جزر البحرين أو في شبه جزيرة قطر.

من جانبه قال الباحث في التاريخ بمركز الوثائق التاريخية - مركز عيسى الثقافي يوسف عقيل، إن هجرة آل خليفة من الكويت كانت في عام 1762 بقيادة الشيخ محمد بن خليفة إلى الساحل الشمالي الغربي بشبه جزيرة قطر وتم تأسيس الزبارة التي تعتبر الدولة الأولى لآل خليفة.

وأضاف أن من أهم الشواهد بعد تأسيس الزبارة تأسيس قلعة "صبحا"، وهناك دلائل لبناء القلاع وهي أحد مظاهر تعزيز استقلالية الدولة، وهي من أحد الشواهد على وجود آل خليفة منذ عام 1762، مشيراً إلى أن بقايا قلعة "صبحا" كانت موجودة حتى ستينات القرن الماضي، بشهادة الكثير من البحرينيين والقطريين الذين كانوا يزورون الزبارة في ذلك الوقت، لكن تم الأمر بتسويتها بالأرض بأمر من أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني حاكم قطر آنذاك، ووصفها أحد المؤرخين بالخسارة التاريخية وخلال عشرين عاماً من استقرار آل خليفة في الزبارة أصبحت شبه جزيرة قطر تحت حكم آل خليفة.

واكد أنه ومنذ تأسيس الزبارة في عهد الشيخ محمد بن خليفة وما بعده والشيخ خليفة بن محمد "المؤسس" كما يطلق عليه، ازدهرت عدة أمور من أبرزها الاستقرار السياسي الذي حدث بشبه جزيرة قطر والذي أدى بدوره لازدهار رؤوس الأموال واستقطابها من الكويت والبصرة والإحساء، وأسهم ذلك إلى هجرة عدد من سكان البصرة والزبير والكويت في دلالة على قوة البيئة الصحية، وكان يقال قديماً "خراب البصرة وعمار الزبارة" كناية عن ما حدث أثناء انتشار وباء الطاعون الذي جعل عدداً كبيراً من سكان المناطق المجاورة ينزحون ويلجؤون للزبارة، لما كانت تنعم به من أمن صحي.

ومن الشواهد كذلك على حكم آل خليفة لشبه جزيرة قطر هو تعيين الولاة، أي الممثل عن الحاكم حيث تم تعيين عدد من الولاة وحتى عام 1937 واحتلال الزبارة من قبل آل ثاني.

واستمر حكم آل خليفة لإقليم الزبارة حتى احتلال الزبارة في عام ١٩٣٧وتهجير سكانها للبحرين، مضيفاً أن هناك عدداً من الوثائق تثبت ولاء القبائل الموجودة في الزبارة لآل خليفة وحكمهم، منها عائلة الكبيسي والنعيمي والبوكواري وغيرها من العوائل التي كانت موجودة حتى عام 1937، يؤكدون من خلالها تبعيتهم لآل خليفة، مشيراً إلى وجود الكثير من الوثائق التي تثبت تبعية الزبارة لآل خليفة حتى وإن احتلت من قبل قطر في 1937.