الثامن عشر من مارس هو يوم الشراكة المجتمعية والانتماء الوطني، وفي هذا الإطار ترأس الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الداخلية رئيس لجنة متابعة تنفيذ الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة "بحريننا، اجتماع اللجنة بحضور وزراء التربية والتعليم والعمل والتنمية الاجتماعية والصحة وشؤون الإعلام والشباب والرياضة ووكيل وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني لشؤون البلديات، في توقيت زمني مدروس يعكس ما تمثله الشراكة المجتمعية من قيمة كبيرة كونها أساسا في تعميق الانتماء الوطني.

وإذا كانت مبادرات الخطة الوطنية، وكما أوضح معالي وزير الداخلية، تم وضعها انطلاقاً من البرنامج الإصلاحي الشامل والرؤية الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وتأكيدا للاهتمام الدائم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد الأمين رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، بأن يكون تعزيز الهوية الوطنية، ضمن برنامج عمل الحكومة الموقرة وجزءاً أساسيا من ثقافة الأجيال القادمة. فإن وضعية الشراكة المجتمعية تتلاقى مع الانتماء الوطني عبر معادلات وخطوط كثيرة، فهي قيمة حضارية راقية تجسد وعي المجتمع البحريني في تحمله المسؤولية الوطنية بالشراكة مع الأجهزة الأمنية في المحافظة على أمن الوطن واستقراره، وتضافر الجهود الوطنية للمؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني والمواطنين والمقيمين كشركاء في تحقيق الاستقرار الأمني، تحت شعار "الأمن مسؤولية الجميع"، باعتباره الضامن لحماية الحقوق والحريات العامة، وركيزة أساسية للنهضة التنموية الشاملة والمستدامة.

وقد أبرز جلالة الملك المفدى هذه الرؤية الحكيمة في تأكيده أمام المجلس الوطني يوم ‏8 أكتوبر 2017‏: "أن أمن واستقرار البحرين لهو مرتبط على الدوام بتأهب ويقظة أهلها الكرام للدفاع عن ‏تماسكهم الاجتماعي ولحمتهم ‏الوطنية، القائمة على أسس ومبادئ التعايش والتسامح والتعددية، ‏وهي قيم تشكلت من خلالها ملامح مجتمعنا المدني ‏المتحضر، الذي طالما حمل للعالم رؤيته ‏الخاصة به في الاحترام الديني والتعايش السلمي والتقارب الحضاري، وهو أمر يجعل ‏للبحرين ‏صوتها المسموع ومكانتها الرفيعة على صعيد ترسيخ ونشر السلام وخدمة الإنسانية".‏



وأثبتت مملكة البحرين بفضل القيادة الحكيمة لجلالة الملك المفدى ودعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أن الشراكة المجتمعية نهج بحريني ثابت في تعزيز المسيرة التنموية وتجاوز التحديات، في ظل تمسك أبناء المجتمع البحريني بجميع مكوناته بالقيم والتقاليد الأصيلة، وروح الوحدة الوطنية، كثوابت راسخة ضمن مبادئ ميثاق العمل الوطني ونص دستور مملكة البحرين على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات العامة، وأن التعاون والأمن والطمأنينة دعامات أساسية للمجتمع.

وتمثل الشراكة المجتمعية والانتماء الوطني ركنًا أساسيًا في الاستراتيجية الأمنية العصرية، من خلال الالتزام بالمعايير الحقوقية والإنسانية، ومن ذلك تأدية الشرطة واجباتها الوطنية بمهنية واحترافية، في المحافظة على الأمن والنظام والسلامة العامة، وفرض القانون، وإنفاذ أحكامه بشفافية ونزاهة وتعاون بنَّاء مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والأمانة العامة للتظلمات ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، والتعامل مع أطياف المجتمع كافة بأسلوب حضاري وإنساني، وتنمية حسهم الأمني والوطني كشركاء في المحافظة على الأمن العام بمفهومه الشامل، كما تعتز البحرين بتعزيز المكتسبات الحقوقية من خلال عدد من القوانين، من بينها إصدار قانون العقوبات والتدابير البديلة رقم (18) لسنة 2017 وقانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة رقم (4) لسنة 2021، بما يواكب النظم الجنائية المعاصرة.

وتعزيزًا لمبدأ الشراكة المجتمعية الذي أصبح محورا أصيلا في العمل والأداء العام ، جاء تدشين الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة (بحريننا) بتاريخ 26 مارس 2019 لتكون إطارًا عامًا لعمل كافة الجهات في القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام من أجل تعزيز الانتماء وقيم المواطنة، حيث تم إنجاز أكثر من 100 مبادرة وطنية شاملة، منها 81% تم انجازها، باعتبار هذه المبادرات تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار الوطني وتعزيز التعايش بين جميع مكونات المجتمع، في إطار تماسك الجبهة الداخلية، والمحافظة على القيم والعادات والتقاليد الأصيلة لأبناء البحرين.

وفي ضوء هذه الروح الوطنية الجامعة والتعاون والثقة المتبادلة بين الشرطة والمواطنين والمقيمين، عززت مملكة البحرين من منجزاتها في الحفاظ على الأمن والأمان، وتقوية الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات الأمنية، ما انعكس على ترسيخ السلم الأهلي والاجتماعي، وبث الطمأنينة، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، ومواصلة شرطة خدمة المجتمع تقديم خدماتها النوعية الرائدة وتنفيذ برامج وطنية فعالة في مقدمتها "معا" لمكافحة العنف والإدمان.

وفي ظل التحديات العالمية التي فرضتها جائحة كورونا، نجحت مملكة البحرين في أن تقدم للعالم نموذجا مميزًا في مكافحة هذه الجائحة بفضل جهود فريق البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ومشاركة الكوادر الأمنية ضمن الخطوط الأمامية، وضمان التقيد بالإجراءات الاحترازية في تنظيم الدخول والخروج عبر المنافذ، وإلزام مرتادي الأماكن العامة والمحالّ الصناعية والتجارية بوضع كمَّـامات الوجه الوقائية، ودعم تطبيق (مجتمع واعي) في تتبع المخالطين والملتزمين بالحجر الصحي، وبدء المرحلة الثانية من مشروع الإسعاف الوطني، ودور الدفاع المدني في تنفيذ قرابة مائتي ألف عملية تعقيم للشوارع والأماكن العامة والمباني الحكومية والخاصة، وتعزيز ثقافة التطوع ضمن (منصة تسجيل المتطوعين)، وتدريبهم، ونشر الوعي المجتمعي باشتراطات الأمن والسلامة، وتوعية الجاليات الأجنبية بلغاتهم، وتمديد صلاحية تأشيرات الإقامة والزيارة، إلى جانب دورها الإنساني في نقل أعداد من العمالة الوافدة إلى مساكن مؤقتة، وتوفير احتياجاتهم من الوجبات الغذائية دعمًا لحملة "فينا خير" التي أطلقها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، وتدشين إدارة تنفيذ الأحكام لخدمة "فاعل خير" لصالح المعسرين والمتعثرين، وتسهيل الخدمات الأمنية المقدمة للمواطنين والمقيمين عبر توظيف التقنيات الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وتقديم الخدمات المتعلقة بالمرور والتأشيرات والجوازات والإقامة، في ظل تدشين معالي وزير الداخلية لخدمات جديدة ضمن حزمة إلكترونية متكاملة.

إن مملكة البحرين ماضية في إنجازاتها التنموية والأمنية بفضل حكمة صاحب الجلالة الملك المفدى وجهود الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ويقظة وكفاءة أجهزتها الأمنية، والتزامها بالقيم الإنسانية والحضارية في إطار مبدأ "الشراكة المجتمعية" والتمسك بقيم الوحدة والمواطنة الحقة، معززة من قدراتها على مواجهة التحديات والأزمات كافة، ما أكسبها مكانة دولية مرموقة.