اعتراف بريطاني بممارسة السيادة القضائية لصاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة

محرر الشؤون المحلية:

أكد قانونيون أن الدولة الخليفية وضعت أسس الدولة الحديثة بفرض التنظيمات الإدارية وبسط سيادتها على الزبارة، مبينين أن الوثائق التاريخية تؤكد أن صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة مارس سلطته القضائية في إقليم الزبارة.



وقالوا: «إن حكام الدولة مارسوا أعمال السيادة القضائية وكانوا المرجع الأعلى للقبائل في محيط الزبارة وفوضوا رؤساء القبائل لحسم المنازعات بين أفراد القبيلة».

وبينوا أن الدولة الخليفية حازت قصب السبق في المنطقة بإنشائها دائرة الأراضي وتنظيم عملية توثيق الأراضي بسن القانونين المنظمة.

من جانبها قالت المحامية لولوة الكعبي: «إن النظام الذي وضعه حكام الدولة الخليفية هو أحد ركائز ازدهار الزبارة فمع توفير نظام عدالة مجتمعية يسوده القانون أخذ إقليم الزبارة مكانة في المنطقة وتحول تدريجاً إلى إقليم يقوم على عمل مؤسسي كما هو المصطلح المستخدم حالياً».

وأضافت: «أن الخطة التطويرية لحكام الدولة الخليفية نظمت مراحل التقاضي فمن الاحتكام لزعيم القبيلة المفوض من الحاكم هناك درجة أعلى وهي العودة لحاكم البحرين في القضايا التي يتعذر حسمها بين أبناء القبيلة وهو ما يوفر ضمانه للخصوم».

وبينت الكعبي «تم في مراحل لاحقة تنظيم عملية تسجيل وتوثيق العقارات التي كانت تتم في المحاكم الشرعية أو عبر الصلاحية التي يمنحها الحاكم للعلماء الذي يتولون ذلك بحيث يختم الصك أو السند بختمه الخاص إلى أن انتقل الأمر إلى جهاز خاص مستقل باسم «دائرة الأراضي»».

وأوضحت: «أن الدولة الخليفية حازت قصب السبق في المنطقة بإنشائها دائرة الأراضي وتنظيم عملية توثيق الأراضي بسن قانون يضع الضوابط لتنظيم عملية التسجيل والتوثيق بما يحفظ حقوق جميع الأطراف».

وقالت: «إن القانون الصادر في العام 1929م تناول تنظيم عملية التسجيل العقاري للأراضي الموجودة في جزر البحرين وملحقاتها كالزبارة يؤكد أن السيادة الخليفية على الزبارة كانت تسير وفق نظام مدروس واستراتيجية تنظيمية إدارية تهدف لوضع لبنات النظام الحديث».

وقال المحامي هيثم بوغمار: «إن أي حكم يجب أن يولي القضاء أهمية خاصة فهو أحد عناصر السيادة وتطبيقه يضمن العدالة الاجتماعية ويحقق استقرار المجتمع وهو ما أسس له حكام الدولة الخليفية بوضع لبنة القضاء الأولى والتي تطورت فيما بعد إلى نظام مقنن».

وأضاف: «إن الوثائق التاريخية تؤكد أن السيادة القضائية في إقليم الزبارة تؤكد أن صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة مارس سلطته القضائية على إقليم الزبارة».

وتطرق بوغمار إلى الرسالة التي أرسلها المعتمد البريطاني في البحرين في 30 مارس عام 1937م للمقيم السياسي البريطاني والتي أكد فيها أن السيادة القضائية في إقليم الزبارة كانت لصاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة والذي امتد عهده 63 عاماً في الفترة من 1869م حتى عام 1932م.

وقال بوغمار: «إن تنظيم التوثيق العقاري أو ما عرف حينها بإدارة الأراضي له أهمية قصوى في تنظيم العلاقة بين أفراد المجتمع وحفظ الحقوق فإذا كان القضاء يحسم الخصومة بين الأفراد، فإن التوثيق العقاري يحفظ الحقوق ويحدد الملكيات والأوقاف منعاً للنزاعات».

وأضاف: «من واقع عملنا ندرك أن تنظيم المعاملات عبر نظام التوثيق العقاري له أهمية كبيرة وهي جزء من سيادة الحاكم وهو من صور العدالة التي يضمن بها حقوق مواطنيه».

وأشار بوغمار إلى أن الزبارة شهدت مرحلة ذهبية في عملية التنظيم الإداري تحت حكم الدولة الخليفية التي رسخت العدل بوضع نظام عدلي قائم الديمومة والتطوير.

وتطرق بوغمار إلى ما تضمنه فيلم الوطن الوثائقي من معلومات تاريخية تؤكد على النهضة وعملية التنظيم الإداري التي وضعتها الدولة الخليفية في تلك الفترة لتنظيم العلاقة بين أفراد المجتمع.

من جانبها قالت المحامية سهى الخزرجي: «إن شبه جزيرة قطر والزبارة تحديداً لم تأخذ المكانة التاريخية التي اشتهرت بها إلا حين كانت تحت سيادة الدولة الخليفية وشهدت التطور العمراني والاجتماعي».

وأضافت: «أن النهضة التي تحققت في الزبارة استدعت مرحلة أخرى من التطوير وهي سن التشريعات وتنظيم المعاملات إدارياً بين الأفراد ووضع أسس للفصل في حال المنازعات». وبينت: «إن تاريخ المنطقة يشهد للدولة الخليفية وسيادتها على الزبارة، وأن حكام الدولة مارسوا أعمال السيادة القضائية في إطار عدة صور منها وضع نظام قضائي وتفويض رؤساء القبائل بالزبارة في حسم المنازعات والفصل في الخلافات بين أفراد القبيلة مع الاحتفاظ بمرجعية حاكم الدولة كمرجع أعلى للسلطة القضائية في حال تعذر حل النزاعات، وهو ما كان يتناسب مع تلك المرحلة التي كان تتبنى أحكام العرف القبلي»، وأشارت إلى أن نهج الدولة الخليفية القائم على الانفتاح والتسامح المذهبي والقبول والتعددية كان له الأثر الكبير في حالة الاستقرار التي شهدها إقليم الزبارة في تلك المرحلة. وقالت الخزرجي: «إن التوسع الجغرافي والإداري لأعمال الدول الخليفية استدعى تنظيم العمل الإداري ووضع ضوابط تناسب المرحلة ومن ذلك ما تم من انتقال تسجيل الأملاك العقارية من قضاة وعلماء الشرع إلى دائرة دائرة الأراضي أو ما يطلق عليه اليوم التسجيل العقاري. وهو ما استدعى إصدار قانون شامل لتنظيم عملية التسجيل العقاري في جميع أراضي الدولة بجزر البحرين وملحقاتها كالزبارة عام 1929م. مع بدايات تأسيس مؤسسات الدولة الحديثة في البلاد»، وتطرقت الخزرجي إلى مراحل التطوير التي قامت بها الدولة الخليفية وإلى رؤية صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة التطويرية التي حققت نهضة إدارية حكومية الشاملة في البحرين وتوابعها.

وقالت: «من أبرز ملامح الرؤية التطويرية للدولة الخليفية استحداث دائرة التسجيل العقاري أو ما أطلق عليه حنيها «دائرة الأراضي» في عام 1924م والتي صدر بتنظيمها قانون ينظم عمل القطاع».

من جهتها أكدت المحامية زهرة الجسر أن النظام القضائي من أهم مظاهر السيادة في أي دولة كونه الحامي لمصالح أفراد المجتمع. وقالت: «إن حكام الدولة الخليفية أسسوا نظاماً قضائياً وقد ترافق مع تأسيس القضاء إيجاد آلية لتسجيل الأراضي والوقفيات التي كانت أبرز القضايا المجتمعية في وقتها، ثم مع التوسع في عملية التنظيم تم تفويض العلماء بتولي عملية تسجيل الأوقاف والملكيات ومع أخذ العمل الإداري في الزبارة شكل ممنهج كان لابد من تطوير العمل الإداري وفصل عملية تسجيل العقارات عن العمل القضائي لإعطاء القضاة المساحة الخاصة بمباشرة الخصومات وتنظيم عملية الأوقاف التي وهو ما استدعى إنشاء دائرة الأراضي أو ما يعرف حالياً بإدارة التسجيل العقاري ولم يكن ذلك ليحدث إلا من خلال سلطة حاكمة لتوفر هذه الضمانة للمجتمع».

وتطرقت إلى ما قام به سمو الشيخ حمد بن الشيخ عيسى بن علي آل خليفة ولي العهد نائب الحاكم وقتئذ، بمواصلة الجهود لتأسيس دائرة التسجيل العقاري، حيث قام في 27 أبريل 1925م، بتخصيص ميزانية تتراوح بين 20 ألفاً إلى 50 ألف روبية لتطوير تسجيل الأراضي في البلاد. فتحول تسجيل الأملاك العقارية من قضاة وعلماء الشرع إلى دائرة التسجيل العقاري «دائرة الأراضي».