محرر الشؤون المحلية

أكدت عائلات بحرينية أن أسلافها قد انضموا تحت لواء حكام الدولة الخليفية في أثناء حكمهم إقليم الزبارة، إيماناً منهم بأن الدولة الخليفية كانت تمتلك رؤية إستراتيجية لمستقبل الإقليم.



وقالوا: «إن الدولة الخليفية قد صنعت نموذجاً اقتصادياً فريداً في الزبارة جذب كثيراً من القبائل للإقامة تحت سيادة حكام الدولة الخليفية».

وأضافوا أن «حكام الدولة الخليفية كوَّنوا قاعدة قوية لإنشاء دولة حديثة اعتمدت على توفير الأمن الاجتماعي والاقتصادي وبناء شبكة علاقات سياسية قوية».

ويقول رجل الأعمال عبدالله الكبيسي: «إن والدي كان دائماً ما يسرد لنا تاريخ حقبة حكم الدولة الخليفية للزبارة، ويذكرنا بالتاريخ الخاص بقبيلة الكبسة التي كانت تقطن شبه جزيرة قطر وانضموا تحت سيادة حكام آل خليفة على الزبارة وقتها، لما أبدوه من حكمة في تأسيس وإدارة دولة عصرية، وكان دائماً ما يفخر بتَمكُّن حكام الدولة الخليفية من إنشاء نظام حديث للمخازن والمستودعات وتفريغ وتحميل السفن بأسرع وقت ممكن، أو ما يعرف حالياً بالخدمات اللوجستية، مشيراً إلى أن إنشاء القناة المائية الخاصة بقلعة صبحا أحد صور النهضة العمرانية التي لم تكن متوافرة في ذلك الوقت.

وأوضح الكبيسي أن التقدم الاقتصادي الذي أحدثته الدولة الخليفية في الزبارة من تيسير سبل التجارة الدولية وتأمين حركة الملاحة البحرية ساعد على ازدهار الزبارة في فترة زمنية وجيزة، لاستقبالها البضائع من الهند وإفريقيا وتوزيعها على باقي سكان شبه جزيرة قطر والمنطقة الشرقية في السعودية، الأمر الذي شجع التجار على اتخاذ الزبارة مركزاً لأعمالهم في إعادة التصدير والاستيراد.

وبين الكبيسي أن هذا التطور والازدهار كان أحد الأسباب الرئيسة التي كانت وراء إذعان القبائل لحكمهم، مشيراً إلى أن من يملك هذه النظرة التطويرية وحقق هذه التنمية لا شك بأن قيادته ستكون مكسباً للجميع.

ازدهار الزبارة

ولفت الكبيسي إلى النظام القانوني الذي رسخه حكام الدولة الخليفية في الزبارة، والذي انعكس إيجاباً على كامل شبه جزيرة قطر، حيث تميزت الزبارة بوجود نظم قانونية ومتابعة إدارية وفرض السلطة الأمنية لتطبيق تلك القوانين، ولذلك وجد التجار الأمن في الزبارة على تجارتهم فأقاموا فيها.

وقال: «إن والده كان دائماً ما يردد ذلك بقوله إن الأمان والخدمات والمواصلات والتخزين والقانون، تمثل العوامل الرئيسة لنجاح التجارة واستقطاب رؤوس الأموال، وهو ما فطن إليه حكام آل خليفة عند تأسيس دولتهم، مضيفاً: «عندما قرر حكام آل خليفة نقل مقر الحكم إلى البحرين، قررت نسبة كبيرة من قبيلة الكبسة الانتقال معهم».

وتطرق الكبيسي إلى أن قبيلة الكبسة جميعهم كانوا موالين لحكام الدولة الخليفية في الزبارة، مشيراً إلى ما ذكره والده بأن جدهم الأكبر مبارك بن هاشل الكبيسي كان من القوات العسكرية التي تم تكليفها من قبل صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة في قصر الثغب إبان تواجدهم في الزبارة، وانتقل معهم إلى البحرين.

إنشاء مقومات المنطقة التجارية الحديثة بالزبارة

وبين الباحث في شأن المنطقة السياسي محمد يوسف الكواري أن قبيلة البوكوارة مع عدد من القبائل تبعوا حكم آل خليفة في الزبارة، وتوالت القبائل في الانضمام للقيادة الخليفية، ويرجع ذلك إلى أن حكام الدولة الخليفية كونوا قيادة سياسية وأمنية واقتصادية.

وأوضح الكواري أن التجار بدؤوا بعد ذلك الانتقال من شرق شبه جزيرة قطر إلى شمالها في إقليم الزبارة، نظراً إلى ما يتمتع به الإقليم من مقومات المنطقة التجارية الحديثة.

من جانب آخر قال مدير الإدارة القانونية بالمحكمة الدستورية سابقاً والأستاذ بجامعة المملكة الدكتور محمد الكواري: «إن الحقائق التي وردت في وثائقيات الوطن تعد معلومات مهمة حول تاريخ المنطقة وجهود الدولة الخليفية في تعمير الزبارة وصناعة طفرة اقتصادية بها».

وقال: «إن كثيرين ممن كتبوا في تاريخ المنطقة لم يتناولوا تاريخ نهضة المنطقة بإسهاب، ولم يسلطوا الضوء على محطات مهمة لعبت فيها الدولة الخليفية دوراً محورياً في صياغة تاريخ المنطقة».

وأضاف: «سلطت الأفلام الوثائقية التي نشرتها صحيفة الوطن الضوء على النهضة الحضارية التي بنتها الدولة الخليفية في إقليم الزبارة، وبينت أن صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة مارس سلطته القضائية في إقليم الزبارة، وتم إصدار تشريعات وتنظيمات خاصة بدائرة الأراضي «التسجيل العقاري».

شواهد على النهضة

من جانبه، تطرق محمد الوزان إلى ما شهدته الزبارة من ازدهار تجاري وعلمي، وكيف صارت الزبارة في عهد حكام آل خليفة محط أنظار الجميع.

وقال: «إن جدي الكبير الشيخ محمد الحسيني إمام أحد المساجد في إقليم الزبارة والذي كان أحد المعاصرين لحكم الدولة الخليفية فيها انتقل إلى البحرين مع انتقال حكام الدولة الخليفية، وقام بتأسيس حالة «بني أنس» التي يطلق عليها اليوم «الحورة»، وذلك على اسم ابنه أنس محمد الحسيني، وسكنوا فيها، وقال: «إن الدولة الخليفية بنت في الزبارة نهضة حقيقية من صروح وشواهد مازالت معالمها باقية إلى اليوم».

حقائق تاريخية مهمة أسست قيام الدولة

من جانبه، أوضح الدكتور شمسان المناعي أن الدولة الخليفية استطاعت إقامة نهضة تنموية في إقليم الزبارة، وتمكن حكام آل خليفة من جمع القبائل والأسر على حكمهم، وأخذت الحركة التجارية في الازدهار بفضل ما وضعه حكام الدولة الخليفية من أسس لإقامة الدولة.

وأضاف المناعي قائلاً: «من المتفق عليه عند المؤرخين، وهو وفق ما سمعت من الأجداد وممن يسردون التاريخ، أن حكام آل خليفة قد بسطوا نفوذهم على الزبارة وأقاموا دولة هناك بدأت بالسلطة القضائية وامتدت لتشمل جزر البحرين وكامل شبه جزيرة قطر، حيث كانت السلطة القضائية بمثابة الحكومة التي يرجع إليها الناس وتمثل الحاكم، وفيما كانت بعض القبائل تمتهن الغوص والصيد بدأت الدولة الخليفية تحويل الزبارة محطة تجارية مهمة في المنطقة».

وأوضح أن الزبارة كانت تعتبر منطقة «ترانزيت» بالتسمية المعاصرة، حيث تأتيها السفن ثم تتوقف في البحرين وتتجه بعد ذلك إلى أوروبا، ولذلك اتسع النشاط الاقتصادي والتجاري في الزبارة ليشمل كامل شبه جزيرة قطر وجزر البحرين.

وأكد المناعي أن النشاط التجاري في الزبارة در أرباحاً لخزانة الدولة، وانعكس إيجاباً على سكان الزبارة، وجعل قبائل أخرى تفضل العيش في الزبارة. وقال: «إن معالم قلاع حكام الدولة الخليفية وحصونهم كانت موجودة في شبه جزيرة قطر، وتحديداً في الزبارة، ومهما حاولوا إزالة هذه المعالم فإن هناك وثائق تاريخية تؤكد قيام الدولة المدنية على يد حكام الدولة الخليفية في الزبارة».

وتطرق المناعي إلى أن جدته لوالده كانت تعيش في قرية «بو ظلوف» التابعة لسيادة الدولة الخليفية في شبه جزيرة قطر وتزوجها جده النوخذة شمسان، وكان أبوها إمام مسجد في القرية، وعندما كبر في السن جاء إلى البحرين وسكن عند ولده في قلالي التي كانت معقلاً للمنانعة ومازالت حتى اليوم.